رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

صُنّاع «ديارنا» فى مؤتمر المناخ: «نحوّل المخلفات إلى منتجات صديقة للبيئة»

ديارنا
ديارنا

تواصل وزارة التضامن الاجتماعى جهودها لدعم ورعاية صغار الحرفيين ومنتجى المشغولات اليدوية، من خلال معرض «ديارنا» الذى يجوب محافظات الجمهورية، ويستقر حاليًا فى جناح خاص بالوزارة داخل «المنطقة الخضراء»، على هامش مؤتمر أطراف اتفاقية الأمم المتحدة بشأن تغير المناخ فى مدينة شرم الشيخ.

ويتبارى حرفيو وصنّاع «ديارنا» فى عرض منتجاتهم على ضيوف المؤتمر من جميع أنحاء العالم، خاصة المنتجات صديقة البيئة المعاد تدويرها من المخلفات الزراعية أو الأكياس البلاستيكية.

«الدستور» التقت عددًا من هؤلاء الحرفيين والصناع، لاستطلاع آرائهم عن التجربة، ومعرفة رد فعل الجمهور تجاه منتجاتهم، وغيرها من التفاصيل فى السطور التالية.

عادل محمود: أصنع مجسمات حيّة عن حياة الواحات من النخيل

قال عادل محمود، الشهير بـ«عادل العمدة»، ٤٥ عامًا، إنه يستخدم إزميلًا للنحت على جريد النخل، وصناعة مجسمات متنوعة لطيور وحيوانات، أو نساء يحملن جرار الماء، وأخريات يعملن على مشنات الجبن، وغيرها من مشاهد ترصد عادات وتقاليد أهل الواحات فى محافظة الوادى الجديد.

وأضاف «محمود»: «منتجاتى عبارة عن تابلوهات بارزة ومجسمات خفيفة وصلدة وصديقة للبيئة، كلها من مخلفات النخيل، وهى ملونة بألوان الحجر الرملى، ومزينة برمال صحراء الوادى».

وواصل: «أركز على الطبيعة التى ولدت وأعيش فيها، وأحرص على حمياتها فأنا أستخدم مخلفات النخيل التى يتخلص منها المزارعون بالحرق، وأعيد تدويرها بدلًا من حرقها وتلويث الهواء».

وكشف عن بدئه فى النحت على جذوع النخيل ومخلفاته قبل ٢٥ سنة، بعد أن استهواه هذا الفن البعيد عن دراسته المتمثلة فى دارسة الإنشاءات المعمارية فى المعهد الفنى الصناعى، خاصة أن الرسم كان هوايته منذ الطفولة، ثم بدأ تجريب النحت باستخدام الطين والصلصال، ثم باستخدام جذوع النخيل.

وأكمل: «رأيت أنه يتوجب علىّ أن أميز نفسى بخامة طبيعية غير منتشرة الاستخدام، فوجدت غايتى فى الجزء الأعرض من الجريد المتصل بقمة النخلة، وعادة ما يتم التخلص منه بالحرق، وتتميز هذه القطعة من النخل بأنها خفيفة وصلدة معًا».

وأوضح أنه يحصل على مخلفات النخيل من خلال اتفاقه مع أصحاب مزارع النخيل، مقابل أن يتولى تقليم الأشجار سنويًا، ويستعين فى هذه المهمة بعمالة متخصصة فى هذا المجال ويتولى نفقاتهم.

وأضاف: «استغرقت وقتًا طويلًا لكى أتوصل لطريقة توظيف مخلفات النخيل فى نحت مجسمات أو تابلوهات، ووصلت إلى الطريقة المثلى لتجهيز الخامة قبل أن أبدأ فى نحتها، حتى لا يخترقها السوس أو الآفات فيما بعد».

وشرح: «يجب أن تقطع فى الشتاء بعد جنى البلح، ثم أنشرها على الرمل فى الشمس لمدة ٦ شهور مع تقليبها يوميًا، لأضمن جفافها تمامًا وتخلصها من الرطوبة، ثم أبخرها لأضمن عدم وجود فطريات أو آفات قد تضر بالمنتج، ثم أنحتها أشكالًا ديكورية تراثية لمناظر الطبيعة والعمارة والحياة فى الوادى الجديد».

يحب «عادل» أن ينحت مجسماته أمام جمهور معارض «ديارنا»، ولو طلب منه أحد الزائرين تصميمًا أو شكلًا أو حجمًا معينًا، يستجيب لطلبه على الفور، ويسلمه القطعة قبل أن ينهى الضيف زيارته للمعرض.

ويطوّر ابن الوادى الجديد منتجه ويحرص على إرضاء جميع الأذواق، وبإمكانه نحت مجسمات مناسبة كقطع فنية يمكن وضعها على المكاتب، أو تابلوهات لتعليقها على الحوائط، أو يدمج قطعة أو اثنتين أو ثلاثًا من المجسمات، لتكون مجسمًا أكبر، أو يطعمه بخلفية من الرمال الملونة الطبيعية من صحراء الوادى الجديد، القريبة من قريته فى الخارجة «تنيدة»، وفق ما قال لـ«الدستور».

 

فاتن ابنة النوبة: أُنتج حقائب يد وحافظات طعام من ألياف الموز

كشفت فاتن، ابنة النوبة الحاصلة على دبلوم المدارس الفنية الصناعية فى التريكو والتطريز، إحدى المشاركات فى معرض «ديارنا»، عن أنها لا تحتاج لأكثر من إبرة خوص ومقص وخيوط قطن، لتطريز منتجاتها الخالية من الصبغات والألوان الصناعية، خاصة أن هذه المنتجات يمكن أن تستخدم فى حفظ الطعام، لذا لا تريد أن يكون للألوان الصناعية أى تأثير ضار على صحة المستهلك.

وقالت «فاتن»: «اكتشفت مميزات منتجات ألياف الموز بالمقارنة بمنتجات خوص النخيل، فهى أكثر مرونة، وتمتص الرطوبة، ولا تتأثر بالمياه، ويمكن غسلها، وتأخذ شكل الأشياء التى توضع داخلها، بخلاف منتجات خوص النخيل الصلبة التى تتعرض للتكسر بمرور الوقت ولا يمكن معالجتها فى هذه الحالة». وأضافت: «بدأت مشروعى برأسمال ١٥ ألف جنيه فقط، ثم توسعت فى الإنتاج، وبدأت الاستعانة بأيادٍ ماهرة أخرى»، مشيرة إلى أنها استلهمت فكرة إعادة تدوير مخلفات الموز، خلال عملها فى إحدى شركات إعادة تدوير المخلفات الزراعية فى مدينة أسوان منذ ٢٠١٦، وكانت الشركة تركز عملها على إعادة تدوير مخلفات النخيل، خاصة السعف.

وحسب دليل تدوير المخلفات الزراعية الصادر عن وزارة الدولة لشئون البيئة، تقدر مخلفات الموز بمليون و٦٨٥ ألف طن سنويًا، كما أن مخلفات زراعة الموز متاحة على مدار العام، وهى من أجود المخلفات التى تحتوى على كمية كبيرة من الألياف الطبيعية، خاصة الألياف البيضاء الطويلة، التى يمكن استخلاصها بخطوات تحضيرية لفصل الساق عن الألياف.

تستخدم «فاتن» مخلفات شجر الموز، التى كان يتم التخلص منها بالإلقاء فى النيل أو الحرق، بعدما قرأت كثيرًا عبر الإنترنت عن إعادة تدوير المخلفات الزراعية بشكل عام، وتوقفت عند إعادة تدوير شجر الموز، خاصة أن زراعة الموز متوافرة فى أسوان والأقصر وقنا.

وأضافت: «بدأت أجرب استخدام ألياف الموز، من خلال خبرتى فى الشركة سالفة الذكر، وتطلب منى الأمر مرات كثيرة فى التجريب لأصل إلى الجودة الحالية، وفى ٢٠١٩، قررت أن أؤسس شركة خاصة بى، لإعادة تدوير شجر الموز».

وبينت أن المنتجات المعروضة فى معرض «ديارنا» على هامش مؤتمر المناخ فى شرم الشيخ كلها ملونة بالخيوط القطن التى تطرزها حول الألياف المضفرة للعياشات المخصصة لحفظ الخبز، أو القواعد العازلة للحرارة للأوانى الساخنة، وأطباق الزينة.

وتتنوع المنتجات لدى «فاتن»، وتصلح للاستخدام فى المطبخ أو على السفرة، أو لحفظ الفوط فى الحمام، أو لوضع ماكينة الحلاقة، واختارت تصميم المثلثات من موتيفات النوبة الشهيرة، وبلونى الأخضر والبرتقالى، المتوافقين مع موضة العام.

وتستخدم ابنة النوبة قماش القطن الثقيل المتين «الدك» لصناعة حقائب قماشية، مطبوعة عليها رسوم فرعونية، لتعكس الهوية المصرية، والحياة اليومية للمصريين القدماء، المرسومة على معابد الأقصر وأسوان.

كما تصنع حقائب ملونة للمصطافين من سنابل القمح بعد أن تجف، وتضفرها بطريقة تشبه ضفائر المكرمية، بطريقة يدوية وصديقة للبيئة، ومن دون استخدام أى مواد صناعية.

وتستطيع أن تستخدم ألياف القمح فى صناعة أشكال مميزة من الضفائر، بعد أن كان يتخلص منها المزارعون أو يحولونها إلى أعلاف للمواشى.

وتفكر فى إعادة استخدام أوراق ورد النيل، لإنتاج منتجات يدوية جمالية ولها وظيفة فى الحياة اليومية، حتى لا يتم التخلص منها بالحرق، وتزيد من انبعاث ثانى أكسيد الكربون.

نعيم فتحى: منتجاتنا ذات طابع تراثى يحمل الهوية المصرية 

يقف فتحى نعيم فتحى، مدير تسويق براند «بدارة»، لصاحبته الفنانة عبير جداوى، يشرح للجمهور مميزات المنتجات اليدوية المصنوعة من ألياف نبات «الحلفا» الذى تشتهر به محافظة الوادى الجديد.

ووصف «فتحى» مؤتمر المناخ بأنه فرصة لتعريف العالم بمنتجات وصناعات مصر اليدوية، ومن ضمنها حافظات مكياج، ونقود من الجلد، وكليم، ومفارش طاولة.

وكشف عن أن كل هذه المنتجات «هاند ميد»، وتصنع بخامات صديقة للبيئة، وذات طابع تراثى يحمل الهوية المصرية، مع إضافة لمسات عصرية لكل قطعة لتناسب الأذواق المختلفة من المصريين والسائحين.

ولدى مؤسسة «بدارة» ورشة فى منطقة دهشور بمحافظة الجيزة، وأخرى فى الوادى الجديد، يعمل بهما نحو ٣٠٠ سيدة، إلى جانب سيدات أخريات يعملن من بيوتهن فى منطقة مصر القديمة، وينتجن جميعهن شنطًا وصناديق من ألياف «الحلفا»، التى تعد أكثر متانة وتحملًا لجميع الأجواء والماء أيضًا، لأنها مضفرة من نبات طبيعى.

وتدخل الألياف فى مراحل معالجة كثيرة قبل أن تضفر لتصنع منها الشنط والقفف والعياشات، وتضاف للشنط أحزمة من الجلد الطبيعى وكيس قماش من الداخل، لتكون القطعة عصرية وأنيقة، وتتراوح أسعارها بين ٤٥٠، و٦٥٠، و٧٠٠ جنيه. أما الصناديق الكبيرة التى تُستخدم للرحلات، فتسع للأطعمة وللماء ويصل سعرها إلى ٨٥٠ جنيهًا، بينما يبلغ سعر كوسترات الأكواب والأوانى الساخنة ٣٠٠ جنيه للطقم.

وتستخدم سيدات «بدارة» نبات «الحلفا» فى تصنيع معلقات مميزة، إلى جانب معلقات أخرى من خيوط القطن واللؤلؤ الأبيض، ويشارك البراند بهذه المنتجات فى معارض «ديارنا» التى تنظمها وزارة التضامن الاجتماعى، للمرة التاسعة عشرة، وكل هذه المنتجات يدوية تصنعها السيدات المعيلات،.

ويعنى اسم «بدارة» بلهجة الواحات فى محافظة الوادى الجديد «السلة» أو «قفة الخوص»، وهى ترمز إلى الفرحة، كونها تُمثل سلات الخوص التى يُوضع بها جهاز العروسة بعد تزيينها، لذا فالمنتجات مرتبطة بتراث الواحات.

وتوظف «بدارة» المخلفات الزراعية من خوص وعرجون النخيل ونبات «الحلفا» ومخلفات أوراق نبات الموز كخامات أساسية لمنتجات عصرية ذات طابع تراثى.

ودربت «عبير» السيدات فى الوادى على صناعة سلال الخوص، ثم يتم إرسالها إلى سيدات دهشور ليتولين مهمة تطريزها، وصولًا إلى «تقفيل» القطعة أمام عينى «عبير»، التى تستقر الآن فى القاهرة لتتابع العمل بنفسها، وتدير أختها ورشة الوادى الجديد.

بدأ مشروع «بدارة» فى ٢٠١٧، لإنتاج منتج يدوى ذى طابع تراثى مصرى أصيل بأيدى سيدات تم تدريبهن، واستطاعت كل واحدة أن تدرب أختها أو جارتها، ليعملن من بيوتهن، خاصة خلال فترات الإعداد لتسليم طلبيات، أو الاستعداد للمشاركة فى معارض «ديارنا»، أو طلبيات للتصدير.