رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

عودة سوريا للجامعة العربية.. خبير سوري يكشف لـ"الدستور" سيناريوهات الفترة المقبلة

سوريا
سوريا

قال محمد كمال الجفا الباحث والخبير العسكري السوري، إنه كما هو متوقع من خلال الحراك السياسي المكثف الذي شهدته الاجتماعات المكوكية بين عواصم الدول المعنية والزيارات المكوكية بين دمشق والعواصم العربية أصدر مجلس الجامعة العربية قرار بعودة سوريا الى شغل مقعدها في الجامعة العربية بعد تعليق استمر لأكثر من اثني عشر عاما.

وأضاف الجفا فى تصريحات خاصة لـ"الدستور"، أن التصريحات الإيجابية التي رافقت هذا الحراك السياسي وإصرار بعض الدول على عودة سوريا إلى الجامعة العربية لا تعني أن الحرب انتهت وأن كل التناقضات التي رافقت سنوات الحرب ومواقف الدول العربية المتناقضة قد تم إزالتها بل هناك مرحلة شاقة وطويلة من العمل المضنى والشاق لتقطيب الجروح السورية التي حفرت عميقا في جسد سوريا أرضًا وشعبًا.

وحول المنعكسات الايجابية التي ممكن أن تنعكس على حياة السوريين من خلال هذه العودة المنتظرة منذ سنوات، قال الجفا إن شروط العودة التي وضعت ضمن مفردات القرار يعني أن الطريق شاق ووعر وليس معبدا بالورود لكن لا شيء مستحيل.

وتابع الجفا: "الجدران العالية التي راكمتها سنوات الحرب مع الدولة السورية قد اتخذ قرار بتحطيمها وإزالتها لمصلحة السوريين أولًا وكل شعوب المنطقة لأن شظايا الحرب السورية قد أصابتهم".

وأضاف الجفا أن سوريا المثخنة بجراحها تحتاج لجهود جبارة لكي تتعافى تدريجيا وتحتاج لجهود مضنية من قبل الجميع وتحتاج لوساطة عربية بنوايا جيدة ونحتاج لجهود جبارة في اعادة الثقة بين السوريين انفسهم، قبل ان تتم المصالحات فيما بينهم وان تتحطم الجدران العالية التي تتمرس خلفها المكونات السياسية، ونحتاج للإجماع الوطني على قضايا مهمة واستراتيجية فيما بيننا، إن كان في تحديد مستقبل الاجيال القادمة من السوريين التي ولدت ونمت وترعرعت خلال سنوات الأزمة أو أن كان في لملمة جراح الجميع.

وأشار الجفا إلى أن عودة سوريا إلى إشغال مقعدها في الجامعة العربية وضع له خارطة طريق على مبدأ سياسة الخطوة خطوة وبالتالي لن يبدأ الحل السحري فورًا بتدفق مليارات إعادة الإعمار في القريب العاجل فالكل مطلوب منه بذل الجهود المضنية والمتلاحقة لبدء حوار سياسي داخلي أولًا وأخيرًا وللبدء في وضع خارطة طريق للتسويات الكبرى ولابد من سن قوانين وتشريعات جديدة وتقديم تضحيات جبارة من قبل الجميع كما في الجزائر بعد أن أقرت قانون الوئام المدني وقانون التسوية الذي خرج منه جميع الجزائريون على مبدأ رابح رابح بعد عشريتهم السوداء الدامية.

وأكد الجفا أنه في الميدان العسكري وبالرغم من كل التضحيات التي سطرها أبناء الجيش العربي السوري ومن خلفهم الجزء الاكبر من السوريين كان له الفضل في الوصول إلى هذا الانجاز الكبير ليس فقط للسوريين بل لكل العرب، لأن البدائل كارثية في المناطق التي خرجت عن سلطة الدولة السورية والتي تتنازعها فصائل ومليشيات إرهابية متعددة الاتجاهات والمشارب والولاءات، كما أن المناطق التي تحتلها القوات الامريكية وقسد تشكل الخطر الاستراتيجي الأكبر على دول المنطقة بأكملها لأن لها أهدافا تقسيمية تهدد أمن كل بلدان المنطقة، وستكون لو قوض لها النجاح كيان صهيوني جديد في جسد الأمة العربية والمنطقة. 

وأوضح الجفا أن هذه الحرب أثبتت أن تماسك المؤسسة العسكرية هو الأساس الذي حمى كيان الدولة السورية وكما حافظ الجيش المصري على الكيان والدولة المصرية من الوقوع في براثن الإخوان والمتطرفين حمى الجيش السوري تراب سوري بالرغم من أنه حارب أكثر من 80 دولة اجتمعت وأنفقت المليارات لإسقاط سوريا وهويتها وهذا باعترافهم وليس كلام قيل في الإعلام السوري. 

وأكد الجفا أن سوريا كما العرب يريدون تجاوز للماضي وفتح صفحة جديدة في العلاقات الثنائية بين سوريا وعدد من الدول العربية وشعوبها الطيبة التي لم تترك السوريين بكل مكوناتهم خلال سنوات المحن التي عاشوها وبالتالي نحن امام مرحلة جديدة مختلفة كليا عن ظلمات السنوات السابقة.

وأوضح الجفا أن مزيدا من السفارات سيتم فتحها ومزيدا من رحلات الطيران من وإلى المطارات السورية ومزيدًا من السياح العرب والأجانب سيعودون لزيارة سوريا وبالتالي مزيد من أموال السوريين والعرب ستعود بالخير على عجلة الاقتصاد السوري.

وتابع الجفا "نحن بدأنا بالخروج من النفق المظلم وفتحت ابواب جديدة وفتحت آمال جديدة لإمكانية إغلاق سنوات العشرية السوداء بالرغم من كل الألغام والمطبات التي ستعترض هذه المسيرة الطويلة وعلى الجميع ألا يشعر بالانكسار أو الظلم، وعودة سوريا وتعافيها لا تعني أن هناك رابح وخاسر بل جميعنا خسرنا عندما دمرنا وطننا بأيدينا وجميعنا رابح عندما ننهي هذه الحرب بمساعدة اشقائنا العرب والذي يتحملون مسؤولية كبرى في اعادة تقطيب جروح السوريين بكل مكوناتهم".

ولفت الجفا إلى أنه بالسياسة تبدأ الحروب وبالسياسة تنتهي الحروب وعلى الجميع استغلال الظروف والنوايا الطيبة التي بدأت تتسرب الى داخل اروقة القرار في العالم العربي والتي سيكون لها دور كبير ومؤثر في ترسيخ مصالحة تاريخية بين السوريين.

الجفا: صبر السوريين وتحملهم للويلات هي التي أوصلتهم الى هذه اللحظة التاريخية

وأكد الجفا أن صبر السوريين وتحملهم للويلات هي التي اوصلتهم الى هذه اللحظة التاريخية واعلان عودة سوريا رسميًا الى الجامعة العربية يعني أن حكومة الجمهورية العربية السورية هي الطرف الرسمي الوحيد في الحل القادم و أن التفاوض الأساسي على هيكلية الحل النهائي للأزمة ومرحلة إعادة الاعمار يمر عبر الحكومة الشرعية للجمهورية العربية السورية فقط لا غير بعد أن كانت بعض الدول العربية تتعامل مع فريق واحد ومكون واحد و أن الحرب في سوريا هي حرب أهلية بين أفرقاء متنازعين وليست حرب حكومة شرعية ضد مجاميع إرهابية من كل دول العالم تنشط على أراضيها.

ولفت الجفا إلى أنه على المستوى العربي هذا القرار يعني أن الدول العربية بدأت تخط طريقًا مستقلًا لسياساتها التي تخدم قضايا شعوبها ولم تعد تنفذ سياسات واملاءات دول كبرى تفرض عليها مخططات وحروب لا ناقة لها ولا جمل كما حدث في بداية الربيع العربية.

وتابع الجفا "نعم هناك أمل بأن العرب أصبحوا في مرحلة من الجرأة على سن سياسات خاصة بهم وبدولهم وبشعوبهم وليس بناء على اوامر واملاءات غربية وأمريكية".

وأكد الجفا أن القرار العربي هو قرار جريء ومتقدم وقابل للتطور والانتقال الى اتخاذ قرارات مصيرية ليس فقط ما يتعلق بسوريا بل بإمكان العرب أن يكونوا مؤثرين وليسوا متأثرين في تطورات الأحداث الإقليمية والدولية وأن بإمكانهم امتلاك ناصية القرار بكل القضايا الهامة والاستراتيجية التي تتعلق بالأمن القومي العربي ومستقبل هذه المنطقة المهمة من العالم.