رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

تصدق يا مواطن! هـ تصدق إن شاء الله

البحر اللي بـ يعديه عشرات الآلاف من الشباب، بـ صورة غير شرعية، معرضين لـ كل الأخطار اللي فـ الدنيا والآخرة، علشان يوصلوا شواطئ إيطاليا ولا اليونان، البحر دا ذاته، كان بـ يعديه عشرات الآلاف برضه، بس بـ العكس.
الشباب بـ يسافر ليه؟
علشان بـ يحلم بـ شغلانة وعيشة نضيفة وفرصة حياة بـ كرامة ومجتمع نضيف، مش كدا؟
دلوقتي، شبابنا معدوم الفرصة دي هنا فـ بـ يروح يدور عليها هناك، زمان كان الوضع معكوس، كان حلم الشباب في بلاد كتيرة، أهمها اليونان وإيطاليا، إنهم ييجوا مصر، مصر اللي بقت مع محمد علي فرصة لـ أشغال وحرف كتير، غير انتعاش السوق اللي جاب معاه رواج تجاري.
خلينا في الطلاينة، اللي دخلوا مصر أفواجًا مع نهاية القرن الـ19، ووصل عددهم في وقت لـ ما يقرب من خمسين ألف طلياني في إسكندرية لـ وحدها، وكانوا تاني أكبر جالية في بوابة مصر البحرية، بعد الجالية اليونانية، بس هم تميزوا بـ حاجة.
وجود الطلاينة في مصر، خصوصًا إسكندرية ثم القاهرة، كان عابر لـ الطبقات، يعني كانوا منتشرين أكتر، فيه منهم الأغنيا، وفيه منهم الأسطوات، وفيه منهم الحرفيين والعمال، وأصحاب شركات، يعني البريد المصري دا كان فـ يوم من الأيام طلياني. وإجمالًا أنشطة الطلاينة في مصر ما وقفتش على مجال معين.
عندك المستشفى الإيطالي، عندك كامب شيزار، عندك شركة المحاريث والهندسة، عندك حي الزمالك اللي أسسته إرسالية دانيالي كومبوني، اللي لسه ليهم كنيسة وبيت راهبات في شارع أحمد صبري، دا غير مئات المشاريع اللي اندثرت، وكانت أساسية في حركة الاقتصاد المصري، كفاية أقول لك إنه كان فيه أكتر من بنك إيطالي في مصر.
صحيح أنا كتير بـ أتكلم وحش عن يوليو، وبـ أقول إنها سبب في اختفاء حاجات كتير حلوة من حياة المصريين، إنما الصراحة إن انحسار الوجود الطلياني في مصر بدأ من قبل يوليو بـ شويتين، من ساعة ما إيطاليا قررت تدخل الحرب العالمية التانية في صف ألمانيا.
من ساعة بدأت مصالح الطلاينة تنضرب، والطلاينة نفسهم يتعرضوا لـ الملاحقة بـ صور كتير، منها الاعتقال والسجن والتصفية والترحيل والأسر، لـ درجة إن آلاف الطلاينة طلعوا باسبورات مصرية، وتنكروا لـ أصلهم الإيطالي وأخفوه، خصوصًا الجيل التاني والتالت، فـ لما جت يوليو ما كانش فيه أصلًا وجود إيطالي تصفيه.
إنما أنا ليه بـ أقول دا هنا؟
علشان أقول لك إن اللغة المصرية فيها كم كبير من الكلمات الإيطالية، اللي انتشرت مع وجود الطلاينة في قلب المجتمع المصري، يعني مثلًا "روبابيكا"، دول كلمتين إيطاليتين: روبا = حاجات، فيكيا = قديم أو عجوز، فـ روبا فيكيا، اللي بقت روبابيكيا معناها حاجات قديمة حرفيًا.
عندك بريمو وترسو، اللي هو الأول والتالت، فـ البريمو الدرجة الأولى والترسو الدرجة التالتة، معظم كلمات العفش طليانية، من أول كلمة موبيليا نفسها، لـ حد كومودينو وترابيزة وشوفونيرة وإلخ إلخ.
معظم كلمات الهدوم: قميص وجونيلة وبالطو وبنطلون وكرافتة وإلخ إلخ.
"بروتّا" اللي هي يعني شخص تقيل مش نشيط، "استبينا" = "ستا بينا" = كله كويس، أليستا = ألا ليستا = كله مدرج في الجدول، فاتورة، كمبيالة، بانيو، ..... فاضي؟