رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

يسرى عبدالله: إبراهيم عبدالمجيد يملك فى جعبته الكثير من الحكايات عن الإسكندرية

منتدى حديث الأربعاء
منتدى "حديث الأربعاء"

قال الناقد الدكتور يسرى عبدالله، أستاذ النقد الأدبي بجامعة حلوان، إن كتابة إبراهيم عبدالمجيد تستدعي على الفور عبارة تيودور أدورنو الأثيرة "أن تحكي شيئًا معناه أن تتوافر على شيء خاص لتقوله لنا"، ويملك إبراهيم عبدالمجيد في جعبته الكثير من الحكايات عن الإسكندرية وتحولاتها، الهزائم والإخفاقات، الأماني والهواجس، الأحلام الغاربة، والشغف الذي يصاحب أبطاله في ذروة انكسارهم، الكتابة هنا بوصفها فضاء حرًا، ومتجددًا باستمرار، لو أردت أن تضع إطارًا منهجيًا للتعاطي مع كتابته، فإنك وبعد تأمل عميق ستعاين ما أسميه بالمنطق الديمقراطي للسرد، هذا جوهر الكتابة عند إبراهيم عبدالمجيد وغايتها الأصيلة.

وأضاف "عبدالله"، أثناء مشاركته فى أولى فعاليات منتدى "حديث الأربعاء"، بمركز الإبداع الفنى للاحتفاء بمناقشة أعمال الروائى إبراهيم عبدالمجيد الروائية، قائلًا: "يمثل إبراهيم عبدالمجيد معنى فريدًا في السرد المصري والعربي، ويعد مشروعه الروائي ابنًا للتجدد المستمر، وإذا كانت الإسكندرية قد مثلت مركزًا للسرد في أعمال إبداعية عديدة له، وجوهرًا للحكاية داخلها، إلا أنه كان يحفر دومًا في أمكنة مختلفة، وسياقات متعددة، فالكتابة لديه ابنة التراكم، والفن، والتنوع الخلاق".          

وتابع: تتعدد الفضاءات المكانية في أعمال الكاتب الروائي إبراهيم عبدالمجيد، وتتخذ أشكالًا متعددة، فمن الإسكندرية وجهته الأثيرة في روايات "لا أحد ينام في الإسكندرية"، و"طيور العنبر"، و"الإسكندرية في غيمة"، إلى الفضاء الافتراضي الجديد في "في كل أسبوع يوم جمعة"، إلى ميدان التحرير، وأسطرة الواقع في "قطط العام الفائت"، إلى أمكنة مركبة يتجادل فيها الفنتازي مع الواقعي تحضر فيها أسطورته وشخصيته المتخيلة في رواية (السايكلوب).

 واستطرد قائلًا، ويعد إبراهيم عبدالمجيد مسكونًا بالإسكندرية، مشغولًا بها، لا بوصفها مكانًا ماديًا متعينًا فحسب، ولا حتى بوصفها مزيجًا بشريًا خلاقًا ومختلفًا، ولكن بوصفها شاهدًا على تحولات الحياة المصرية ذاتها، فمن رحابة المدينة الكوزموبوليتانية التي رأيناها في روايته «لا أحد ينام في الإسكندرية»، إلى مصريتها الخالصة في «طيور العنبر»، وصولًا إلى ضيقها الروحي والنفسي في روايته «الإسكندرية في غيمة»، والتي تكشف سنوات الموات البطيء للمدينة التي تقاوم ولم تزل سموم الرجعية ورياحها التعيسة، فتبدو الإسكندرية حاضرة دومًا بقلقها، وصخبها، وشجوها الذي لا ينتهي، والأهم إنسانيتها التي لا تنفد، والتي تقاوم المد الإخواني المتغلغل في بنية المكان منذ السبعينيات وحتى الآن.

وأشار أستاذ النقد الأدبى إلى أن إبراهيم عبدالمجيد يعي جيدًا خصوصية المكان السكندري، ويدرك كنهه، ويعرف تحولاته، ومن ورائه يستجلي تحولات الواقع المصري في مراحل مختلفة، في روايته "قطط العام الفائت"، يضع الروائي إبراهيم عبدالمجيد قدمًا في المتخيل، وأخرى في الواقع،  يخلق جدلًا رهيفًا بين الفانتازيا والحقيقة، يظهر منذ التقديمة الدرامية للرواية وحتى الختام.

وأضاف، يوظف إبراهيم عبدالمجيد في رواياته  آليات الفنون البصرية المختلفة، وتحديدًا فن السينما، وتقنيات كتابة السيناريو، حيث يمكننا قراءة مقاطع سردية كاملة مع إمكانية تخيلها بصريًا تخيلًا ضافيًا. 

وتابع، تتعدد مستويات الأداء اللغوي في السرد، فمن اللغة الكلاسية السامقة والرهيفة التي يستخدمها السارد الرئيسي في مقاطعه ذات الطابع الإخباري/ الوصفي، من قبيل: "شمس حانية تشرق على بلاد اللاوند. شمس تعلن عن أن هذه البلاد جميلة وسط الدنيا. ترفع الأنظار إلى بهاء الفضاء على البحر وحول النهر وفي الشوارع البعيدة والأزقة في العشوائيات"، مرورًا باللغة المحايدة، ثم اللغة التي تقترب من فصحى المثقفين، وصولًا إلى العامية المتناثرة في الحوارات في بعض مناطق السرد، كما تمثل الحوارات بين الشخوص جزءًا مركزيًا من بنية الرواية، حيث تضيف إلى الرؤية السردية وتتممها. يعتمد البناء الأليجوري هنا أيضًا على تلك التقسيمات الدالة للواقع، وموازاتها رمزيًا ودلاليًا، وفي إطار اللعبة الفنية التي يخلقها إبراهيم عبدالمجيد في نصه، نراه يمعن في إيهام المتلقين بتلك المباعدة الفنية بين النص والواقع.