رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

تحدى تشارلى!

لعبة طفولية، تستخدم الورقة وأقلام الرصاص، أثارت فزعا بين الناس، لا سيما أولياء الأمور طبعًا، ولا تثريب على المفزوعين فاللعبة قاتلة، أو هكذا وصفها الأهالي الذين فقدوا أطفالهم بسببها.. دخلوا غرف الأطفال للاطمئنان فوجدوهم مقتولين، بطريقة أو بأخرى، وفيديوهات اللعبة مدارة، أو غابوا عن البيوت ورجعوا فوجدوا حبال المشانق أو الدماء، والفيديوهات نفسها في حالة التشغيل أيضا «هكذا لو صح الأمر أصلا»!
شاع الموضوع، وصار من حق الآباء والأمهات أن يصابوا بالفزع؛ فالأبناء أغلى ما أنتجوه في أعمارهم وأقربه، وهم حب أسرهم العظيم الخالد ومستقبلها المضيء المرجو، ومن حقهم أن يسألوا عن اللعبة وأسرارها، ولكن الأهم أن يجدوا لأسئلتهم أجوبة لدى شخص مسئول أو متابع واع، يشغله الموضوع المحير، والأكثر أهمية أن يجدوا حلولا للمشكلة المعقدة! 
اللعبة ظهرت في 2015، ولا أدري لماذا عادت إلى السطح مرة أخرى في هذه الأيام؛ فالعادة أن الألعاب، أيا كانت، يمحو بعضها بعضا مع مرور الوقت، والشركات لا تتوقف عن طرح الجديد المثير في كل حين.. والغاية الآن، ما اللعبة؟ ومن تشارلي؟ 
اللعبة بسيطة مقدار ما هي غامضة، تعتمد على ورقة بيضاء وقلمين من الرصاص يوضعان على شكل صليب (يرتكز أحدهما على الآخر بحيث يبدو ثابتا)، بالإضافة إلى كلمتي نعم ولا مكتوبتين بأطراف الورقة الأربعة من أعلى وأسفل، الكلمة بجانب عكسها، ولكن بقلب لترتيبهما، ثم نداءات (أو تعويذات معينة) يقوم بها اللاعب، أمام من يتحداهم، تستدعي تشارلي: "تشارلي تشارلي، أأنت هنا؟".. "تشارلي تشارلي، هل يمكننا أن نلعب؟".. غالبا ما يتحرك القلم الرصاص العلوي بسبب الهواء الذي يتولد من اندفاع الكلام في الفم، أو بسبب نفخة خفيفة من لاعب لا يلحظها الآخرون؛ فوضع هذا القلم دقيق للغاية، والمهم أنه مع تحركه يخيل للاعب أن هناك استجابة ما..
تشارلي، على حسب التقاليد المكسيكية القديمة التي يقال إن اللعبة تتم بموجبها، شيطان أو رجل ميت، وعلى هذا فمناداته مناداة شر ما أو روح إنسانية غاربة.
تعلم الغيوب وحدها حقيقة أحوالها!
لا أعرف أيمكن أن يقوم باللعبة شخص واحد أم لا، ولكن أميل إلى إمكانية ذلك، لا سيما وبعض الحوادث المروية تؤكد الأمر، وما المانع من تحدي النفس أساسًا؟
أصدق الأهالي فيما يقولونه، وإن كنت أؤمن بوهمية اللعبة، وأعزي الوفاة الفظيعة التي ربما حدثت بالفعل، إلى خيال جامح تسبب في قتل النفس للنفس أو اشتراك بشر في قتل بشر، والمؤسف أن الجميع صغار أبرياء!
تنوير الأطفال مطلوب وتوعية الأوصياء مثله، والعلاقة بين أفراد الأسرة الواحدة يتحتم أن تكون وطيدة وواثقة؛ فلا فزع مع الترابط القوي والائتمان الصادق.
تشارلي، تلاشى يا حفنة الرماد، فارق بلادنا الطيبة إلى حيث يختفي طيف خيالك!