رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

حمدى جوارا: جولة ماكرون فى إفريقيا تستهدف تحسين صورة فرنسا

ماكرون
ماكرون

أكد حمدي جوارا، الخبير والمحلل السياسي من دولة مالي، أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يسابق الزمن من أجل إعادة صورة فرنسا التي تم تشويهها في العقد الأخير، وذلك من خلال جولته الحالية لأربع دول إفريقية.

وأوضح جوارا في تصريحات خاصة لـ"الدستور"، أن التاريخ الاستعماري لفرنسا في القارة الإفريقية أوضح حقيقتها وشوه صورتها في القارة السمراء حتى اليوم وفي العقد الأخير تشوهت بشكل أكثر بعد سقوط معمر القذافي في ليبيا وما سببته قوات حلف الناتو من تدمير لليبيا انعكس ذلك على منطقة الساحل برمتها، وخاصة فيما يتعلق بوضع جمهورية مالي مرورًا ببوركينا فاسو وأحيانًا تشاد.

 

وأضاف: "لكن ليس هذا فقط سبب جولة ماكرون وإنما هناك محاولة لاستعادة دورها الاقتصادي حيث تقلّص كثيرًا نتيجة دخول لاعبين جدد في القارة كالصين وتركيا وحاليًا روسيا دخلت في الملف العسكري، فماكرون يرى أنه إذا لم يعد بسرعة للقارة، فإن فرنسا ستفقد كل شيء في المستقبل القريب بعدما لفظت سياساتها شعوب القارة برمتها". 

وتعليقًا على مدى إمكانية نجاح الجولة في تحقيق أهداف ماكرون أوضح المحلل المالي قائلًا: "لا أدري هل ستنجح أم لا؟ لكني على يقين أن العقلية الإفريقية أصبحت واعية لدرجة أنك تجد شخصًا في قرية من قرى وسط القارة بحيث يمكنه أن يقدّم لك دروسًا في الجيوسياسية العالمية نتيجة ما سببته وسائل التواصل الاجتماعي من انفجار معرفي، بحيث أصبحت هذه الزيارات مجرد زيارات روتينية لا اهتمام لها أصلًا، لأن الكل يعرف أن فرنسا إذا كان تريد شيئًا في القارة فلا بد لها أن تجدها وخاصة إذا وجدت أمامها قادة مهزوزين سياسيًا".

وقال جوارا، إن زيارات ماكرون قد تنجح في عقد صفقات هنا وهناك، لكن المواطن الإفريقي سيظل حذرًا من فرنسا ومن يمثلها في القارة، لأن الانتكاسات السياسية التي سببتها من الصعب إزالة تأثيرها في زيارة عابرة.

وأضاف: "لو كنت مكان ماكرون لتفهّمت الغضب الشعبي الإفريقي ولقدمت لنفسي فرصة كافية لكي أعمل على امتصاص هذا  الغضب عبر برامج عملية وواقعية ملموسة ولعملت على رفع يدي عن ١٤ دولة إفريقية أشارك في تخريج عملياتها وآخذ علاوات ضخمة على ذلك، أضف إلى انسحابها في مجالس لمنظمات إقليمية وقارية كالإيكواس والاتحاد الإفريقي ولوقفت مع الشعوب وليس مع الحكام الفاسدين، ولخففت لهجة التهكم من بعض الحكّام وخاصة حكومات الدول التي تمر بتغيير سياسي كحالتي مالي وبوركينا فاسو وغينيا،  ولأعلنت الاعتذار عن الماضي الاستعماري وسعيت للتعويض عن ذلك تمامًا كما اعتذرت بلجيكا رسميًا من استعمالها الكونغو، لكن فرنسا ليست مستعدة لذلك وخاصة ماكرون". 

وأكد جوارا، أنه لا يتوقع من ماكرون تنفيذ شيء من هذا أو على الأقل فهم ما يريده الرأي العام في إفريقيا، مشددًا على أن انعكاسات الحرب الروسية الأوكرانية واضحة ليست على مستوى إفريقيا لكن على مستوى العالم، وخاصة فيما يتعلق بالأزمة الغذائية التي تواصلت بعد أزمة كورونا بالإضافة إلى الحرب، ولنعترف أننا في إفريقيا وبعد ٦٠ عامًا لم نتمكن من الحصول على اكتفاء ذاتي في الغذاء وإنتاجه بسبب الفساد وسوء الإدارة والمحسوبية.

وتابع: "بالنسبة للحرب فإن إفريقيا وجدت نفسها مضطرة لدخولها من هذا الباب بالإضافة إلى الاستقطاب الذي حصل مع هذه الحرب، فحين طردت مالي فرنسا كانت روسيا هي البديل الجاهز، ومن هنا دخلت إفريقيا في الاهتمام بالموضوع الروسي وبدأت العلاقات تترسخ بين البلدين حتى أدى التعاون الى نتائج على الأرض وفي الواقع مما جعل الأفارقة يثقون بالشريك الروسي، وخلال سنة فقط تغيرت اللعبة وأصبح الجيش المالي يحقق انتصارات في الميادين ثم جاءت بوركينا وسمعنا عن دخول دول في خط روسيا بالإضافة إلى أن الدول الإفريقية ترى أن المحافظة الموجودة في روسيا أفضل من دول حلف الناتو أخلاقيًا واجتماعيًا".

وأشار الى أنه بجانب مواقف روسيا ووقوفها مع دول بعينها في مجلس الأمن ودفاعها عنها وهذا جعل الأفارقة يوالون موسكو ويعتقد أن روسيا فرحة بهذه الشعبية في القارة.