رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

تحليق منطاد صينى فى المجال الجوى الأمريكى يلبّد أجواء التقارب بين البلدين

منطاد صيني
منطاد صيني

يعكس قرار وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، إرجاء زيارة نادرة كان يعتزم القيام بها للصين لاحتواء التوتر وسبر اللهجة التصالحية التي تعتمدها بكين مؤخرًا، حجم القلق الذي تشعر به واشنطن بعد رصد كان ما وصفه البنتاغون بأنه منطاد صيني للمراقبة في الأجواء الأمريكية.
بعد رصد ما وصفه البنتاغون بأنه منطاد صيني للمراقبة في الأجواء الأمريكية، أرجا بلينكن زيارته إلى أجل غير مسمى، فيما يشير خبراء إلى أنه تلقى الجواب على تساؤله بشكل غير رسمي.
لكن بلينكن أعلن أنه لا يزال يعتزم زيارة بكين في وقت لاحق وإبقاء قنوات التواصل مفتوحة، وذلك في إطار جهود تبذلها الولايات المتحدة منذ زمن لمواصلة الحوار مع العملاق الآسيوي.
إلا أن قرار إرجاء الزيارة يعكس مدى قلق الولايات المتحدة وأيضا الأجواء السياسية في واشنطن حيث يسعى الخصوم الجمهوريون للرئيس جو بايدن إلى إيجاد ما يمكّنهم من اتّهامه بالضعف في مواجهة الصين.
وقال جيكوب ستوكس الباحث في "مركز الأمن الأمريكي الجديد" إن تحليق المنطاد في المجال الجوي الأمريكي أثار لدى الأمريكيين قلقا أكبر من مروحة النزاعات الأخرى الدائرة مع الصين، من تصدير الشرائح إلى حقوق الإنسان.
وأشار ستوكس إلى أن الإدارة الأمريكية كانت بالفعل متوجّسة من سلوكيات بكين، بدءًا باللقاء الودي الذي جمع الرئيس الصيني ببايدن في نوفمبر على هامش قمة مجموعة العشرين في بالي.
وتابع ستوكس "كان السؤال المطروح: هل هذا التغيير في اللهجة يشير إلى تغيير جوهري على صعيد سلوك الصين في العالم؟".
وأضاف "حتى الآن الجواب كلا".
وبات السؤال المطروح: هل واقعة المنطاد تشكل مؤشرا يدل على "تعليق المسار" الذي انطلق في بالي أم "هي حقا نهاية مسار ما كان لينضج يوما؟".
لطالما بدا هامش تحقيق تقارب بين الولايات المتحدة والصين ضيقا، علما بأن تحديد شباط/ فبراير موعدًا لزيارة بلينكن إلى الصين كان يُعتبر مثاليًا.
فالعام المقبل سيشهد انتخابات في الولايات المتحدة وتايوان ذات النظام الديمقراطي والمتمتعة بحكم ذاتي، والتي تسعى الصين لإعادتها إلى كنفها.
لكن قبل حلول موعد الانتخابات، يرجّح أن يجري الرئيس الجمهوري الجديد لمجلس النواب الأمريكي كيفن مكارثي زيارة لتايوان على خطى الرئيسة السابقة للمجلس نانسي بيلوسي التي ردّت بكين على زيارتها بإطلاق مناورات عسكرية كبرى حول الجزيرة.
في مؤشر سلّط مراقبون للسياسة الصينية الضوء عليه، أصدرت بكين بيانًا نادرًا أبدت فيه أسفها لحادثة المنطاد، علما بأنها أصرّت على أنه عبارة عن وحدة مدنية للبحث العلمي دخلت المجال الجوي للولايات المتّحدة بشكل عرضي.
وقالت مديرة برنامج الصين في مركز ستيمسون، يون سون إن البعض أطلقوا نظريات مفادها أن دخول المنطاد المجال الجوي الأمريكي ينطوي على عمل تخريبي لجهة مناهضة لتحسّن العلاقات مع الولايات المتحدة.
لكنها رفضت هذا الطرح، مشيرة إلى أن شي شخصيا كان سيلتقي بلينكن.
وتابعت: "أعتقد أن زيارة بلينكن أعطيت هذا القدر من الأهمية في الصين لهذا السبب، لأنهم يريدون فعليا العمل مع الأمريكيين لتحسين العلاقات، وخصوصًا أن الصين تعطي الأولوية لملف التعافي الاقتصادي".
لكن الباحثة اعتبرت أن الواقعة تطرح تساؤلات حول "مكان اتّخاذ القرار في الصين".
وقالت إن مسئولين أدنى مستوى ربما اعتقدوا أنهم قادرون على التحرك من دون علم الولايات المتحدة أو من دون تداعيات.
وقال ماثيو كرونيغ وهو مسئول سابق في وزارة الدفاع وباحث في "المجلس الأطلسي" إن الواقعة قد تنطوي على تصعيد خطير، مشيرا إلى اهتمام مستجد للصين بالأسلحة النووية الأمريكية المخزّن كثير منها في صوامع في مناطق نائية في الغرب الأمريكي.
ولكن خلافًا لتقييم البنتاغون الذي أشار إلى ضآلة القيمة الاستخبارية للمنطاد، أشار كرونيغ إلى أنه من غير المرجّح أن تنخرط الصين في مخاطر من هذا النوع من دون أن تكون لهذا الأمر منافع.
وقال إن تحليق المنطاد "منح الصين قدرة على تحديد مواقع صواريخ بالستية أمريكية عابرة القارات لاستهدافها لاحقا وقياس رد فعل الولايات المتحدة".
وشدد كرونيغ على أن الخطوة الصينية يمكن أن تشكل مؤشرًا يدل على أن الصين بصدد تعديل عقيدتها نحو شطب الأسلحة النووية الأمركية من المعادلة في حال نشوب حرب.
وأشار إلى أن الخطوة "عكست ارتياحًا في بكين لقدرة الحزب الشيوعي الصيني على خرق المجال الجوي الأمريكي من دون عواقب".