رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

محتالون يغتالون الحلم.. «الدستور» تحقق في تأشيرة الحج والعمرة الوهمية

الكعبة المشرفة
الكعبة المشرفة

كثير من المصريين يحلمون بتأدية مناسك الحج والعمرة ويظلون طوال العمر يدخرون الأموال من أجل تأدية الفريضة، إلا أن البعض منهم يقع في فخ النصب والسماسرة الذين يريدون تحقيق مكاسب مالية من وراء استغلال تلك الحالة الروحانية.

وبالفعل خلال الفترة الأخيرة وقع كثير من المصريين في براثن النصب من خلال سماسرة يدعون تنظيم رحلات حج وعمرة وإعطاء التأشيرة وما هم إلا نصابون ويزورون ولا يكتشف الحجاج ذلك إلا بعد ضياع أموالهم.

السياحة تحذر المواطنين

واتساقًا مع ذلك أهابت وزارة السياحة بالمواطنين الراغبين في أداء العمرة، عدم حجز أي رحلات عمرة إلا من خلال شركات السياحة المسجلة على البوابة المصرية للعمرة، لضمان حقوقهم، وعدم تعرضهم لأي محاولات نصب من قِبل الكيانات غير الشرعية وبما يضمن تقديم أفضل الخدمات لهم أثناء العمرة.

وصدر قانون لتنظيم الموسم ووضع آليات تنفيذ رحلات العمرة من خلال البوابة المصرية للعمرة، وهو ما يحقق سهولة وسرعة غير مسبوقتين في إنهاء إجراءات العمرة وتنظيم عمل شركات السياحة المعتمدة في تنظيم الرحلات.

"الدستور" كشفت فى التحقيق التالى وقوع ضحايا لهؤلاء السماسرة من خلال إيهامهم بحجز رحلة عمرة أو حج عبر تأشيرات وأوراق مزيفة

محمد أمين: دفعت ٢٣ ألفًا واتنصب عليا

الحاج محمد أمين، أحد ضحايا سماسرة الحج، أوضح لـ"الدستور" أنه عزم الأمر على السفر لقضاء مناسك العمرة بالأراضي المقدسة، وبدأ البحث عن شركة سياحة لأداء الفريضة.

وبين أنه وجد إحدى شركات السياحة تدعى ن. ل تعلن عن توفير تأشيرة سياحية تسمح بأداء العمرة بمبلغ مالي قدره 3500 جنيه، بالإضافة إلى تذاكر الطيران  9000 جنيه ذهاب وعودة، كما تخطى مبلغ السكن والتنقلات 10 آلاف جنيه، مشيرًا إلى أنه بعد دفع الأموال اكتشف وقوعه بين أيادي نصابين.

وتابع: "لم يكن من المتوقع أن أقع ضحية تلك الشركات السياحية، وأنصح جميع المتقدمين لقضاء مناسك العمرة بضرورة التعامل مع الجهات والشركات الموثوق فيها".

واختتم الحاج محمد أمين بأن صفحات التواصل الاجتماعي قد أصبحت بالفعل التربة الخصبة لسماسرة تذاكر الحج والعمرة، فيجب أن تكون هناك رقابة قوية من قبل الجهات المختصة لدحض عمليات النصب والاحتيال التي يقع فريستها الكثيرون.

إبراهيم إسماعيل: "اشتريت تأشيرة وطلعت تجارية وليست حجًا"

"نتيح لك تأشيرة تسمح لك بإمكانية التنقل بين مناطق ومدن المملكة، وتأدية مناسك العمرة والحج  والزيارة في مكة المكرمة والمدينة المنورة، وزيارة المواقع الدينية والتاريخية، وحضور الفعاليات الثقافية".. كلمات أحد المنشورات التي تم بثها على صفحات التواصل الاجتماعي التي جذبت إبراهيم إسماعيل، أحد ضحايا سماسرة الحج، للتواصل معهم لإمكانية الحجز والسفر إلى السعودية.

قال إسماعيل إنه وقع فريسة المحتالين معدومي الضمير منذ عامين عندما رغب في السفر لقضاء مناسك الحج هو وزوجته، حيث قام بالتواصل  مع أحد الممثلين لتلك الشركة السياحية المزيفة التي تروج عبر صفحات التواصل الاجتماعي مقدرتها على توفير التأشيرة وكذلك الإقامة بمكة المكرمة والتنقل داخل المشاعر المقدسة.

واستكمل أن الشركة باعت له تأشيرة السفر إلى السعودية، وقد قام بالفعل بدفع قيمة التأشيرة، وبعدما سافر تبين له عدم وجود أي حجز باسمه هو وزوجته في أي فندق، كما رفضت السلطات السعودية أن يقوما بتأدية فريضة الحج نظرًا لحملهما تأشيرة  تجارية، الأمر الذى أدى إلى قيامه بدفع مبالغ مالية كبيرة أخرى ليحصل هو وزوجته على تصريح لتأدية فريضة الحج.

ويوجه إبراهيم إسماعيل فى ختام حديثه لـ"الدستور" بعض النصائح للراغبين في السفر لقضاء مناسك الحج والعمرة خلال هذه الفترة بالخصوص من يسأل عن كيفية استخراج تأشيرة العمرة، والتي تستخرج بطرق مختلفة منها وكالات الأسفار المعتمدة أو أن يقوم الفرد المعتمر بنفسه من حجز باقة الخدمات المناسبة له انطلاقاً من أحد مقدمي الخدمات، ليتمكن من تقديم طلب تأشيرة العمرة الإلكترونية عبر موقع وزارة الخارجية السعودية وتحديدًا من خلال منصة خدمة تأشيرة العمرة الإلكترونية.

أسماء عامر: ضاع حلمى بالحج بسبب سماسرة التأشيرات

"زيارة بيت الله الحرام حلم يراودني منذ الصغر ولكن لم أتخيل أن أقع في فخ سماسرة تذاكر الحج والعمرة".. بتلك الكلمات بدأت أسماء عامر، إحدى ضحايا تلك السماسرة معدومي الضمير حديثها، موضحةً أنها ترغب منذ نعومة أظافرها الذهاب إلى الأرض المقدسة بمكة المكرمة، ولكن ظروف معيشتها منعتها من السفر لغلاء أسعار تذاكر السفر والإقامة وكذلك التنقلات داخل المشاعر المقدسة.

 وأوضحت أنها قامت بعمليات بحث كبير عبر مواقع التواصل الاجتماعي لإمكانية التواصل مع منسق يوفر لها أسعار مناسبة للسفر والإقامة خلال المدة التي ستقضيها بالأراضي المقدسة، وبالفعل فقد وجدت شخصًا يعلن عبر صفحات التواصل الاجتماعي توفير سكن ونقل الحجاج والمعتمر داخل المشاعر المقدسة ولكن كان ذلك بغرض النصب والاحتيال.

وتستكمل: "فقد تواصلت معه واتفقت على مواصفات معينة للسكن ولكن كانت المفاجأة الكبير قد حلت حين وصلت بالفعل إلى مكة ولم أجد السكن المتفق عليه، بل ولم أتمكن من التواصل معه مرة أخرى لإمكانية توضيح الأمر، والتأشيرة تجارية وليست حجا".

وتابعت:" كنا متفقين أن السكن يكون قريبا إلى حد ما من الحرم المكي مع وجود مواصلة ثابتة تنقلني من السكن للمشعر الحرام، ولكن مالقتش الكلام وفلوسي راحت عليا ده خد منى للسكن بس لمدة 7 أيام 7500 جنيه".

وبينت أن عمليات النصب والاحتيال التي قد يقع ضحاياها الكثيرون لم تكن هينة، فقد ظهرت على الساحة العديد من الشركات السياحية الزائفة التي تروج برامج وهمية لرحلات العمرة إذ تحصل تلك الشركات على أموال طائلة من المواطنين بحجة قدرتها على توفير عمرة، وبعد تلك العمليات تختفي تلك الشركات ولم يتمكن أحد من التواصل معها.

ضبطيات سماسرة التأشيرة 

وسبق وضبطت مباحث الأموال العامة 3 أشخاص بتهمة تكوين تشكيل عصابي، تخصص في تزوير تأشيرات الحج مقابل 50 ألف جنيه للتأشيرة الواحدة.

ومن قبلها تم القبض على 4 أشخاص بينهم مدير شركة سياحة ومقيم محافظة الجيزة، وتاجر موبيليا، من محافظة القاهرة، وعاطلين من محافظة أسيوط، والغربية، لاتهامهم بالنصب والاحتيال على بعض المواطنين الراغبين في أداء فريضة الحج، ومنحهم تأشيرات حج مزورة، مقابل الحصول على مبالغ مالية وسفرهم إلى دولة السعودية وعودتهم دون أداء الفريضة.

البطوطى: "غلاء سعر الحج يدفع لتلك الأمور"

وليد البطبوطي، الخبير السياحي، أوضح أن شركات السياحة تقدم برامج للعمرة والحج مبالغ فيها وتعتبر من أغلى دول العالم في رحلات الحج والعمرة، وهو ما يدفع البعض إلى البحث عن مصادر أخرى لأداء الفريضة.

وأوضح أن ما يحدث هو نتاج التغيرات التي حدثت في العالم كله مؤخرًا، وتنوع واختلاف العروض، مبينًا: "السياحة في العالم كله داخلة على مرحلة تانية، مرحلة التغيير وهي السياحة الفردية، بمعنى تقدر تدخل على موقع وتحجز الرحلة والفندق والمطوف اللي يديني البرنامج لكن مؤخرًا شركات السياحة بيجي منها مشاكل كتير منها عدم الوفاء أو الالتزام بالوعود".

يذكر أن مصر من أعلى الدول العربية في تصدير الحجاج، ففي العام الماضي بلغ عدد الحجاج  ٩٥ ألفا و٩٠٧ معتمرين وبذلك تحتل مصر المركز الرابع عربيًا، كما أنه في العام الماضي خصصت المملكة نحو 35375 تأشيرة لمصر، لتحتل بذلك المركز الثامن في قائمة الدول المسموح لها بأداء فريضة الحج لهذا العام.

الوزارة تحارب البيزنس 

وعن جهود الوزارة للقضاء على بيزنس تأشيرة الحج والعمرة قالت سامية سامي، رئيس الإدارة المركزية للشركات بوزارة السياحة والآثار إن جهود الدولة ممثلة في وزارة السياحة نجحت في ضبط سوق رحلات العمرة والحفاظ علي حقوق المعتمرين وعدم تعرضهم للنصب من قبل سماسرة التأشيرات سواء تأشيرات الحج أو العمرة.

وأضافت أن جهود الدولة تضمنت أولا إنشاء كيان حقيقي "البوابة المصرية للعمرة" يتم التعامل من خلاله ويتضمن هذا الكيان تطبيق كافة بنود القانون رقم 72 لسنة 2021 الخاص بإنشاء وتنظيم عمل البوابة، بهدف الحفاظ علي الصالح العام خاصة المعتمرين  المصريين والحفاظ علي حقوقهم المادية والإنسانية، ومواجهة المتلاعبين والسماسرة والكيانات الوهمية التي تستغل المواطنين والنصب عليهم بحجة السفر لأداء العمرة.

وأضافت رئيس اللجنة العليا للحج والعمرة أن البوابة المصرية للعمرة  تتعامل  بنصوص صريحة وفقا للقانون ويحق للمواطن الراغب بالسفر للعمرة  بالاطلاع  بشكل مباشر على كافة البرامج التي وضعتها الشركات علي الموقع الإلكتروني واختيار الأنسب له دون التعرض  للاستغلال أو النصب من قبل السماسرة.

وعن الشركات الوهمية التي تبيع تأشيرات مزيفة، قال أحمد إبراهيم عضو اللجنة العليا للحج والعمرة، إن القانون المنظم لعمل البوابة المصرية للعمرة غلظ العقوبات المفروضة على أي شركة مخالفة أو سماسرة يتم تقديم أي شكوى ضدهم فيما يخص التعامل  في عدة أنشطة تخص رحلات العمرة والتعامل مع المعتمر، بشكل غير قانوني.

وأشار إبراهيم إلى أن العقوبات المقررة لم تقتصر علي السماسرة  وإنما كل من يحاول النصب على المعتمرين أو تنظيم رحلات خارج منظومة البوابة الإلكترونية، كذلك أي من الشركات السياحية التي تخالف الضوابط المنظمة لرحلات العمرة والتي تم اعتمادها رسميا من قبل وزير السياحة والآثار بعد موافقة البرلمان علي للقانون  رقم 72 لسنة 2021 الخاص بإنشاء وتنظيم عمل البوابة.

وعن خطوات تقديم الشكاوى والتعامل معها كشفت مصادر مطلعة بوزارة السياحة والآثار عن أن أي مواطن مصري تعرض للنصب من قبل سماسرة العمرة أو من أي شركة سياحية كل ما عليه الدخول علي الموقع الإلكتروني الخاص بالبوابة المصرية للعمرة  وتقديم شكوى رسمية فقط وبعدها مباشرة سيتم التعامل مع الشكوى والتحقيق في الواقعة حيث يتم الموقع الإلكتروني التواصل المباشر بين المعتمر والشركات السياحية  ووزارة السياحة.

وأشارت المصادر إلى أن هذا يعد خطوة حقيقية لمنع تعرض المصريين للنصب من قبل سماسرة التأشيرات، ويتم عرض الشكوي فورا للجهات المعنية وبدء التحقق من كافة بنود الشكوى وانجاز كافة الإجراءات القانونية المتبعة وفقا للقانون.

عقوبات المخالفين الحبس وغرامات تصل لـ3 ملايين جنيه

 وأكدت اللجنة العليا للحج والعمرة: نص القانون الخاص بتنظيم رحلات العمرة على عدة عقوبات للمخالفين من الشركات والسماسرة علي حد السواء  تضمنت العقوبات إيقاف نشاط الشركة السياحية كليا أو جزئيا عن ممارسة نشاط العمرة لمدة لا تجاوز سنة فى حالة مخالفة القواعد والإجراءات الخاصة بالقانون، وإلغاء ترخيص الشركة السياحية نهائيًا فى حالة تكرار المخالفة.

كما تضمنت العقوبات، الحبس لكل من زور بنفسه، أو بواسطة غيره الكود التعريفي للبوابة المصرية للعمرة الخاص بكل معتمر، كما يعاقب المسئول عن الإدارة الفعلية للشخص الاعتباري بذات العقوبات، بجانب عقوبات مالية علي المخالفين  تصل لـ3 ملايين جنيه لكل من نفذ رحلات العمرة وفقا لأحكام المادة "5" من القانون، "فلا يجوز تنفيذ أي رحلات العمرة  إلا من خلال الشركات السياحية المرخص لها بمزاولة النشاط وفقا لأحكام القانون رقم 38 لسنة 1977 بتنظيم الشركات دون غيرها".

كما يتم توقيع غرامة مالية أخرى لا تقل عن 500 ألف جنيه ولا تزيد على مليوني جنيه لكل من نفذ رحلات أداء مناسك العمرة بالمخالفة لأحكام البند "4" من المادة "4"، ومعاقبة أي مخالف بغرامة  تصل الي مليون جنيه ولا تزيد على 3 ملايين جنيه كل من نفذ رحلات العمرة بالمخالفة لأحكام الفقرة الأولى من المادة "5" من هذا القانون، ومخالفة أحكام المادة "7" من هذا القانون.

والتى تنص على "تلتزم شركات الطيران أو النقل البرى أو البحرى، حسب الأحوال، بمطابقة البيانات الخاصة لكل معتمر مع البيانات المسجلة لدى البوابة قبل مغادرة المعتمر منافذ الجمهورية"، وفى حالة العودة يضاعف الحدين الأدنى والأقصى للغرامة.