رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الكتيبة 101

أبدًا.. لن يمكنك القول إن ما شاهدناه في مسلسل الكتيبة 101 محض خيال، أكتب هذه المقدمة المستفزة كي أقطع الطريق على من يحاول باستسهال أو بقصد أن يهيل التراب على هذا المسلسل، الذي نجح بامتياز في خطف انتباه المشاهدين، المسلسل الذي اعتمد على أحداث من الواقع هو شهادة فنية رفيعة المستوى تدين القبح والجهل وفساد الأدمغة، وربما من فرط واقعيته تخيل البعض أن هناك تزايد في العمل أو كما يحب البعض أن يسميها "أفورة"، ولكن تأتي مقاطع الفيديو الحقيقية في نهاية الحلقة لتلطم المشاهد بأن الواقع الذي جرى في الحرب ضد الإرهاب كان فوق الخيال، حيث التلغيم والتفجير والقنص، الواقع الذي جرى يقول بوضوح إن ما شهدته سيناء يمكن وصفه بالملحمة مكتملة الأركان، ومن المؤكد أن خيال أشطر كاتب سيناريو ما كان له أن يصل إلى الحد الذي رأيناه. 
خذ عندك مثلًا.. عندما هرب الإرهابي تاركاً خلفه ابنته الوحيدة التي سقطت من على الموتوسيكل ليواصل الجبان هروبه.
مسلسل الكتيبة 101 يأتي ضمن سلسلة تابعناها باهتمام مجسدة في مسلسل الاختيار.. وفي ظني لولا تصدي الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية لمثل تلك النوعية من الأعمال ما كان أبدا أن يتصدى لها أحد، نحن نتكلم عن تاريخ قريب وأحداث عايشناها ومن زخم تفاصيلها كدنا أن ننساها، لذلك أنا متحمس لتلك النوعية من الأعمال الفنية التي ستعيش طويلًا.
وتأتي أهمية المسلسل أيضًا من تخليد أسماء أبطال حقيقيين وهبوا الوطن أعمارهم فكان حقًا لهم الخلود، وعلى سبيل المثال ‏"مها أبوقريع" وقد أفرد المسلسل لها مساحة جيدة هي أول سيدة قتلت ع يد ‏أنصار بيت المقدس في 2015، بعد أن تم اختطافها من منزلها، وبعد يوم تم إلقاء جثمانها أمام منزلها.
ومها أبوقريع لم تدفع الثمن وحدها فهي أم لخمسة أبناء أكبرهم 11 عاماً وأصغرهم عامين، وسبق أن اختطف الإرهابيون نجلها الأكبر وتعذيبه على أيدي التنظيم قبل مقتل والدته وإلقائه بمقابر مدينة رفح.
‏⁧‫هذه الصور البشعة عشناها وعندما نتذكرها نعرف أن مسلسل الكتيبة 101 مثلما يوثق بطولة أبناءنا فهو يوثق أيضًا العار والخسة والندالة التي عاش بها المتأسلمون التكفيريون، بطولات رجال الشرطة والجيش المصري في حربه ضد الإرهاب والتكفيريين محفوظة بعناية في وجدان كل صاحب قلب سليم، والمسلسل الذي يرصد قصة بطولات الجيش المصري بالعريش اختار الكتيبة 101؛ لأنها تصدت لهجمات إرهابية منتظمة واستطاع الجيش المصري التصدي لها وإحباطها.
فنيًا اعتمد المسلسل على براعة آسر ياسين صاحب الكاريزما الجديدة على الشاشة، كما اعتمد مخرج العمل محمد سلامة على عدد كبير من النجوم مثل عمرو يوسف، وفتحي عبدالوهاب، أحمد صلاح حسني، وفاء عامر، وكلهم أجادوا واجتهدوا بشكل لافت.
وبما أن هذه النوعية من الأعمال الدرامية صارت شبه ثابتة معنا في الخريطة الرمضانية فإنني أجد أنه من المهم البدء في هذه الأعمال مبكرًا، ولتكن بعد بداية شهر رمضان مباشرة، فكلما استوى العمل على نار هادئة سوف نحصل بالتأكيد على وجبة فنية ناضجة.. كل التحية لفريق العمل وننتظر المزيد.