رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

البيزنطية في أحد الشعانين: يوحنّا أوجز في ذكر الأحداث

أحد الشعانين
أحد الشعانين

 

تحتفل الكنيسة البيزنطية اليوم بأحد الشعانين، وبهذه المناسبة قالت الكنيسة في عظتها الاحتفالية: يصف الإنجيليّ دخول المخلِّص إلى أورشليم: "فَوَجَدَ يسوع جَحشًا فَركِبَه". إنّ القدّيس يوحنّا لا يخبر سوى بإيجاز عن ذلك الحدث الذي يفصّله الإنجيليّون الآخرون. إنّ هذا الجحش الذي لم يركَبْه أحدٌ قطّ، حسبَ ما قالَه الإنجيليّون الآخرون، هو صورة عن الوثنيّين الذين لم يكونوا قد تلقّوا شريعة الرّب بعد. 

أمّا آتان، فقد كانَت ترمز إلى الشعب المؤمن الذي تكوّن وسط شعب إسرائيل. ثمّ أضاف الإنجيلي إلى رواية هذا الحدث نبوءةً ليُظهرَ كيف أنّ رؤساء اليهود، وقد أعماهُم الشرّ، لم يفهموا أنّ النبوءات التي كانوا يقرأونها كانت تتحقّق في يسوع المسيح. "لا تَخافي يا بِنتَ صِهيونَ، هُوذا مَلِكُكِ آتٍ راكِبًا على جَحشِ ابنِ آتان". كانَتْ ابنة صهيون تنتمي إلى الشعب اليهودي. كما كانَتْ أورشليم نفسها صهيون وقد قيل لها: "لا تخافي". تعرّفي إلى ذاك الذي تُسبِّحينَه، ولا تخافي حين ترينَه يتألّم، لأنّ الدم المُراق سيَمحو جرائمَكم وسيَفتَدي حياتَكم.

أيّ من هذه الأحزان أثّرت أكثر في الربّ يسوع المسيح؟ ولا واحد؟ إذًا لماذا بكى؟ لقد قال: "قد ماتَ لَعاَزر، ويَسُرُّني، مِن أَجْلِكُم كي تُؤمِنوا، أَنِّي لم أَكُنْ هُناك"... وها هو يذرف دموعًا فانية في الوقت الذي يوزّع فيه روح الحياة! يا إخوة، هذا هو الإنسان: إنّه يذرف الدموع تحت تأثير الفرح، كما تحت تأثير الأسى... لم يبكِ الرّب يسوع المسيح من أسى الموت، ولكن لذكرى الفرح، هو الذي "سيَسمَعُ صوتَه جَميعُ الَّذينَ في القُبور فيَخُرجونَ" إلى الحياة الأبديّة . كيف نستطيع التفكير في أنّ الرّب يسوع المسيح قد بكى من الضعف البشري عندما نرى الآب السماوي يبكي ابنه الضالّ عند عودته وليس ساعة ذهابه؟ لقد سمح بأن يذوق لعازر طعم الموت لأنّه أراد أن يقيم الميت فيظهر مجده، لقد سمح بأن ينزل صديقه إلى مثوى الأموات حتّى يظهر الله، ويعيد الإنسان من الجحيم.

كما تحتفل الكنيسة ايضا بذكرى تيطس الصانع العجائب الذي ترَّهب منذ صغره، وتوّلى إدارة الرهبان إخوته، وقدّم لهم في نفسه مثالاً عالياً للفضائل الرهبانية.