رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الاستثمار فى كثبان طمى النيل ‏

هناك فرق كبير بين الإدارة التقليدية للمشكلة أو الأزمة، وبين الإدارة العلمية المبتكرة القائمة ‏على خلق أكبر عملية استفادة من أطروحات الإبداع فى الحلول.‏

كثبان الطمى المنتشرة فى مجرى النيل من جنوبه إلى أقصى شماله تمثل مشكلة كبيرة ‏ومتزايدة نتيجة عدم التفكير فى حل لها منذ عشرات السنوات، والنتيجة هو مزيد من خنق ‏المجرى عن طريق الاستيلاء عليها وتحويلها إلى مشروعات استثمارية، من أباطرة الفساد ‏وأصحاب النفوذ ومعظمهم من استولى على أراضى طرح النيل وقام بتقنين شراء الفدان فيها ‏ببضعة جنيهات ليحولها إلى بنايات أو مشروعات استثمارية ثمنها بملايين ومليارات الجنيهات.‏

والحل طرحناه سابقًا عدة مرات، «لا يفل الفساد إلا قوة القانون» وما تم الاستيلاء عليه ‏بالقوة لن يتم استرجاعه إلا بالقوة «أراضى طرح النيل ثروة قومية تقدر بثمن كبير» ذلك ‏الثمن قادر على حل معظم مشاكل مصر المالية وقادر على المساهمة فى بناء اقتصادها.‏

فلا يعقل وليس من العدل أن يقوم أصحاب النفوذ بالاستيلاء على طرح أراضى مجرى النيل ‏ويدفعوا عشرات أو مئات الجنيهات لثمن الفدان الواحد عند تقنين وضعه (ذلك المبلغ ‏المدفوع بالتقسيط على عدة سنوات) ويقوم بعدها ببيع ذلك الفدان بالمتر الذى يصل ‏فى بعض المناطق السكنية أو الاستثمارية لعشرات الآلاف، وإن كانت أرضا زراعية فالفدان ‏فى الوقت الحالى يتخطى 5 ملايين، والعدل هو رجوع تلك الأراضى إلى الدولة عن طريق الإعلان طبقًا لتشريع، لحين ‏تسعيرها مرة أخرى، وقد اقترحت سابقًا أن يستلم الجيش تلك الأراضى ويعلن فى مزاد ‏علنى بعد تسعيرها ويكون للمالك الذى استولى عليها 50% فقط والنصف الآخر للدولة على ‏أن تضع الدولة استراتيجية لاستغلال تلك الأرض فى بناء المشروعات التحتية مثل المدارس ‏والمصانع والمستشفيات والمسارح والملاعب، والفائض من تلك المشروعات يتم عرضه ‏للبيع طبقًا لتسعيرة المزاد عن أن يكون الأولية لواضع اليد عليها منذ البداية.‏

ورجوعًا لموضع كثبان الطمى وسط مجرى النيل اقترحنا أيضًا سابقًا أن تقوم كل محافظة ‏بتكرير الكثبان ورفعها وتجفيفها فى أماكن مخصصة، ومن ثم استخدامها فى إحلال وتجديد ‏التربة الصحراوية فى الأراضى التى يتم استصلاحها وزراعتها، ذلك الاقتراح سيكون ذات ‏عدة فوائد أهمها الحفاظ على النيل ومجراه، ثانيًا قطع الطريق على أصحاب النفوذ من الاستيلاء عليها، ثالثًا والأهم هو تجديد وإحلال التربة الرملية الصحراوية وتحويلها إلى تربة ‏زراعية تستخدم فى زراعة كل المحاصيل وعلى رأسها المحاصيل الاستراتيجية مثل القمح ‏والذرة والفول البلدى وفول الصويا والشعير والبرسيم الخ، والفائدة الرابعة أن كثبان الطمى فى النيل ‏تمثل حضنا للحشائش والنفايات، مثل ورد النيل وخلافه واستمرار تلك الكثبان حتمًا يزيد من ‏خنق المجرى وضيق اتساعه، ويقول بعض المتخصصين إن ذلك الطمى بداخله بعض ‏المعادن يمكن الاستفادة منها عبر عملية تكرير واستخلاص ويمكن دراسة ذلك من خبراء ‏ومتخصصين. 
‏ ‏
ومع التفكير فى تلك المقترحات والأطروحات أقترح أيضًا سن تشريع بقانون عسكرى يعاقب ‏من خلاله، من يعتدى على مجرى النيل بأى شكل من الأشكال ومنها الاستيلاء والردم ورمى ‏النفايات.‏

ولا ننسى أن نهر النيل يتم صب فيه بعض المصارف المحملة بكل نفايات المستشفيات ‏والمصانع والحيوان النافقة، فمثلًا فى محافظة المنيا هناك مصرف يشق معظم مدن المحافظة ‏ويتجه مباشرة إلى النيل لصب فيه كل النفايات المحملة، وهذا لا يؤثر فقط على صحة الإنسان ‏بل على الأراضى الزراعية وجودة المنتجات والمحاصيل، وطبعًا أثر ذلك بقوة على الثروة ‏السمكية التى كانت تعتبر أمنًا غذائيًا موازيًا فى متناول المواطن الفقير ولكن الآن شبه ‏اختفى ذلك، فماذا لو قامت الدولة بنقل مياه ذلك المصرف إلى الصحراء لزراعة بعض الغابات ‏التى تنتج أخشابًا معظمها نستوردها بملايين الدولارات، هنا التفكير العلمى الذى يبدع فى ‏خلق أطروحات أكثر من استفادة عند حل المشكلة. ‏