رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«سره الباتع».. لماذا ترك نابليون أحلامه فى مصر وعاد سرًا إلى فرنسا؟

نابليون بونابرت
نابليون بونابرت

كانت مصر على مر العصور مطمعًا للكثيرين بحكم موقعها الجغرافي، وقوتها الثقافية والاقتصادية والسياسية اللافتة، وقُبيل دخول الفرنسيين مصر كتب الرحالة الألماني "جون أنتيس": "إنّ نظرة سريعة على الخريطة يتضح لنا من أول وهلة أن الموقع الذي تشغله مدينة القاهرة يؤهلها لأن تكون مركز التجارة بين أكثر شعوب الدنيا كثافة بالسكان".

وتزامنًا مع عرض مسلسل «سره الباتع» للمخرج الكبير خالد يوسف، والذي يعرض ضمن دراما رمضان 2023، والذي يحكي تاريخ مصر في فترة من أحلك الفترات، نستعرض لماذا عاد نابليون سرًا إلى فرنسا وترك أحلامه في مصر؟.

في البداية رأى نابليون في القاهرة بداية لتأسيس دولة عظمى في الشرق لتكون إمبراطورية فرنسية، ولكن حلمه لم يكتمل.

وتعد سنوات الحملة الفرنسية على مصر (1798-1801) من أبرز وأهم فترات تشكيل التاريخ المصري الحديث لكونها وضعت البلاد في مفترق الطرق السياسية والعسكرية والاجتماعية والعلمية.

وكان نابليون أثناء وجوده في مصر على اطلاع بالشئون والأوضاع الأوروبية، وذلك عن طريق مطالعته للصحف والبرقيات الفرنسية التي كانت تصله بشكل متقطع.

غادر قائد الحملة الفرنسية، مصر إلى فرنسا فى 22 أغسطس عام 1799، وذلك عقب قيام حرب تحالفت فيها أوروبا ضد فرنسا، وهنا ربما وجد نابليون الفرصة سانحة لكى يصنع مجدًا شخصيًا أكبر، فإن استطاع العودة وقيادة جيش بلاده ضد الأوروبيين ستكون الفرصة سانحة تمامًا لكى يكون الرجل الأول في السلطة. 

يقول الكاتب أحمد حافظ عوض بحسب كتاب "نابليون بونابرت فى مصر"، إن سفر نابليون كان أشبه بالقصص الخيالية وأساطير الأولين منه للحقائق، نظرًا لأن السفن الإنجليزية كانت تقف له بالمرصاد، تنتظره على السواحل المصرية للفتك به أو القبض عليه. 

وبحسب ما نقله الكتاب عن "كونت دهر فيجو" فى مذكراته، فإن نابليون ومن معه غادروا ضواحى الإسكندرية ليلًا حتى لا يعلم أحد، ولما نزلوا من نقطة على الشاطئ، تركوا الخيول التى كانوا يركبونها فعادت إلى حامية بالإسكندرية، فذعرت الحامية وارتفعت أصوات الأبواق، وهب الحرس ظنًا منهم أن هناك حملة فاجأتهم على غرة.

وأمر نابليون قائد السفينة بأن يسير بمحاذاة الشواطئ الإفريقية إلى أن يصل جنوب جزيرة سردينيا، فكان يرى أنه إذا هاجمه الإنجليز وهو بمحاذاة الشاطئ الإفريقى، يستطيع أن يشق طريقه داخل تونس ووهران بحرية.

ويوضح الكتاب أن مغادرة نابليون كانت سرية ولم يعلم بها نائبه وقائد الحملة الفرنسية من بعده (كليبر)، حتى إن خبر مغادرة الجنرال الفرنسى أدهش الفرنسيين الموجودين بالقاهرة والمصريين.

نابليون فكر كثيرًا قبل ترك القاهرة، وكان متابعًا جيدًا لما يجرى في بلاده، وهو ما يظهر من خلال الرسالة التي تركها للجنرال "دوجو" قائد حامية القاهرة، قبل أن يرحل عن مصر فى مساء 22 أغسطس 1799، يقول له فيها: "عندما تصلك هذه الرسالة سأكون فى عرض البحر. إن الظروف تجعل من وجودى هناك أمرًا محتمًا. إن لدى الجنرال كليبر تقديرًا وصداقة لك. كن على ثقة أنه خلال الشتاء سوف يصل أسطول البحرية الفرنسية وعندئذ ستتمكن من العودة إلى فرنسا ومزاولة عملك فى الهيئة التشريعية. إذن استخدم موهبتك وحزمك لحفظ الهدوء فى هذه المدينة الكبيرة، وهى مركز مصر ومركز الجيش فى آن واحد. كن على ثقة أنه مهما كان المكان الذى ستضعنى فيه الظروف فإننى سأحتفظ دائمًا بالتقدير والصداقة اللذين أوحيت لى بهما".

نابليون انتصر في جميع المعارك التي خاضها، وتمكن من فتح شبه الجزيرة الإيطالية خلال سنة، وبعدها قام بعزل حكومة الإدارة وأنشأ بدلًا منها حكومة مؤلفة من 3 قناصل، وتقلد هو بنفسه منصب القنصل الأول؛ ثم أقام أحلافًا عسكرية ودبلوماسية مع الفرس والهنود والعثمانيين في سبيل ضرب كل من المصالح البريطانية في الهند، والمصالح الروسية في الشرق الأوسط، وتعاون مع سُلطان مملكة ميسور فتح‌ علي خان تيپو وأيده بجنود ومعدات كثيرة خلال حربه مع البريطانيين في الهند.