رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

المصالح لا تسقط الأخوة

من المعروف ومنذ بدء الخليقة والمصلحة هى التى تحكم العلاقات بين البشر. ثم بعد وجود نظام الدولة أصبحت أيضا المصالح هى التى تحدد العلاقات بين الدول بعضها والبعض الآخر. كما أن الاختلاف هو طبيعة البشر ونكهة التوازن الكونى. كما أن الخلاف فى الرأى هو الذى يوجد الحوار وصولًا إلى تحديد المصالح المشتركة التى هى أساس العلاقات البشرية والدولية. ولذا من الطبيعى أن يكون هناك خلاف فى الرأى وفى المصلحة بين أخ وأخ وبين دولة ودولة شقيقة فهذه هى طبيعة الأمور. ولكن لا يجب أن تكون المصلحة على حساب مصلحة الآخر. هذا بمناسبة تلك الحملة التى تتردد فى وسائل التواصل الاجتماعى على أن هناك خلافًا واختلافًا بين مصر والمملكة العربية السعودية. نعم الخلاف وارد وطبيعى وكان طوال التاريخ هناك وجهات نظر تختلف وتتباين اتفاقا واختلافا مع المصلحة. نعم هناك تاريخ قابع فى الضمير الجمعى عند ذهاب محمد على لوأد الحركة الوهابية. نعم هناك بقايا تاريخ الصراع غير المباشر بين مصر والسعودية أثناء حرب اليمن وكان ذلك لاختلاف الرؤى والمصلحة ما بين حركة تحرر من الاحتلال البريطانى وبين حفاظ على سلامة النظام السعودى. ولكن كل هذا وغيره كثير لا ولن يؤثر تأثيرًا جذريًا على العلاقة التاريخية بين الشعب المصرى والشعب السعودى. تلك العلاقة التى تتمثل تاريخيًا فى مشتركات كثيرة ومهمة مثل وحدة الدين واللغة والعادات والتقاليد والتراث المشترك... إلخ.

تلك المشتركات التى تضع الخلاف فى أى زمن فى حدوده الطبيعية التى لا تؤثر على التوحد العربى والمصير المشترك المتمثل فى النوايا الاستعمارية فى المنطقة طوال الوقت. تلك النوايا التى دائما ما تعمل عملها وتكون وراء أى خلاف تعميقا وتجذيرا لتلك المصالح الاستعمارية التى تفرق ولا تجمع. كما أن الأدوار لا تنسى ولا تسقط من حافظة التاريخ. فدور مصر مقدر عندما كانت تقوم بواجبها نحو السعودية وغيرها فى عملية إرسال البعثات التعليمية والصحية والتثقيفية وغيرها. وهذا لم يكن تفضلًا بل واجب أخوى. كما أنه بالرغم من الخلاف بعد حرب اليمن وجدنا الملك فيصل يقول إن «مصر تأمر ولا تطلب» وذلك عندما تمت مناقشة الاحتياجات المصرية بعد النكسة فى مؤتمر القمة العربية فى الخرطوم، كما أنه كان ضمن من أعلنوا «حرب البترول» بعد ١٩٧٣. السعودية هى التى وقفت مع مصر بعد يونيو 2013 سياسيا وماليا. فهل وعلى تلك الأرضية التاريخية والشعبية والأخوية يمكن أن تتزعزع العلاقة عندما تصدر من بعض الأفراد السعوديين ما يسىء إلى مصر وشعبها؟ هذا سلوك فردى يعلم الله نواياه ومن وراءه. كما أن المصلحة العربية المشتركة ليست بين مصر والسعودية فحسب ولكن العلاقات العربية العربية لا بد أن تأخذ طريقا آخر فاعلا ومؤثرا فى ضوء تلك التحديات الخطيرة التى تواجه الجميع. فهل للتراص الأوروبى الأمريكى مع أوكرانيا فى مواجهة روسيا ألا يحفز العرب بالتراص والتوحد لمواجهة تلك الأخطار التى تحاك للعرب حتى يكون الخلاف وتكون الفرقة فرصة للآخر الاستعمارى الأمريكى والإسرائيلى للانقضاض وتحقيق مصالحه؟ فلا يجب أن نترك الفرصة للصائدين فى المياه العكرة بل يحب تنقية المياه حتى يمكن أن نرتوى منها جميعا ونحقق مصلحتنا المشتركة التى هى مصلحة الشعب العربى الواحد. حفظ الله العلاقات العربية العربية لصالح شعوبها.