رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مخطط دولة دارفور ضد مصر

ما يحدث في السودان يهدف إلى مخطط قيام دولة دارفور، تلك الدولة ستكون البوابة التي يتم التحكم فيها ‏بعلاقة مصر بإفريقيا، أو بالأحري التي من خلالها سيتم عزل مصر عن إفريقيا.

تبلغ ‏مساحة دارفور حوالي (510,888) كيلومتر مربع، أي ما يعادل خمس مساحة ‏السودان وضعف مساحة مصر، ويشكل الإقليم نقطة تماس مع ما يعرف بالحزام ‏الفرنكفوني (تشاد، النيجر، إفريقيا الوسطى، الكاميرون) وهي الدول التي كانت ‏تحكمها فرنسا أثناء عهد الاستعمار، تنقسم القبائل في دارفور إلى "مجموعات ‏القبائل المستقرة" في المناطق الريفية مثل: "الفور" و"المساليت" و"الزغاوة"، ‏و"الداجو" و"التنجر" و"التامة"، إضافة إلى "مجموعات القبائل الرحل" التي ‏تتنقل من مكان لآخر، ووفدت للمنطقة مثل: "أبالة" و"زيلات" و"محاميد" ‏و"مهريه" و"بني حسين" و"الرزيقات" و"المعالية". ‏

دار فور تحدها من الشمال ليبيا، ومن الغرب تشاد، ومن الجنوب الغربي جمهورية ‏إفريقيا الوسطى، ومن الجنوب نهر بحر العرب‎ ‎وشمال غرب بحر الغزال، ومن ‏الشرق كثبان كردفان، ومن الشمال الشرقي الإقليم الشمالي، فإقليم دارفور غني ‏اقتصاديًا بالكثير من الموارد والثروات، وعلي الرأس المعادن المتمثل في الذهب ‏واليورانيوم‏‎ ‎والصمغ العربي،‎ ‎فضلًا عن القطن‎ ‎والتبغ‎ ‎والقمح‎ ‎والذرة‎ ‎‏وغيرها من ‏المحاصيل الأخرى بجانب ثروة حيوانية ضخمة قوامها الإبل والغنم والبقر.‏

وبالنظر إلى جغرافية المكان وثرواته نستطيع تحديد أهداف المخطط ضد مصر، ‏فموقع الإقليم جغرافيًا يجعله البوابة الجنوبية الغربية المتصلة بإفريقيا وثرواته تجعله ‏مطمعًا لموطئ أقدام الكثير من قوي الاستعمار التي تبحث عن طوق النجاة من ‏الحصار البريكسي "دول البريكسي" ضدها،.

في يناير الماضي 2023، أعرب وزير الخارجية المصري، سامح شكري عن ‏استعداد بلاده للتعاون مع المجتمع الدولي من أجل استضافة مركز عالمي لتوريد ‏وتخزين الحبوب، بما يسهم في مواجهة أزمة الغذاء العالمية، جاء ذلك في كلمة ‏للوزير المصري خلال الاجتماع الوزاري لمؤتمر "صوت الجنوب" تحت الرئاسة ‏الهندية لمجموعة العشرين، وفي بداية أبريل الجاري قال نائب وزير الخارجية ‏الروسي، سيرغي فيرشينين إن جميع الشروط تنطبق على مصر لتصبح مركزًا ‏للحبوب الروسية في منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا، وأثناء ذلك كانت قد قررت ‏مصر الانسحاب من اتفاقية تجارة الحبوب الأممية، التي وقعت عليها ضمن 35 ‏دولة في عام 1995. وأخطرت مصر الأمين العام للأمم المتحدة، في فبراير ‏الماضي  بنيتها الانسحاب من الاتفاقية اعتبارًا من نهاية يونيو القادم، تلك ‏الاتفاقية تخدم الأهداف الاقتصادية للاتحاد الأوربي والولايات المتحدة الأمريكية ‏وانسحاب مصر منها مع إعلان روسيا بإمكانية أن تصبح مصر مركزًا لتوزيع ‏الحبوب في الشرق الأوسط وإفريقيا، كل ذلك تزامن مع إعلان مصر الانضمام ‏لصندوق التنمية الجديد "بريكس" تمهيدًا لانضمامها إلي تحالف بريكس رسميًا ‏وهذا يعني  الكثير والكثير للنظام العالمي القائم حاليًا، لأن مصر تمثل المرتكز ‏الجغرافي للقارات الثلاث، لذلك تسعي إليها كل القوي الكبرى التي ترغب في تصدر ‏أو التواجد في المشهد عالميًا في المستقبل، فقفزها من السفينة الأمريكية يعني بكل ‏وضوع المساهمة بقوة في غرق تلك السفينة على الأقل في إفريقيا والشرق ‏الأوسط، وهذا ما تحاول الآن القوي الاستعمارية الغربية بقيادة أمريكا والغرب منع ‏حدوثه، عن طريق تطويق مصر لمحاولة تحيدها على الأقل من التواجد داخل دول ‏البريكس الذي سيستخدم طريق الحرير الصيني البرمائي للتواجد في كل قارات ‏العالم ومرتكزه القوي في مصر، والذي سيسهم في عزل أمريكا عن اليابسة ‏والرمي بها ما وراء البحار.‏

وهنا مخطط دولة دارفور الجاري بشأنها الأحداث الآن في العالم، فقيام تلك الدولة ‏وتواجدها تحت النفوذ الأمريكي الغربي، يعني خنق مصر وقطع طرق الأمداد بينها ‏وبين إفريقيا والشرق الأوسط، بل وفتح بوابة مشتعلة علي حدودها  ‏الجنوبية الغربية، وهنا المواجهة بين أمريكا والغرب من جهة وبين الصين ومعها روسيا ‏ودول البريكس من جهة أخري، والهدف الأهم من المخطط أيضًا هو الاستيلاء ‏علي ثروات الذهب واليورانيوم اللذين هما أهم وأفضل المعادن في العالم، ومن ‏يحوز عليهما يتمتع بمقدار من القوة العسكرية والاقتصادية في النظام العالمي ‏متعدد الأقطاب الذي شارف علي التواجد، فالذهب هو المخزون والغطاء للتعاملات ‏التجارية في القريب العاجل، واليورانيوم هو الذي يدخل في الكثير من الصناعات الثقيلة، ومنها الأسلحة العسكرية ‏الذرية والنووية، مع تصميم محطات ومفاعل التوليد النووي، هنا مخطط قيام دولة ‏دارفور  ضد مصر.