رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

دمجهم وتمكينهم.. بدل من العطف عليهم

قرأت، مؤخراً، مطالبة المستشار عبدالوهاب عبدالرازق (رئيس مجلس الشيوخ) خلال مناقشة طلبات بشأن حصول الأشخاص ذوى الإعاقة على حقوقهم التى كفلها لهم الدستور والقانون  بضرورة وجود تعديل قانونى يقر بعقوبة لمن لا يلتزم بتعيين نسبة الـ5%.

معرفة تحديات الأشخاص ذوى الإعاقة لا تحتاج إلى دراسات ولجان، لأنها معروفة ومعلنة للجميع. وكتبت فيها مئات الأبحاث والتقارير.

التحدى الرئيسى ليس الالتزام بتعيين نسبة الـ5%، ولكن الأهم هو مدى فاعلية عمل الـ5% فى عمل الشركات والمؤسسات التى يتعامل غالبيتها العظمى معهم باعتبارهم عمالة زائدة لا تأثير لها ولا ضرر من استبعادها وعدم وجودها. وهو ما يجعلنى أكتب أن ما يحدث لهم فى سوق العمل هو حاجة يرثى لها. ولا أنسى ما سمعته من أحدهم أنهم عمالة فاسدة تزيد من المصروفات والالتزامات، وتخفض من الأرباح والإنتاج.

ليست لدينا معلومات دقيقة عن إجمالى عدد الأشخاص ذوى الإعاقة وأنواع إعاقتهم بدقة، ويؤكد ذلك تداول أرقام عن وجود حوالى 15 مليونا، فى حين تذكر تقديرات الجهاز المركزى للتعبئة والاحصاء بأن عددهم يصل إلى حوالى 10.7 مليون شخص من ذوى الإعاقة.

مشكلة تحديات الأشخاص ذوى الإعاقة أنها أكبر من القرارات والقوانين لكونها مرتبطة بنظرة المجتمع لهم. والتعامل معهم يجب أن ينطلق من خلال الاستناد على توجهات ثورة 30 يونيو. تغيير الصورة النمطية من العطف عليهم إلى اعتبارهم قوة منتجة يمكن تدريبها وتوظيفها سواء حسب نوع الإعاقة ودرجتها، أو من خلال اختيار نوع العمل الذى يتناسب معهم ليستطيعوا النجاح، باعتبارهم قيمة مضافة لسوق العمل المصرية. وفى هذه الحالة لن نواجه أى مشكلات فى تعيين نسبة الـ5% سواء فى القطاع العام أو الخاص.

قطعاً نحتاج إلى حصر دقيق لعدد الأشخاص ذوى العاقة وتحديد نوع الإعاقة حتى يتم بناء برامج وإجراءات ميسرة داخل القومسيون الطبى تحديداً لاستخراج أوراقهم وسرعة إصدار بطاقات الخدمات المتكاملة.

نحتاج أيضاً إلى تفعيل برامج وطنية متكاملة لتأهيلهم ودمجهم وتمكينهم. تأهيلهم من خلال التدريبات المتخصصة ليس فقط لهم، ولكن لعائلاتهم وللمجتمع ليكون لديه القدرة على التعامل معهم من خلال الفهم الكامل لتحدياتهم، وتأهيل الأماكن لتكون مساعدة وميسرة لحركتهم دون أى مساعدة. ودمجهم فى الحضانات والمدارس والجامعات ومراكز الشباب والمكتبات والأندية وسوق العمل بالطريقة التى تجعلهم شركاء فاعلين ضمن فريق العمل. والنتيجة الطبيعية حينها هو تمكينهم من الحياة بشكل طبيعى يحفظ كرامتهم ومكانتهم بعيداً عن العطف عليهم أو بالتعامل معهم على أنهم عبء مالى على أسرهم ومجتمعهم.

وحتى يكتمل ما ذكرته، لا بد أن يقوم المجتمع المدنى بدوره الداعم والمساند لمثل تلك القضايا الإنسانية، ولما يملكه من خبرات فى العمل المجتمعى التى تمكنه من تقديم برامج وأنشطة تدريبية تساعد في دمج الأشخاص ذوى الإعاقة وتمكينهم.

 

نقطة ومن أول الصبر..

يحتاج الأشخاص ذوى الإعاقة إلى التأهيل والدمج والتمكين، قبل أن يحتاجوا إلى برامج الحماية الاجتماعية. ومعالجة ذلك هو تحقيق للمسئولية المجتمعية.