رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

كرنفال مغربى فى الدوحة| «الدستور».. توثق مشاهد الإنجاز التاريخى لـ«أسود الأطلس» فى المونديال

المغرب
المغرب

حتى الرابعة فجرًا، استمرت احتفالات الجمهور المغربى بالعاصمة القطرية الدوحة، عقب الفوز التاريخى الذى حققه «أسود الأطلس»، مساء أمس الأول الثلاثاء، ونجاحه فى الإطاحة بالمنتخب الإسبانى خارج المونديال، ليصبح المغرب أول فريق عربى يحقق هذا الإنجاز الاستثنائى.

العملاق: بونو بطلًا قوميًا فى الشوارع

فى مشيرب وسوق واقف ومنطقة السد وبمحيط ملعب المدينة التعليمية وعلى كورنيش العاصمة القطرية، استحوذت الأعلام والأغنيات والهتافات المغربية على المشهد، وشارك الجمهور العربى، من مصريين وسعوديين وفلسطينيين وسوريين، الجالية المغربية فرحتها واحتفالاتها، وكان المشهد أشبه بعرس عربى لا تستطيع فيه معرفة مَن هو الفائز فى تلك المباراة، فالجميع تلون بفرحة وتعبيرات المغرب المنتصر.

الأمر الأجمل من كل ذلك، كان أن الأغلبية التى حضرت من الصحافة العالمية كانت سعيدة للغاية بالفوز المغربى، وكان كل الصحافة اللاتينية والآسيوية وجزء كبير من الصحفيين الأوروبيين يتفاعلون لصالح «أسود الأطلس»، وعبروا عن سعادتهم الكبيرة بالانتصار المغربى الذى جعلهم يفوزون باحترام العالم كله.

وكان العملاق ياسين بونو، حارس مرمى الأسود ولاعب إشبيلية الإسبانى، أهم رجل فى العاصمة القطرية.. أهم من كريستيانو رونالدو وليونيل ميسى، وكل القامات العالمية الموجودة على أرض الدوحة، وكان صاحب النصيب الأكبر من الإشادة والهتافات والأغانى، التى دارت فى الشوارع والميادين ومحطات المترو، فى مشاهد تاريخية وثقت الإنجاز الكبير، وجعلت من «بونو» بطلًا قوميًا لن ينساه المغاربة مهما طال الزمن.

داخل غرفة اللاعبين، كان استقبال «بونو» بالأحضان والتهانى والحب وكل المشاعر الجميلة من زملائه، الذين حاصروه بفيض من المشاعر الاستثنائية، وعاود كل لاعب وفرد فى قائمة وجهاز المغرب احتضانه مرات عديدة خلال طريق العودة لفندق إقامة «الأسود».

الوحش: «أمرابط» يلتهم الماتادور الإسبانى

بعد «بونو»، كان زميله سفيان أمرابط له حصة كبيرة من الدعم والتشجيع والتغنى بما قدمه أمام لاعبى منتخب إسبانيا، خاصة أنه خاض تلك الملحمة وهو بـ«نصف صحة»، بسبب معاناته من بعض الآلام فى منطقة الظهر.

«أمرابط» كان حتى فجر يوم المباراة غير جاهز، لكنه ظل يعمل فى المستشفى على تجهيز نفسه، وقبل المباراة اضطر للخضوغ للحقن كى يتجاوز الآلام ويتحامل على نفسه ليقدم مباراة تاريخية.

الصحفيون والمحللون لصحف أجنبية داخل المركز الإعلامى، والجماهير حول الملعب وفى الميادين، الكل أجمع على أن «أمرابط» كان مثل الوحش الذى ابتلع كل لاعبى الوسط الإسبانى وجعلهم أقزامًا أمامه، فأخفى بوسكيتس، الملقب بـ«محور الأرض»، وأهان أمير إسبانيا «جافى»، الذى تحوّل قميصه من الإرهاق والتعب والوقوع أرضًا إلى شبه قطعة من الطين.

لم يكن «أمرابط» رائعًا فى أدوار الافتكاك وإفساد الهجمات فحسب، بل قدم دروسًا فى كيفية الوقوف بالكرة تحت الضغط، وتدوير الهجمة من جهة لأخرى، رغم الكثرة والكثافة العددية للاعبى وسط إسبانيا مع ارتفاع درجة إجادتهم.

ما قدمه «أمرابط» من دروس خططية جعله حديث الصحافة الغربية، التى أكدت أن عدة أندية إنجليزية مهتمة بضمه خلال فترة الانتقالات الشتوية المقبلة، وعلى رأس تلك الأندية ليفربول ونيوكاسل.

فى الوقت ذاته، أبدى صحفيون إسبان إعجابهم الشديد باللاعب، وعندما قورن بـ«بوسكيتس»، قال كثيرون إن «أمرابط» الأفضل بحكم الحيوية والسن، ولم ينكر أحدهم أن برشلونة بحاجة للاعب مثله. الحفاوة الكبيرة بالنجم المغربى لم تحرم زميله عزالدين أوناهى من نيل نصيب كبير من الدعم والمديح، خاصة بعدما جاءته شهادة تاريخية من لويس إنريكى، مدرب الإسبان، الذى قال عنه إنه لاعب استثنائى وأرهقهم كثيرًا لأنه لا يتوقف عن الجرى فى كل مكان.

قاهر المستحيل: «الركراكى».. المعنويات أولًا

فى مباراة الثلاثاء التاريخية، لم يقدم المدير الفنى للأسود وليد الركراكى جديدًا، لعب بنفس منهجه الذى اعتمد عليه منذ بداية البطولة، ودافع بكثافة وتنظيم كبيرين طوال الوقت وصنع الخطر عبر التحولات كالعادة.

لكن الجهد الأكبر فى إنجاز «الركراكى» يتلخص فى عملية تأهيله للاعبيه وتجهيزهم نفسيًا قبل المباراة، عبر زرع الإيمان والثقة الكبيرة، التى انعكست عليهم داخل الملعب.

تعقيبًا على صعودهم لدور الستة عشر بعد دور مجموعات رائع، قال «الركراكى»: «لم لا نحلم بالفوز بكأس العالم»، وبغرفة اللاعبين وفى محاضراته قال: «إن لم نحلم بالوصول لن نصل، فالمستحيل لن يكون مستحيلًا حينما يأتى شخص ما ويفعله، وهو ما تستطيعون فعله».

لعب «الركراكى» دورًا كبيرًا فى الاقتراب أكثر من لاعبيه، وخلق دوافع غير مسبوقة، ومن المؤكد أن الترابط الكبير بين اللاعبين ومدربهم خلق حالة تفاهم أكبر، تمت ترجمتها إلى عمل كبير لن ينساه العالم، وهو ما يخالف التباين الكبير الذى أحدث شروخًا بين المدرب السابق وحيد خليلوزيتش ونجوم المغرب.

زيدان العرب: حكيمى يؤكد الأسطورة

كان مشهد إصابة المدافع المغربى أكرد نايف وخروجه من المباراة باكيًا مؤلمًا للغاية، بعدما لعب «نايف» خلال مشوار البطولة دورًا كبيرًا فى صد أى خطر يقترب من مرمى حارسه «بونو».

وقوعه أوقع القلوب، وتألمه آلم الجميع، وخروجه ولّد بعض المخاوف، لأنه كان طوال ٤ مباريات بمثابة الجدار المتين الذى يصد أى تقدم للمنافس، والروح المستعدة للذهاب وسط الموت كى تمنع هدفًا كان قريبًا من شباك المغرب.

حرص لاعبو المغرب على دعم زميلهم وتهنئته على المباراة التاريخية التى قدمها، مع تحفيزه للعودة سريعًا واستكمال مسيرته الرائعة، وكذلك استحوذ على كثير من الدعم الجماهيرى فى شوارع الدوحة.

وكعادته كان أشرف حكيمى نجمًا لامعًا يتغنى به الجميع، والفنان الذى يرسم الصورة الأجمل، ويضفى لمسته الإبداعية على كل عمل، وهو ما جعل الجميع يشبه ركلة العبور التى سددها بما فعله زين الدين زيدان مع فرنسا أمام الحارس الإيطالى بوفون فى مونديال ٢٠٠٦.