رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

حكاية «خنتكاوس الثالثة».. زوجة الملك التي تغيّر اسمها بسبب ابنها

الملكة خنتكاوس الثالثة
الملكة خنتكاوس الثالثة

في مثل هذا اليوم من العام 2015، تمكّن علماء الآثار، في أثناء أعمال الحفائر التي تجريها بعثة المعهد التشيكي للآثار المصرية بالتعاون مع وزارة الآثار بمنطقة أبوصير، من اكتشاف مقبرة لملكة تدعى "خنتكاوس" الثالثة، تعود لعصر الأسرة الخامسة من الدولة القديمة، وهو ما كشف عن صفحة جديدة من صفحات التاريخ المصري القديم. 

لم يستمد اكتشاف مقبرة الملكة المصرية أهميته فقط من تغطيته لواحدة من الثغرات التي تكتنف عصر الأسرة الخامسة، والتي ينقصنا عنها الكثير من المعلومات، ولكن أيضًا لأنها أكدت من جديد الأهمية التي حظيت بها المرأة في مصر القديمة، والتكريم الذي كانت تختص به لا سيّما بعد أن تصير أُمًا.

منطقة أبو صير الأثرية 

في الجنوب الشرقي من المجموعة الهرمية للملك رع نفر إف، التي اُكتشفت في التسعينيات من القرن الماضي، تقع مقبرة الملكة خنتكاوس الثالثة، والتي تتشابه في تخطيطها مع المقابر الجبانة، إذ يأتي الجزء العلوي منها على شكل مصطبة ومقصورة قرابين صغيرة، وتقع حجرة الدفن في الجزء السفلي الذي يمكن الوصول إليه عبر بئر عمودي.

عاشت خنتكاوس منذ  حوالي 2450 قبل الميلاد، ويحمل قبرها نقوشًا تدعوها بزوجة الملك، ويرجح الخبراء أن يكون مكان مقبرة خنتكاوس الثالثة بجوار مجموعة الملك رع نفر إف دلالة على أنها كانت زوجته، وأنها كانت صاحبة دور أساسي في انتقال السُلطة بين الأسرتين الرابعة والخامسة. 

ومثلما تحمل المقبرة نقشًا يشير إلى أنها زوجة ملك، فإن نقشًا آخر داخل مقبرتها يشير إلى أنها أم الملك الذي رجح الخبراء بأنه منكاحور، وهو الملك السابع من فراعنة الأسرة الخامسة خلال عصر الدولة القديمة. 

اللقبين اللذين حظيت بهما الملكة خنتكاوس الثالثة؛ زوجة الملك، وأم الملك، يؤشران على الأهمية والمكانة التي تمتعت بها المرأة في مصر القديمة، فكونها أمًا لملك يمنحها المزيد من القوة والأهمية، ويدفع الملك لأن يبني لها مقابر أفضل تقديرًا لأهميتها ودورها. 

من جهة أخرى، تدل المقابر على الأهمية الاستثنائية التي منحت للمرأة في مصر القديمة، إذ تحمل ثروات أكثر مقارنة بمقابر الذكور. 

تدل النقوش أن خنتكاوس انحدرت من أسرة مالكة، لكن ولادتها للولد الذي يصير ملكاً يرفع من مكانتها بصورة أكبر، فما إن يصل إلى الحكم ويتوج ملكاً، يسعى إلى دعم أمه ويبني مجموعة جنائزية تكون ملائمة بصورة أكبر لأم الملك، فالأبحاث تشير إلى أن انتقال المرأة من كونها زوجة إلى دور الأمومة يقود إلى تعظيمها ورفع منزلتها.

تقع مقبرة خنتكاوس ضمن مجموعة جنائزية لنخبة حاكمة من مصر القديمة، والذي تدمر جزء كبير منه في العصور القديمة، بما في ذلك المصطبة والكنيسة والتابوت الحجري.  ومع ذلك، فإن الكشف الأثري، الذي تم قبل سبع سنوات، نجح في الكشف عن أربع أدوات نحاسية، و24 أوعية من الحجر الجيري، وبعض بقايا العظام الصغيرة التي يُرجح أنها عظام الملكة خنتكاوس. 

مقبرة خنتكاوس هي جزء من منطقة "أبو صير" الأثرية التي تضم كثيرًا من المواقع المهمة، على رأسها المجموعات الهرمية لعدد من ملوك الأسرة الخامسة، فضلًا عن مقابر مجموعة من الموظفين والكهنة من الأسرة الثالثة وحتى السادسة.