رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

رسالة الإمام

أطل علينا الممثل  الشاب خالد النبوي هذا العام بشكل جديد من خلال دوره الذي يعد  نقطة فاصلة في تاريخه الفني حينما جسد شخصية الإمام الشافعي.
اختفت من المائدة الرمضانية على مدار العشر سنوات الأخيرة الدراما التاريخية أو الدينية ربما لضخامة الإنتاج وربما لعدم وجود نصوص مبسطة ومعدة للتجسيد ببساطة لتصل لقلوب المشاهدين  تعيد لأذهاننا صورة المتدين المثالي وليس بالصورة التي اعتدنا أن نراها على الشاشات.
كالذي تجحظ عيناه عندما يتحدث مع العامة أو ممن يزدري المرأة ويراها فتنة وخليفة الشيطان على الأرض يتعامل معها كسلعة أو أداة للمتعة.
وفق المخرج السوري الليث حجو  في اختيار أبطال عمله لا سيما بطل العمل خالد النبوي.
تابعت على فترات متقطعة حلقات من مسلسل رسالة الإمام استوقفني  مشهد  راق لي عندما استوقفته فتاة، تسأله هل يمكنها الانضمام للصلاة وللدروس؟.. ما لفت نظري حقًا أنه أجابها  وعلى وجهه ابتسامة لا تفارقه ليست ابتسامة مصطنعة وإنما تشعر أنها بشاشة  حفرت في قسماته..
أخبرها دون أن يحاول النظر إليها  أن انضمي إلينا لا ضير في ذلك واستأذنها وغادر لحلقة الذكر أو الدرس الديني.!!
قد يعدو مشهدًا عابرًا لكني أراه مشهدًا معاصرًا  به من السماحة والمرونة ما نفتقده هذه الأيام.
هناك بعض الأئمة الذين يرفضون رفضًا قاطعًا  وجود السيدات في المساجد.. استنادًا  لبعض التفاسير والأحاديث.
اختلف معهم ليس بهدف المعارضة وإنما لأننا معشر النساء نكون في أمس الحاجة للتطهر، البعد عن صخب المنزل، عن الاعتياد،  عن روتين حياتنا.
لذا نجد الصلاة في المسجد نجاة ومنفذًا للتنفيس عن الهموم.

فرصة لغسيل الأرواح والغرق في طمأنينة المكان التي لم ولن تكون حكرًا على جنس دون الآخر.!!
تعرض المسلسل لسلسلة هجوم كبيرة خفتت بمرور الوقت ربما لأن أتباع باقي الأئمة الأربعة يتابعون المسلسل بتربص، ربما كانوا وراء هذه الادعاءات،التي لم تؤثر على العمل ولا نسب مشاهدته.
يعد الإمام الشافعي من أفضل الأئمة وأحد أهم علماء الإسلام الكبار، عاش في القرن الثاني الهجري، حيث ولد في بلاد الشام 150 هجرية الموافق لسنة 767 ميلادية، توفي عام 204 هجرية عام 820 ميلادية.
اسمه بالكامل أبوعبدالله محمد بن إدريس الشافعي، اشتهر باسم شيخ الإسلام، كما أنه  يعد أحد أهم الأئمة الأربعة المشهورين مؤسس علم أصول الفقه، علم التفسير وعلم الحديث. 
عمل قاضيًا، فعرف بالعدل والذكاء، كما أنه كان  شاعرًا فصيحًا وأديبًا. 
ترك  خلفه العديد من المؤلفات والكتب الفقهية والأقوال والحكم.
أشهر أقواله "لا ترفع سعرك فيردك الله إلى ثمنك، إذا تخلى الناس عنك في كرب فاعلم أن الله يريد أن يتولى أمرك، لا تعطِ رأيك لإنسان لم يطلب رأيك لأنك إذا فعلت لن يفيده رأيك".
وغيرها من المقولات والحكم التي جرت العادة على ترديدها، واتخاذها دستورًا وقاعدة  في الحياة.!!
ربما قربه من العامة وانغماسه في همومهم هو سر تعلق الناس به .. لأننا في زمن انعدمت فيه القدوة الصادقة..
وهذا ما أرق الآخرين من إعادة تسليط الضوء على هذا النموذج المشرق والمشرف من رموز الدين  الإسلامي السمح.
ذكرني الجدل الدائر بخصوص المسلسل  بأحد الشيوخ الأفاضل عندما جاءه تساؤل عبر الفضائيات يخبره بنيته في الصوم عن شخص توفي ليجيب بلا تردد ألا تفعل ..!
كل ما عليك فعله هو الدعاء فقط.!!
لن يقبل الله أي صدقات أو محاولات صيام أيام عن المتوفي.
في حين قال آخر برفق لا أستطيع أن أجزم بشيء لكن سأخبرك بشيء.
أمرنا الله بسد دين العباد للمتوفي، ما بالك بدين رب العباد أليس أولى بالسداد.!!
في النهاية تعتبر المعاملات الحياتية والدينية قابلة للتأويل مادام لم ينزل بحقها نص قرآني صريح.
وهذا ما فعله الإمام الشافعي حيث كان عنوانًا للدين الحنيف السمح متخذًا مقولة الدين يسر وليس عسرًا قاعدة له.. مما حبب فيه الجميع وزاد من جماهيريته.
وهذا سر حب الناس له والاعتزاز بكتبه وترديد رسائله وتداول حكمه..
يظل مسلسل رسالة الإمام نقطة فارقة في تاريخ الدراما المصرية وأعتقد أنه لن يكون الأخير وسيتم عرض العديد من النماذج التي تستحق أن تكون خير صورة لديننا الحنيف.
رسالة الإمام مسلسل من إنتاج الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية، بطولة خالد النبوي وأروى جودة ونضال الشافعي وغيرهم من نجوم الدراما العربية وإخراج السوري الليث حجو.