رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«الأخلاقيين».. مقص الرقيب يبتر ذكورية جيمس بوند وكتابات رولد دال

التعديلات على الكتب
التعديلات على الكتب المنشورة تثير الجدل في الغرب

منذ أيام، أثارت أزمة التعديلات التي أجريت على أعمال كاتب الأطفال الشهير رولد دال جدلًا متصاعدًا كان من المقرر بعده التراجع عن إجراء أي تعديلات وأن يتوقف ذلك التوجه المتدفق نحو تعزيز الرقابة على الأعمال الأدبيّة، غير أن العكس هو ما حدث. 

أزمة تلو الأخرى فاقمت القلق الغربي في الآونة الأخيرة على حرية الإبداع في ظل انتعاش "ثقافة الاستيقاظ" وتحكمها الراهن في صناعة النشر، فبعد أزمة أعمال دال، أعادت التعديلات على ما سمّاه الناشرون اللغة العنصرية والإيحاءات الجنسية في سلسلة "جيمس بوند" الجدل مرة أخرى إلى الواجهة. 

الرقابة على الكتب الإلكترونية

لم يتوقف الأمر على ذلك، فقد تحولت معركة الرقابة على الأفكار إلى العالم الرقمي وعالم البث، إذ أجبر"بافن بوكس"؛ ناشر أعمال رولد دال، قراء الكتب الإلكترونية على قبول الإصدارات المحدّثة التي غيّرها، وفقًا لتقرير صدر مؤخرًا في صحيفة "تايمز أوف لندن".

وأشارت الصحيفة إلى أن مالكي كتب رولد دال الإلكترونية يُحدّثون مكتباتهم تلقائيًا بالإصدارات الجديدة الخاضعة للرقابة، والتي تحتوي على مئات التغييرات في اللغة المتعلقة بالوزن والصحة العقلية والعنف والجنس والعرق.

لم يكن رولد دال كاتب الأطفال الشهير، وإيان فليمنج؛ مؤلف سلسلة "جيمس بوند"، الوحيدين اللذين تعرضا لمقص الرقيب في الأيام الأخيرة؛ فثمة كاتب أطفال آخر طالت التعديلات والتنقيحات أعماله وبدون إذن منه.

تعديلات على "صرخة الرعب"

ظهرت تقارير مؤخرًا عن قيام المؤلف الأمريكي أر. إل ستاين بإجراء تعديلات على سلسلة كتب "صرخة الرعب" الشهيرة، لجعل الكتب أقل عدائية وأكثر حداثة، ولكن المؤلف خرج ليُصرح بأن التعديلات جاءت بدون موافقته. 

أشارت صحيفة "التايمز" إلى أن كتب ستاين "تم تطهيرها"، ما يعني أنهم سيظهرون الآن لغة تتجنب الإشارات إلى الصحة العقلية أو الوزن أو العرق.

قال أحد الناشرين تعليقًا على هذا التوجه نحو تحرير الأعمال المنشورة وتعديلها: "من الواضح أننا وصلنا إلى نقطة يتم فيها إعادة تقييم العديد من القصص الكلاسيكية وإعادة تحريرها للجماهير الحديثة. يوافق بعض المؤلفين على هذه التغييرات والبعض الآخر لا يوافق، وبالتالي سيكون هناك بلا شك الكثير من المناقشات حول هذه المسألة في المستقبل القريب.

تيار اليقظة 

عبّر الناقد السينمائي المحافظ كريستيان توتو عن قلقه من هذا التوجه نحو تعديل الأعمال المنشورة في حديثه مع "فوكس نيوز ديجيتال" قائلًا: النسخ الجديدة من الكتب هي إهانة للمؤلفين، ولكن على الأقل في حالة دال سيبقى كلا المجلدين الجديد والحالي، أما خداع قراء الكتب الإلكترونية لقبول الإصدارات المُحدّثة هو خيانة فنية، لكنه ليس مفاجئًا؛ نحن نعيش الآن في وقت يُجبر فيه الناس على قبول قواعد "اليقظة  الجديدة"، وما لم يكن هناك تراجع، فسيصبح هذا هو القاعدة.

وفي حديث مع "فوكس نيوز ديجيتال" قال الرئيس التنفيذي لشركة "براف بوكس" ترينت تالبوت: إن "تيار اليقظة" فيروس في المجتمع، إنه يدمر فن جيلنا وأصبح الآن قويًا لدرجة أنه يعود إلى الوراء ويدمر فن الأجيال السابقة.

وأضاف: إن تغيير محتوى الكتب المنشورة منذ 25 عامًا يمثل سابقة رهيبة في صناعة النشر، موضحًا أن الأمر مثير للقلق. 

فيما قال المؤلف الأكثر مبيعًا فريدريك فورسيث تعليقًا على إعادة تحرير أعمال رولد دال وإيان فليمنج: كل هذا جزء من هذا الشيء الجديد المسمى "تيار اليقظة"؛ إنها الديكتاتورية الجديدة.

وتابع: هي طريقة تقول بها ستفكر بالطريقة التي نفكر بها، وستتحدث بالطريقة التي نتحدث بها وستصدق ما نؤمن به، وسوف نتحكم بك. أنا لا أحب ذلك، لا أحب أن أكون تحت السيطرة.