رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

رمضان 2023| متى فرض الصيام على المسلمين؟

الصيام
الصيام

متى فرض الصيام على المسلمين؟؛ سؤال تردد بكثرة خلال تلك الآونة الأخيرة، عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ومحرك البحث "جوجل"، تزامنًا مع شهر رمضان المبارك، إذ أنه من الأمور التي تشغل بال عموم المسلمين، متسائلين عن موعد فرض الصيام شهر رمضان على المسلمين، كونه من العبادات المشروعة في الإسلام، ونزلت فيه آيات من القرآن الكريم، دلت على فرضيته على المسلمين.

متى فرض الصيام على المسلمين

الصوم من العبادات المشروعة في الإسلام، ونزلت فيه آيات من القرآن الكريم، دلت على فرضيته على المسلمين، وأوضحت آيات القرآن الكريم أن الصوم كان مفروضًا على من كان قبل المسلمين في الشرائع السماوية السابقة.

والصوم والصيام كلاهما بمعنى واحد في اللغة والشرع، حيث قال ابن جرير: "والصيام مصدر، من قول القائل: صُمت عن كذا وكذا، يعني: كففت عنه، أصوم عَنه صوْما وصياما".

معنى الصيام: "الكف عما أمر الله بالكف عنه"، ومن ذلك قيل: "صَامت الخيل"، إذا كفت عن السير.

صوم شهر رمضان من كل عام هو الصيام المفروض على المسلمين المكلفين بالإجماع، وهو الركن الرابع من أركان الإسلام الخمسة.

فرض صوم شهر رمضان على المسلمين 

فرض صيام شهر رمضان، في السنة الثانية من الهجرة النبوية المشرفة وثبتت فرضيته بالقرآن والسنة والإجماع، وبينت آيات الصيام تفاصيل أحكامه ومواقيته، وكذلك الأحاديث النبوية لأنها مفسرة للقرآن، وشارحة له، حيث أوجبت صوم شهر رمضان إما برؤية الهلال، أو باستكمال شهر شعبان ثلاثين يوما عند تعذر رؤية الهلال.

وأكد الدكتور مجدي عاشور، المستشار المستشار العلمي لمفتي الجمهورية، أن الله تعالى فرض الصيام على المسلمين كما فرضه على الأمم السابقة وإن كان لكل أمة من الأمم نوع وشكل معين من الصيام، كما جاء في قول الحق تبارك وتعالى في سورة البقرة: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (183).

وأشار المستشار المستشار العلمي لمفتي الجمهورية، إلى أن الله فرض علينا الصيام في شهر رمضان وبين لنا أنه سبحانه قد فرضه على الأمم السابقة من خلال هذه الآية الكريمة، وأنها كانت تصوم. 

أما فرضه فى الإسلام فكان على مرحلتين، الأولى صيام يوم عاشوراء، والثانية صيام رمضان، وصيام رمضان نفسه كان على مرحلتين اختيارية وإجبارية. 

وصوم رمضان أخذ مرحلتين فى فرضه، الأولى مرحلة التخيير بينه وبين الفدية والثانية مرحلة الإلزام بالصيام مع استثناء بعض من لهم أعذار، والمرحلة الإلزامية أيضا كانت على صورتين.

وفي كتاب "أحسن الكلام في الفتاوي والحكام" الجزء الرابع "العبادات"، لفضيلة الشيخ عطية صقر الرئيس الأسبق للجنة الفتوى بالأزهر الشريف، ورد سؤال متى وكيف وأين شرع صيام فى رمضان؟، أجاب فضيلته بالآتي: يقول الله تعالى { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} البقرة : 183، تدل هذه الآية على أمرين، أولهما أن الصيام من فرائض الإسلام وثانيهما أنه كان مفروضا فى الشرائع السماوية السابقة.

وللصوم في الإسلام مراحل تشريعية قبل أن يفرض على المسلمين صوم شهر رمضان كاملا إلى أن استقرت الأحكام واكتمل الدين، فكان المسلمون قبل أن يفرض عليهم صوم رمضان يصومون ثلاثة أيام من كل شهر، ويوم عاشوراء الذي كان الناس في الجاهلية يصومونه، احتفاءً بنجاة موسى وقومه وغرق فرعون، فصامه النبي وأمر بصيامه قائلا نحن أحق بموسى منهم، وعندما هاجر إلى المدينة صامه وأمر بصيامه، فلما فرض صوم شهر رمضان قال "من شاء صامه ومن شاء تركه".

وكان فرض الصوم في أول فرضه على المسلمين في أيام معدودات، وليس في كل يوم لئلا يشق على النفوس، فتضعف عن حمله وأدائه، بل جعل فرضه في أيام قلائل، هي أيام من شهر رمضان، وكان الصوم على التخيير، في بداية فرضه، فعن معاذ بن جبل قال كان الصيام في ابتداء الأمر من شاء صام ومن شاء أفطر وأطعم عن كل يوم مسكينا، ثم نسخ حكم التخيير بآية فرض صوم رمضان، وهكذا روى البخاري عن سلمة بن الأكوع، ثم فرض صيام الشهر كله بنزول العزيمة بقوله تعالى:﴿فمن شهد منكم الشهر فليصمه).

ولما جرب الناس فائدة الصيام ومرنوا عليه اختاروه على الفطر مع الفدية، وعندما تهيأت نفوسهم لحتميته فرضه الله على كل قادر، ومن كان له عذر من مرض أو سفر فرض عليه قضاء ما أفطره، وبهذا صار التخيير منسوخا .

كانت مدة الصيام أول الأمر هي من طلوع الفجر إلى غروب الشمس، فإذا لم يفطر الصائم عند الغروب ونام لا يجوز له إذا استيقظ من نومه أن يتناول أى مفطر ويظل صائما إلى غروب شمس اليوم التالى، كما كان التمتع بالنساء ليلا محرما على الصائمين طول الشهر، فشق عليهم ذلك فأباح الله لهم التمتع بالنساء ليلا، ومد لهم فترة الإفطار حتى مطلع الفجر، لا يؤثر على ذلك نوم ولا غيره.

أما قبل الإسلام، فقال بعض المفسرين إن تماثل صيامنا مع صيام من قبلنا هو فى أصل الوجوب وليس فى الكيفية، وقال بعضهم الآخر إن المفروض عليهم كان رمضان ولكنهم غيروا وبدلوا، والأمر لا يعدو مجرد أقوال وآراء دون سند صحيح يعتمد عليه ".

وتدل النصوص الشرعية من الكتاب والسنة على أن الصيام الذي فرضه الله على المسلمين كان مفروضا على الأمم السابقة، حيث إن الله هو الذي شرع الأحكام لعباده، وأن العبادة لله وحده لا شريك له، وقال عز وجل في كتابه (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)، وأوضح المفسرون أن المقصود بذلك (اليهود والنصارى).

وغاية ما يعرف بعد الاطلاع على كتب التاريخ وأسفار العهد القديم والجديد أن قدماء اليهود كانوا لا يكتفون فى صيامهم بالامتناع عن الطعام والشراب من المساء إلى المساء، بل كانوا يمضون الصيام مضطجعين على الحصى والتراب فى حزن عميق، واليهود المعاصرون يصومون ستة أيام فى السنة، وأتقياؤهم يصومون شهرا كاملا، وهم الآن يفطرون كل أربع وعشرين ساعة مرة واحدة عند ظهور النجوم .