رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الجامع الأزهر: معجزة الإسراء والمعراج كانت بالروح والجسد

جانب من الفعاليات
جانب من الفعاليات

عقد الجامع الأزهر، اليوم الثلاثاء، ملتقى "شبهات وردود"، ودار الحوار فيه حول شبهات عن معجزة الإسراء والمعراج، بحضور الدكتور خالد سعيد، عميد كلية أصول الدين بالقاهرة، والدكتور مجدي عبدالغفار، رئيس قسم الدعوة والثقافة الإسلامية السابق بكلية أصول الدين بالقاهرة، والدكتور صالح أحمد عبد الوهاب، وكيل كلية العلوم الإسلامية للوافدين.

قال الدكتور خالد سعيد، عميد كلية أصول الدين جامعة الأزهر بالقاهرة، إن الأزهر الشريف يدافع عن الإسلام دفاعا مستميتا على مر عصوره وأزمانه، ويرد جميع الشبهات التي تثار حول الإسلام وحول رسول الإسلام ﷺ، ومن هذه الشبهات التي تُثار وخاصة مع ذكراها من كل عام، وهي معجزة الإسراء والمعراج التي يحاول الحداثيون وغيرهم من المشككين إنكارها.

واستنكر عميد أصول الدين، موقف هؤلاء المشككين في معجزة الإسراء والمعراج، ولم يشكك أحد في معجزات الأنبياء السابقين كمعجزة ناقة صالح، ومعجزة موسى شق البحر، ومعجزة عيسى إحياء الموتى، وكلها معجزات مشاهدة، بينما ينكرون المعجزة غير المشاهدة حيث كانت في جزء يسير من الليل، موضحًا أن هؤلاء المنكرون يحاولون حصر الإسلام في بقعة معينة، والطعن فيه أنه ليس رسالة عالمية وإنما خاص بأمة معينة، فجاءت هذه المعجزة لترد على هؤلاء، وتبين عامية رسالته ﷺ ليس في الحاضر أو المستقبل فحسب، وإنما في الماضي ليُدلل بذلك على قوله ﷻ "إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ".

ولفت د.خالد سعيد إلى أن رحلة الإسراء والمعراج ممتدة عبر الزمان والمكان، فهي ليست كباقي المعجزات، والشاهد من هذا حتى يظل عبق ريحها الطيب مستمرًا عبر الزمان والمكان، ولمّا كانت سورة النحل هي بوابة الإسراء والمعراج، فقد ورد فيها من آيات ومعجزات بسورة النحل، تجعل من افتتح سورة الإسراء يقول سمعا وطاعة، وترد على الملحدين والمشككين بأبسط الأمثلة المعجزة؛ فمثلًا بم يفسرون شُرب كوب بسيط من اللبن الذي خرج من بين فرث البهائم ودمها، ليصبح لبنًا خالصًا زكي الرائحة حلو الطعم، ولذا جاءت سورة الإسراء لتجيب وتقول: نعم إن من فعل كل هذه المعجزات قادر على أن يُسري ويعرج بنبيه ﷺ.

من جهته، أكد الدكتور مجدي عبدالغفار، رئيس قسم الدعوة والثقافة الإسلامية السابق بكلية أصول الدين بالقاهرة، أن المرء في حياته بين فتن الشهوات التي خُلق بيها وبين فتنة الشبهات والتي لا تُزال إلا بحسن التفنيدات، فهناك من تآمر وتواصوا فيما بينهم ضد المسلمين فمُخططهم ليس بمستحدث ولكنهم جددوا طريقة عرضه؛ فمنذ انتشار الإسلام وهؤلاء الملحدون يشككون في ثوابته وعلماء الإسلام يفندون شبهاتهم ويردون عليها، ومن أهم العلماء الذين تصدوا لهم، هم علماء الأزهر الشريف.

وتابع د.عبدالغفار: لقد خاطبت سورة الإسراء عقول البشر بآيات كونية تُرى في الكون، وبعدها آيات تنزيلية، فقد ضربت الأمثلة بالنحل فبدأ الحديث في سورة الإسراء ليُزيل التعجب بقوله ﷻ "سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا ۚ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ". فالنبي ﷺ لم ينسب هذه المعجزة لنفسه، بل قال ﷺ "أُسري بي الليلة".

وأوضح أن هناك من يقولون إن رحلة الإسراء والمعراج حدثت بالروح، وآخرون يقولون حدثت بالجسد فالرد عليهم أنه -تعالي- قال"سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ" والعبد عبارة عن روح وجسد، فالقرآن الكريم يحتاج إلى حسن فهم لنصوصه حتى تُزال به شغبات الشخوص، فيجب على المرء أن يدور في فلك النص وليس في فلك الشخص؛ فالنصوص القرآنية ثابتة واضحة.

من جهته، أضاف د.صالح عبدالوهاب، وكيل كلية البنات الإسلامية بالعاشر من رمضان، أن معجزة الإسراء والمعراج ثابتة بالقرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة ولا مجال للشك فيها، فليست القضية فيمن ينكرونها، وإنما تكمن القضية في إنكار مافُرض في هذه الليلة وهي الصلاة، فالعبد يلقى ربه ويقف بين يديه خمس مرات، ويترتب عليه بالتالي إنكار لأحقية المسلمين في بيت المقدس؛ لأن النبي ﷺ صلّى بالأنبياء إماما في بيت المقدس الذي قال النبي ﷺ عنه عندما سألته السيدة أم ميمونة رضي الله عنها، فقال "أرض المحشر والمنشر صلوا فيه فإن صلاة فيه كألف صلاة"، فصلاته ﷺ بالأنبياء إمامًا، إشارة إلى أنهم سلموه القيادة.

وشدد على أن التشكيك في معجزة الإسراء والمعراج قضية خطيرة، لأنه يصرف المسلمين عن غايتهم الكبرى، وهي طاعته سبحانه وتعالى، فهؤلاء المنكرون يحاولون أن يصرفوا الشباب من العبادات إلى الحفلات وغيرها من الأمور التي تلهي عن ذكر الله وعبادته، موضحًا أنه عندما يقول المنكرون أن هذه المعجزات لم توضح ولم تفسر في القرآن الكريم، نرد عليهم بأن السنة النبوية المطهرة فصلت كل شيء جاء في كتابه تعالي من العبادات وغيرها مما يحتاج إلى توضيح.

واختتمت فعاليات الملتقى بتلقي المحاضرين تساؤلات الجمهور عن بعض الشبهات التي تواجههم عن معجزة الإسراء والمعراج، ولاقت ردودا شافية وافية من العلماء، عبر الحضور عن سعادتهم بالحضور، متوجهون بالدعاء والشكر للأزهر وعلمائه.

جدير بالذكر أن ملتقى "شبهات وردود" يعقد الثلاثاء من كل أسبوع، ويتناول في كل اسبوع قضية تشغل بال الرأي العام ويدور حولها شبهات المشككين، كما أنه تتم مناقشة قضايا متنوعة عن كل ما يهم الشارع المصري خاصة والإسلامي عامة، ويحاضر فيه علماء من مختلف التخصصات، وذلك تحت رعاية كريمة من فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، وبتوجيهات من الدكتور محمد الضويني وكيل الأزهر، وبإشراف ومتابعة الدكتور عبدالمنعم فؤاد المشرف العام على الرواق الأزهري، والدكتور عبدالمنعم فؤاد مدير عام الجامع الأزهر الشريف.