رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

حبايب مصر!

سنة ١٩٥٦، أثناء العدوان الثلاثي علي مصر، صدحت المطربة "اللبنانية" نجاح سلام بأغنية (يا أغلي اسم في الوجود) لأول مرة.. الأغنية كلمات الشاعر إسماعيل الحبروك وتلحين الموسيقار محمد الموجي الذي قامت المملكة العربية السعودية "مشكورة" بتكريم اسمه مؤخرًا.. بعد ساعات قليلة من اندلاع حرب أكتوبر سنة ١٩٧٣، توجهت المطربة "الجزائرية" وردة والشاعر عبدالرحيم منصور بصحبة الموسيقار بليغ حمدي إلي مبني الإذاعة المصرية ليقدموا رائعة الروائع الحماسية وأيقونة الأغاني الوطنية "حلوة بلادي" الأغنية التي كان لها بالغ الأثر علي عموم المصريين مقاتلين ومواطنين، لم يقل أحد لنجاح سلام سنة ٥٦ انتي لبنانية، اذهبي وغني للبنان ولا تغني لبلدنا، ولا هم منعوا وردة الجزائرية في٧٣ من الغناء لمصر كونها غير مصرية! سنة ١٩٦٣ لحّنَ الموسيقار "المصري" محمد فوزي النشيد الوطني للجزائر بطلب من أشقائنا هناك، لا فوزي رفض التلحين، ولا الجزائريون اعترضوا! في أواسط السبعينيات قدمت الإذاعة أغنية اسمها حبايب مصر، كتبها الشاعر مصطفي الضمراني ولحنها الموسيقار حلمي بكر وغنتها المطربة عُليّا التونسية، هزت الأغنية كيان المصريين ولامست وجدانهم ولم تكن مطربتها مصرية، فالسيدة عُليّا واسمها الحقيقي "بيّة بنت بشير بن الهادي الرحّال"، هي مطربة تونسية جاءت إلي مصر بناءً علي نصيحة السيدة أم كلثوم لها خلال تواجدها في تونس سنة ١٩٦٨، لإحياء عدة حفلات غنائية هناك لصالح المجهود الحربي.. استمعت إليها فأعجبت بصوتها وسألتها (ليه ماتجربيش حظك في مصر؟) . لم تكن عُليّا التونسية أو وردة الجزائرية ومن قبلهما نجاح سلّام اللبنانية هن فقط من كتب الله لهن النجاح في مصر، فهناك العشرات من المطربين والمطربات اتخذوا من بلدنا معبرًا لهم إلي عالم الشهرة، أكرمتهم مصر فأحبوها، وتغنوا باسمها وشكروها!
القائمة طويلة تضم عشرات الأسماء ويراد لسردها مقالات، وليس مقالًا واحدًا محدود الكلمات!  فريد الأطرش وفايزة أحمد، وديع الصافي وفهد بلان، عزيزة جلال وميادة الحناوي، نانسي عجرم وأصالة، راغب والجسمي وكاظم وغيرهم وغيرهن الكثير ... ولعل هذا هو ما جعلني اليوم مندهشًا من استياء البعض وانتقاده، وإظهار تحفظه أوامتعاضه من تكريم بلد عربي شقيق لبعض رموزنا الفنية! كنت قد قلت في مقال سابق إن أي نجاح يتحقق لأي دولة عربية هو رصيد جديد مضاف لأرصدة الأمة كلها من الإنجازات والنجاحات، وها أنا اليوم أقول "فن العرب للعرب".. إذا كرم أهلنا في المملكة فنانًا مصريًا فهذا من حقهم كوننا أمة واحدة، ومن حق الفنان المصري أن يكرّم في كل الأقطار العربية! 
حفظ الله بلدنا وأعز قائدنا ونصرنا.