رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

بعد خلاف «كليمونت» و«بونابرت» في «سره الباتع».. هكذا تعامل المصريون مع علماء الحملة الفرنسية

سره الباتع
سره الباتع

شهدت أحداث الحلقة 21 من مسلسل "سره الباتع" الذي يخوض سباق دراما رمضان لعام 2023، العديد من الأحداث ومن بينها طلب "نابليون بونابرت" الذي يلعب دوره الفنان أيمن الشيوي، من العالم الفرنسي "كليمونت" ويجسد دوره الفنان حسين فهمي، العودة إلى فرنسا، بعدما رفض الأخير التعرف على حامد من وسط الفلاحين الذين تم القبض عليهم، معبرا عن اعتراضه على سياسات الحملة الفرنسية مع الشعب المصري.

وبحسب كتاب "تاريخ الترجمة في مصر في عهد الحملة الفرنسية" للدكتور جمال الدين الشيال؛ فإن نابليون بونابرت منذ أن جاء بحملته الشهيرة إلى مصر يواجه الكثير من الصعاب، وكانت اللغة من أبرزها، إذ كان نابليون يسعى إلى تأسيس حكومة جديدة، ولم يكن على درايةٍ بلغة الشعوب العربية وثقافتهم، فكان لزاما عليه أن يأتي بمن يستطيع ترجمة أوامره ومنشوراته إلى اللغة العربية حتى يتيسر له التواصل مع طوائف الشعبِ المصريِ كافَة، فأدى ذلك إلى رواج حركة الترجمة في مصر، وقَد اعتمدت الحملة في بداية الأمر على المترجمين الفرنسيين المهتمين بعلوم الشرق، ثم على المترجمين السوريين لما لهم من مقدرة كبيرة على التحدث بلغات متعددة، كالعربية والفرنسية والتركية، وقد لعب كل هؤلاء المترجمين دورا كبيرا في إثراء الحياة الثقافية في مصر في تلك الآونة.

وكشف الكتاب، أن الحملة الفرنسية نجحت من الناحية الحربية، ولكنه كان نجاحا وقتيا لم يلبث أن انكشف عن صعوبات جديدة، يقوم بها عصبة من الأعداء: إذ لم يكن من اليسير أن تتنازل فلول المماليك عن غنيمتهم بهذه السرعة، ولم يكن من السهل أن يترك السلطان مصر - درة تاجه - للفرنسيين دون أن يناضل في سبيلها - ولو بجهد المقل - ولم يكن من الجائز عقلًا في شريعة إنجلترا أن تلقي لفرنسا الحبل على الغارب تستولي على هذا الشريان الذي يصل بين قلبها وبين أطراف الإمبراطورية في الشرق، ولم يكن من المقبول أخيرًا لدى سكان مصر أن يضع هؤلاء الفرنج أيديهم على بلادهم، وهم هؤلاء الكفرة الذين يشربون الخمر، ويراقصون النساء، ويرتكبون المنكر عيانًا، وهم الذين يقيدون من حرياتهم يومًا بعد يوم فيمنعونهم الدفن في منازلهم، ويأمرونهم بكنس الشوارع ورشها وإنارتها ليلًا، ويهدمون أبواب حاراتهم، ويزيلون أسقف أسواقهم، ويسجلون مواليدهم وموتاهم، ويفرضون عليهم الضرائب… إلخ، وثارت هذه القوى جميعًا ضد الفرنسيين، ولكلٍّ بغيتها وأمنيتها، وظلت الحملة الفرنسية سنوات ثلاثًا تناضل نضالًا عنيفًا حتى عجزت فخضعت ثم خرجت.

وتابع: غير أن فريقا آخر من رجال الحملة نجح نجاحًا مشكورًا في مهمته التي أُلقيت على عاتقه، ذلك هو فريق العلماء المرافقين للحملة، فقد كان الجنود يحاربون ويناضلون في الصحراء، وفي المدن، وفي القرى، وهؤلاء العلماء عاكفون على أبحاثهم وآلاتهم وكتبهم، يدرسون تربة مصر، ونباتاتها، وحيوانها، وطيرها، ونيلها، ومعادنها، وطرقها، وأسواقها، وصناعاتها، ومجتمعاتها، وآثارها… إلخ، ثم يسجلون في دفاترهم نتائج أبحاثهم هذه كلها، لتكون الرصيد المختزن للمؤلف العظيم الذي يضعونه عن مصر بعد خروج الحملة، وهو كتاب "وصف مصر"، وكان الناس في مصر يشاهدون هؤلاء الفرنسيين يتنقلون في القرى والمدن يقلبون أنظارهم في كل شيء ويُخضعون كل ما يرون ويشاهدون لبحثهم وآلاتهم، ويسألون ويقيدون، فلفت أنظارهم هذا الفضول، ولكنهم لم يلبثوا أن انصرفوا عن هؤلاء الفضوليين وجذبتهم شئون حياتهم الخاصة.

 

وأضاف: هذا كان موقف عامة مصر من علماء الحملة، أما موقف علماء مصر فكان مغايرًا لهذا، فقد اتصلت الأسباب بينهم وبين رجال الحملة بعد أن هدأت المعارك الأولى وأسفرت عن فرار المماليك الذين كانوا سوط عذاب مشهرًا على المصريين منذ أمد طويل، فهم من جانبهم رأوا أن حماتهم قد تخلوا عنهم وفروا هاربين، ونابليون من جانبه كان يرى كما قال في مذكراته أنه لكي يسوس «هؤلاء الناس — أي المصريين — لا بد من وسطاء يسعون بيننا وبينهم، وكان لا بد أن نقيم عليهم رؤساء وإلا أقاموا رؤساءهم بأنفسهم، وقد فضلت العلماء وفقهاء الشريعة؛ لأنهم: أولًا كانوا كذلك — أي رؤساء بطبيعتهم — وثانيًا لأنهم كانوا مفسري القرآن، ومعروف أن أكبر العقبات تنشأ عن أفكار دينية، وثالثًا لأن للعلماء خلقًا لينًا، ولأنهم — دون نزاع — أكثر أهل البلاد فضيلة، لا يعرفون كيف يركبون حصانًا، ولا قبل لهم بأي عمل حربي، وقد أفدت منهم كثيرًا، واتخذت منهم سبيلًا للتفاهم مع الشعب، وألَّفت منهم الديوان».

سره الباتع

مسلسل "سره الباتع" مأخوذ عن قصة قصيرة تحمل نفس الاسم للأديب الراحل يوسف إدريس ضمن مجموعته القصصية الشهيرة "حادث شرف" التي نشرت للمرة الأولى في يناير 1958 وتتكون من 7 قصص، ويدور حول زمنين متوازيين دراميًا؛ الأول العصر الحاضر، أما الثاني فهو عصر الحملة الفرنسية على مصر عام 1798، ويشارك فى بطولته أكثر من 60 ممثلًا وممثلة من مختلف الأجيال، أبرزهم: أحمد فهمي، ريم مصطفى، أحمد السعدني، حنان مطاوع، حسين فهمي، نجلاء بدر، عمرو عبدالجليل، صلاح عبدالله، هالة صدقى، وأحمد عبدالعزيز.

 

ويشارك أيضًا فى بطولة المسلسل كل من أحمد وفيق، منه فضالي، محمود قابيل، عايدة رياض، خالد سرحان، مصطفى درويش، علاء حسني، ناهد رشدي، أيمن عزب، أيمن الشيوي، مفيد عاشور، مجدي فكري، محمد الصاوي، ميسرة، صبري عبدالمنعم، عمر زهران، خالد طلعت، شريف حلمي، محمود عزت، عفاف مصطفى، وهايدي سليم.