رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

إشارات من الاتحاد الأوروبى

لم تبدأ الحكومة الإسرائيلية الجديدة عملها، لم تؤد اليمين، لم يدخل نتنياهو مكتب رئيس الوزراء فى «بلفور» بعد، لكن التقديرات والتكهنات لما ستكون عليه تلك الحكومة لا تتوقف. فى إسرائيل فحصوا كل شىء، «مستقبل الحكومة، مستقبل الخلافات بين أعضائها، نقاط الضعف والقوة، تغييرات فى السياسات والاستراتيجيات، حتى قرارات إطلاق النار». 

العالم أيضًا يفحص ويترقب ويحذر، ما التقيت شخصًا من أى دولة أوروبية إلا وأعرب عن مخاوفه من تلك الحكومة، وفهمت أن الاتحاد الأوروبى لن ينتظر حتى تبدأ الحكومة عملها، فقد حضروا أنفسهم من الآن. وبدأوا الاستعدادات لـ«مضايقات» نتنياهو وحكومته مبكرًا.

قبل أسبوعين، أبلغ الاتحاد الأوروبى السفير الإسرائيلى، حاييم ريغف، بأنه سيعيد النظر فى بنود اتفاق سابق لتبادل المعلومات بين شرطة إسرائيل و«اليوروبول»، الاتفاق تم وقفه بسبب الخلاف حول الاستخدام الذى يمكن لإسرائيل القيام به من معلومات فى نشاطاتها ما وراء الخط الأخضر.

عضوة البرلمان الأوروبى من السويد، «افين انسير»، قالت إن الوزير المسئول عن الشرطة «إيتمار بن جفير» سيكون له صلاحية إلى المعلومات المهمة التى تزودها اليوروبول، وهذا خطير جدًا.

فى إسرائيل من محبى «لابيد» قالوا إن حكومة نتنياهو هى التى أثرت على الاتفاق، لا توجد معلومات مؤكدة حول هذا، ولكن هذا مؤشر أن الاتحاد الأوروبى يعيد صياغة مواقفه حيال إسرائيل الآن.

الإشارة الثانية، كانت اتفاقية تسمية «اتفاق الإبداع الأوروبى» الذى كان يمكن أن يضخ ميزانيات ضخمة لمؤسسات ثقافية فى إسرائيل، وتمت المصادقة عليه من قبل الحكومة السابقة، وجمد بعد فترة قصيرة من ذلك بسبب فيتو فرضه رئيس الحكومة البديل فى حينه، نفتالى بينيت، والسبب هو معارضة قوائم الائتلاف لبند فى الاتفاق يمنع استثمار للميزانيات فى المستوطنات. هناك أيضًا من يحاول الربط بين وقف الاتفاق والحكومة الجديدة.

الإشارة الثالثة، كانت توقف المشروع الرئيسى الذى قدمه رئيس الوزراء المنتهية ولايته يائير لابيد، إذ أراد استئناف الحوار السنوى بين وزير الخارجية ونظرائه الأوروبيين الذى توقف لسنين فى عهد نتنياهو، مؤخرًا تم الإعلان عن توقف المشروع بسبب اختلاف المواقف، وفى الخلفية يهمسون بأن حكومة نتنياهو هى السبب.

الإشارات السابقة لاقت صدى داخل إسرائيل، فالآن يحذرون مما هو قادم، هل الاتحاد الأوروبى سيوقف الاتفاقات المشتركة للضغط على الحكومة الجديدة من أجل قضايا مثل الاستيطان مثلًا؟ هل سيكون هناك المزيد من الخطوات حيال الأنشطة ما وراء الخط الأخضر؟

كل الاحتمالات مفتوحة، لكن الواقع أيضًا يؤكد أن نتنياهو مستعد أيضًا لحالات التدهور مع الاتحاد الأوروبى، فهو اعتاد عليها خلال حكوماته السابقة، ولهذا كان يتجه إلى دول البلقان واتحاد فيشجراد، ويبنى ويطور علاقات مع أوروبا الشرقية، ليوقف تمرير أى قانون ضده فى الاتحاد الأوروبى من قبل ديمقراطيات أوروبا الغربية.

نتنياهو يعتاد على المواجهات مع الاتحاد الأوروبى، تصريحاته ضده كانت إحدى العلامات المميزة لولاياته السابقة، لا أحد ينسى تصريحه فى عام ٢٠١٧، فى محادثة مغلقة تم بثها بالخطأ على المراسلين، قال إن «سلوك الاتحاد مع إسرائيل هو سلوك هستيرى. الاتحاد الأوروبى هو المنظمة الدولية الوحيدة التى تربط علاقتها مع إسرائيل، التى تعطيها التكنولوجيا، بالاعتبارات السياسية».

فى الاتحاد الأوروبى قالوا إن نتنياهو يقيم علاقات مع الفناء الخلفى لأوروبا «أوروبا الشرقية»؛ ليقوض عمل الاتحاد حيال إسرائيل، وهاجموه، وكرروا مرارًا أنهم متمسكون بحل الدولتين.

المعادلة التى سيقدمها نتنياهو حيال الاتحاد الأوروبى فى حكومته الجديدة كالتالى: مواجهات مع بروكسل، علاقات مع أوروبا الشرقية، ترتيبات مع الرئيس الفرنسى ماكرون، والمستشار الألمانى شولتس، ورئيسة الحكومة الإيطالية. 

منذ دخول نتنياهو مكتبه الجديد القديم فى بلفور سيكون هناك مشاحنات فى جميع الاتجاهات وعلى جميع الأصعدة، ستكون فترة المناورات الأصعب لنتنياهو على مدار حكمه!