رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

القارئ ياسر الشرقاوى: أفتخر بتشبيهى بمصطفى إسماعيل.. وأصبحت أملك «مخزونى النغمى الخاص»

القارئ ياسر الشرقاوى
القارئ ياسر الشرقاوى

- شعيشع كتب خطابًا لدعمى فى الإذاعة.. والسعى للشهرة أكثر ما يضر بالقراء الجدد
- قبلت يد معمر كفيف بعد أن شجعنى بمديحه وأبى وأمى وإخوتى «صوتهم حلو جدًا»

- قرأت أمام الرئيس السيسى وسلطان بروناى وملك ماليزيا

قال الشيخ ياسر الشرقاوى، إنه يشعر بالسعادة والفخر عند تشبيهه بالشيخ مصطفى إسماعيل، مؤكدًا أنه تربى على صوته، وقلده كثيرًا، لكنه الآن يمتلك مخزونًا نغميًا كبيرًا.

وأضاف «الشرقاوى»، فى حواره مع «الدستور»، أن الشيخ أبوالعينين شعيشع زكاه ليلتحق بالإذاعة، وتوقع له مستقبلًا كبيرًا.

وأشار إلى أن دولة التلاوة المصرية تحتاج لتحقيق عدة عناصر حتى تعود إلى ما كانت عليه سابقًا، منها أن ينشغل القراء بالعلم لا الشهرة، مضيفًا أن لنشأته وسط عائلة قرآنية عريقة فضلًا فى تواجده الآن على ساحة دولة التلاوة المصرية، بعد أن حرص والده على تعليمه القرآن.

■ بداية.. كيف أسهمت النشأة فى تشكيل شخصيتك؟

- ولدت فى عام ١٩٨٥ بقرية أخطاب، التابعة لمركز أجا بمحافظة الدقهلية، وانتقلت بعد ذلك مع والدى الشيخ محمود عبدالخالق الشرقاوى، أستاذ القراءات وعلوم القرآن إلى محافظة المجاردة بمنطقة عسير بالمملكة العربية السعودية، ودرست بكلية الشريعة والقانون، والتحقت بالإذاعة كأصغر قارئ مصرى فى تاريخ إذاعة القرآن.

والدى وجميع أفراد الأسرة أصواتهم جميلة، ويحبون تلاوة القرآن الكريم، ورغم إتقان والدى القراءة، فضل نشر العلم فى تخصصه، بدلًا من أن يسعى لأن يكون قارئًا معروفًا.

■ متى اكتشفت موهبتك؟

- اهتم والدى بأن أحفظ القرآن الكريم مبكرًا، فحينما كانت سنى ٥ سنوات، كان أبى يصطحبنى للمسجد القريب من البيت، ثم أراه إمامًا للمصلين، وكان المسجد محاطًا بسور كنت أجلس عليه وأقرأ القرآن، ويستمع لى أصدقائى من الأطفال، فلاحظ المصلون وأصدقاء والدى أن صوتى جميل.

بعدها، كان أبى يصطحبنى فى سيارته، ويشغل شريطًا للشيخ مصطفى إسماعيل فى كاسيت السيارة، وكنت أقرأ معه.. وبمرور الوقت تحسن الأداء.

■ كيف تعلمت المقامات؟

- لم أدرسها أكاديميًا، لكن كان يلفت نظرى دائمًا تنوع أساليب التلاوة بين كل قارئ وآخر، فلكل قارئ طريقة فى التلاوة.

وكنت ألاحظ أن الشيخ مصطفى إسماعيل يتمتع بمساحات صوت أوسع من باقى الشيوخ، فكنت أقلده دون أن أعرف أننى بذلك أتعلم المقامات.

وذات يوم فى بيتنا القديم، كان والدى يؤم الناس فى مسجد الخازندار بشبرا، وكان هناك أحد الأصدقاء يدعى «عم فاروق» رحمه الله، مدرس موسيقى، وقال لى لأول مرة أسماء المقامات التى أقرأ بها «هذا نهاوند وهذا حجاز وهذا صبا».. هكذا حتى تعرفت على المقامات.

■ من القارئ الأقرب لقلبك؟

- أستمع بالطبع لعظماء الرعيل الأول، خاصة الشيخ مصطفى إسماعيل، لأنه مدرسة كبيرة، كما أستمع للشيخ على محمود، وهو واحد من الأساطير، والشيخ محمد رفعت والشيخ محمد حسن النادى وهو واحد من «الجهابذة»، رغم أن تراثه فى الإذاعة قليل، وأحب الاستماع إلى القارئ كامل يوسف البهتيمى، والشيخ محمد صديق المنشاوى.

ومن المعاصرين، أستمع إلى الشيخ نعينع والقارئ الجميل الشيخ يوسف قاسم حلاوة، وهو معتمد بالإذاعة حديثًا، ولكنه من المبدعين، وأيضًا الشيخ حجاج الهنداوى. 

■ من أكثر شخص يصلح لأن يكون قارئًا معروفًا فى عائلتك؟

- كما قلت، يتمتع جميع أفراد عائلتى بالصوت الحسن، الوالد بحكم علمه وعمله، وجميع إخوتى، حتى الوالدة.

وكان والدى قارئًا معروفًا فى فترة السبعينيات، ولكنه فضل تدريس علوم القرآن على أن يصبح قارئًا معروفًا، ومازال حتى اليوم يتتلمذ على يده العديد من الناهلين لعلوم كتاب الله، وشقيقى الأكبر يعمل فى التلحين والإنشاد وهو مخرج تليفزيونى.. وأنا الوحيد الذى سلكت درب القراءة.

■ كيف كانت مشاركتك كأول قارئ يفتتح القمة العربية؟

- جرى اعتمادى فى الإذاعة عام ٢٠١٠، وقرأت على الهواء لأول مرة عام ٢٠١٢، فى فجر ٢٥ يناير من ذلك العام، من مسجد مولانا الإمام الحسين، بعدما أوصى بى الشيخ أبوالعينين شعيشع، وكتب خطابًا بخط يده؛ مفاده أننى جدير بالاعتماد فى الإذاعة، ثم تحدث عنى فى الإعلام.

آنذاك، جرى توجيه بعض اللوم للجنة، فأفاد فضيلة الشيخ شعيشع بأن اللجنة ليست متعنتة بشأنى، ولكنها تتحرى الدقة فى اختيار من يتقن أحكام التلاوة ويبرع فى قراءة القرآن، وقال عنى: «جرى اعتماد قارئ جديد سيثرى الإذاعة المصرية».

كانت أول قمة عربية تُفتَتح بالقرآن الكريم، وكان خبرًا مبهجًا جدًا، وكانت تجربة جميلة ومختلفة، بعد أن قرأت فى حضرة كل هؤلاء الملوك والحكام، وأستمع إلى جماهير من كل أنحاء العالم، واعتبرت ذلك الموقف تشريفًا كبيرًا من الله.

■ ما رأيك فى لقب «قارئ الملوك والرؤساء»؟

- الجمهور يطلق على الألقاب، ولكنى لست من محبى الألقاب، وأركز فقط على التلاوة، وكيف ستخرج للجمهور.

أوافق على الألقاب لو كانت تعبر عن محبة الجمهور، أما لو كان القصد وضعى فى مكانة أعلى فلا أحبذها، فكل قارئ يتلو القرآن بصورته الصحيحة ويجسده بصوته «أعتبره من الأكابر».

■ متى قرأت لأول مرة أمام قادة الدول؟

- أعتز بأننى قرأت أمام الرئيس عبدالفتاح السيسى، والكثير من قادة الدول والمشاهير على مستوى العالم.

وقرأت لأول مرة أمام رئيس جمهورية فى ٢٠١٧، فى ليلة القدر، وكان شعورًا مختلفًا؛ مزيجًا ما بين الفرحة والرهبة، وجميع الأحبة استقبلونى بالتهانى بعد الحفل، لأنها كانت أول مرة أقرأ فيها أمام رئيس دولة، ولم يدر بينى وبينه حوار فى ذلك اليوم، ولكنه كان متجاوبًا جدًا مع التلاوة، وظهر ذلك بوضوح حينما شاهدت الفيديو.

وقرأت بعد ذلك أمام السلطان حسن البلقية، سلطان بروناى، ومحمود أحمدى نجاد، رئيس إيران الأسبق، وملك ماليزيا، وآية الله الخامنئى، مرشد إيران، ورئيس وزراء ماليزيا وغيرهم.

■ لماذا يلاحظ البعض وجود تشابه بين أدائك وأداء الشيخ مصطفى إسماعيل؟

- أستمع إلى الشيخ مصطفى إسماعيل منذ أن كنت طفلًا، ولدىّ مخزون نغمى وتراثى من مدرسته، وقد أصبحت أستمع إلى كل العظماء والمبدعين من القرن الماضى.

طبيعة صوتى قريبة من صوت الشيخ مصطفى إسماعيل، من حيث الخامة والمساحة؛ فحين أقرأ يعرف المستمعون أننى من مدرسته وأنا أفخر بذلك، ولكن لدى مخزون نغمى وأداء يخصنى وحدى.

■ أبكيت وزير الأوقاف أثناء استماعه إليك.. كيف كان شعورك؟

- كان بالنسبة إلىّ موقف جلل.. فهذا هو هدفى من تلاوة القرآن، أن يستمع إلى الناس بقلوبهم ويشعرون بآيات الله ويتدبرون معانيها، وكنت أتلو سورة الإسراء ذلك اليوم فى المقرأة، بحضور وزير الأوقاف الدكتور محمد مختار جمعة، الذى تأثر بالتلاوة وبكى.

■ ما أغرب موقف مر عليك خلال ممارسة هذه المهنة؟

- كان فى محافظة المنيا، وتتميز قرى محافظات الصعيد بالتمسك بأصول الاستماع للقرآن وتقدير قارئيه.

كنت أقرأ فى ذلك اليوم وإذا برجل طاعن فى السن يقارب عمره الـ١٠٠ عام، ظل واقفًا وراء الخيمة التى أقرأ بها، وكان يردد عبارات مدح لى خلال التلاوة، وفجأة دخل الخيمة وإذا به رجل كفيف طاعن فى السن، يشع من وجهه نور القرآن، وصرخ: «أنا عايز أسلم عليه.. خلوه ينزل يسلم عليا».. وحاول الناس إبعاده لأستكمل التلاوة، فقررت أن أنزل وأسلم عليه، وقبلت يديه، وكنت سعيدًا جدًا بوجوده وتقديره للقرآن ووعيه رغم ظروف سنه ومرضه، أثر ذلك الموقف فى قلبى كثيرًا.

■ هل كنت تتوقع أن تصل إلى هذه المكانة؟

- كان من حولى يتنبأون لى بذلك، منذ أن كنت طفلًا صغيرًا، أما أنا فأحب أن أعيش اليوم بيومه، وأحب أن أعيش حياتى.. أنا مشغول طوال اليوم بالقرآن سواء الاستماع أو التلاوة، وهذه نعمة كبيرة من الله.

■ كيف ترى أحوال القراء فى مصر حاليًا؟

- للأسف، أخشى أن دولة التلاوة فى مصر ليست فى الوضع الذى من المفترض أن تتبوأه فى الريادة، إذ تمسك جيل القراء القديم بأحكام التلاوة وعلم القراءات وحفظ القرآن والطريقة المصرية فى الآداء، التى ميزت دولة التلاوة المصرية عن غيرها، ولكن الآن أصبح بعض القراء- أقول البعض وليس الجميع- لا يشغلهم سوى إتقان النغم، غير مكترثين بالحفظ التام وأحكام التلاوة، كما أصبح الاهتمام الأول للانتشار والتواجد على مواقع السوشيال ميديا، فأصبح العديد من الشباب غير الدارسين مشاهير وهناك من يحاول تقليدهم.

أتمنى أن يقوم كل قارئ ذو علم فى التلاوة بنشر علمه، ولا عيب فى التعلم حتى ينتشر قراء مصر وسط قراء العالم، وهم يحملون كتاب الله بتلاوته الصحيحة.