رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

عواجيز يناير

ليه مواليد التمانينات عجزوا بدري بالرغم إنهم مقتنعين من جواهم إنهم لسه شباب؟ وبنقول على الشباب اللي بجد اللي هما ما بين ١٨ و٢٥ سنة أندر إيدج! يمكن عشان ضاع من عمرنا أكتر من ١٠ سنين في أحداث سياسية كبيرة، وكورونا.. عدت السنين من كتر أحداثهم بسرعة، فلما جينا نبتدي نشم نفسنا لقينا نفسنا في أواخر التلاتينات، وداخلين علي الأربعين فجأة كده، لكن إحنا فعلًا فينا حاجات كتير اتغيرت.. إحنا مبقناش إحنا، الشغف، والجرأة، والأحلام، والأمل اللي بينقط مننا عمال على بطال، ودايمًا شايفين إننا قادرين نغير الواقع وكل مشكلة وليها طريقة لحلها، وكل حاجة في إيدينا، ونقعد نكتب الـ"bucket list" أو قائمة الأمنيات بتبقي مليانة، عد من ٢٠ لـ٣٠ نقطة.. ما بين سفر لدول ومدن كتير، وشغل ودراسة ومشاريع وغيره.

من تجارب الدنيا كلها دلوقتي القائمة بتاعتنا مقتصرة على "الصحة، والستر"، مفيش خطط مشرقة.. لو حد كلمنا على سفرية علي بعد ١٠٠ كيلو هنقعد نفكر ١٠٠ مرة قبل ما نقوم من مكانا، وبعد ما كنا بنتخانق على السواقة كل واحد فينا عايز هو اللي يسوق، بقينا بنتخانق علي السواقة برضو بس محدش عايز يسوق مبقناش فينا أعصاب، بقينا بنمشي علي سرعات هادية، ولو لقينا حد جمبنا علي الطريق ماشي علي سرعة أعلي من ١٤٠ بنقول: "يا مجنون.. ربنا يسترها عليك يا بني".

إحنا كبرنا للدرجة دي؟ لمعة عنينا بهتت، بقينا خوافين أوي، وخصوصًا اللي عنده ولاد، اللي بيعمل فيهم ربع شقاوتنا زمان بقينا بنخاف عليه وقلبنا يدق من القلق، بقي بيتقالنا يا طنط ويا عمو وبنزعل أوووي وبنقاوح ونقول إيه اللي بتقولوه ده إحنا أكبر منكم بحاجة بسيطة، بقينا بنشوف الأندر إيدج بالنسبة لنا على إنهم متجرأين زيادة علي اللزوم، ومنبهرين بكمية المعلومات اللي عندهم ومهارة الإبداع عندهم عالية أوي، ونبصلهم ونقولهم يااااه بتفكرونا بنفسنا زمان! 

أغلبنا عايش بيصرف مرتبه كله في تسديد ديون وأقساط مدارس واشتراك النادي وإيجار البيت وفواتير كهربا وغاز وتليفون ونت والقنوات اللي ولاده بيتفرجوا عليها وتمارين ورحلات المدارس وميتبقاش حتي تمن الأدوية بتاعتنا، إحنا عمرنا ما فكرنا في ده كله.. إزاي فجأة كبرنا وبقيت حياتنا عبارة عن ديون وفواتير؟ إزاي عدى الوقت اللي كنا معتمدين فيه على أهالينا نقولهم عايزين بس! ومكناش نعرف كم الهم اللي بيشيلوه مع كل كلمة بابا أو ماما أنا عايز؟ 

إحنا لقينا نفسنا فجأة إننا بقينا المسئولين عن ناس.. بعد ما كنا بنروح لحد كبير يحللنا مشاكلنا، لقينا نفسنا إحنا الحد الكبير ده اللي المفروض نحل مشكلة المسئولين مننا، نفسنا نروح نعيط في حضن أهالينا ونحكيلهم مشاكلنا وهما يحلوها.

أغلب جيلنا فقدوا أهاليهم أو لو في منهم عايشين دلوقتى هم المسئولين عنهم، ومش المفروض إننا نعيط لا قدامهم ولا قدام ولادنا، عشان هما دلوقتي اللي بيستمدوا القوة مننا، إزاي شعرنا يخونا ويبيض فجأة.. أنا كنت فاكرة إننا بنبتدي نكبر من بعد الـ٥٠ مثلًا.. ده حتي إعلانات الوظايف دلوقتي بقت بتتطلب السن ميعديش ٣٥، إحنا فاقدين الشغف آه بس عندنا بصيص أمل كده إننا نلاقيه.. بنحاول نتفرج على التيك توك ونقلد العيال الصغيرة اللي بيقولوا على نفسهم شباب يمكن نفضل متمسكين بالفئة العمرية دي، لكن أنا عندي سؤال؟.. هو جيلنا بس اللي عجز بدري كده ولا المرحلة دي هي اللي كده وإحنا اللي بنتلكك بالـ١٠ سنين اللي ضاعوا مننا؟

نفسي بس الأجيال اللي بعدينا ميغلطوش غلطتنا.. فكروا كويس قبل كل حاجة بتعملوها عشان بعد فترة هتقعدوا تقولوا إيه اللي كنا بنعمله ده، ومتخلوش أي ظروف توقفكم عشان الزمن بيعدي بسرعة أوي ومبيستناش حد، وهتزعلوا أوي علي الوقت اللي خسرتوه ومش هتقدروا ترجعوه واشبعوا من كل حاجة في إيديكم دلوقتي، اشبعوا من شبابكم وروحكم وأهاليكم.. اشبعوا بالدفا والحنان.. اشبعوا من الضحك والحرية ومتستنزفوش مشاعركم وصحتكم علي الفاضي أو على حاجات ملهاش لازمة هتحتاجوها بعدين، حياتكم دلوقتي حلوة أوي اتبسطوا بيها.