رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

سياسة ومونديال «3» 1950.. لأن عقوبات الحرب العالمية الثانية لم تنته بعد

منتخب أوروجواي
منتخب أوروجواي

بدأ العد التنازلي وينطلق الحدث الأكبر في العالم، كأس العالم يعود مرة أخرى ليطل علينا بحكاياته وأحداثه ومبارياته، شهر كامل تتوقف فيه كرة القدم حول الأرض، ويلقي الجميع أنظارهم نحو دولة واحدة، تستضيف ملاعبها منافسات المونديال، أهم حدث كروي عبر التاريخ.

ودائمًا ما ألقت الأحداث السياسية، وانتماءات المنتخبات وأزمات الدول والحروب بظلالها على المونديال، وأثرت بشكل مباشر في أحداثه.

ذلك على الرغم من تأكيد الاتحاد الدولي في أكثر من مناسبة، منعه التمييز بكل أنواعه، سواء ضد أشخاص أو جماعات، أو شعب بسبب العرق او الجنس أو اللغة أو الدين والسياسة، ويعاقب عليها.

وفي سلسلة تقارير «سياسة ومونديال» تخوض «الدستور» رحلة عبر أهم الأحداث السياسية والمواقف التي أثرت فيها انتماءات الدول والمنتخبات واللاعبين في مصائر مباريات كأس العالم، وفي الحلقة الثالثة نسرد حكاية أول مونديال بعد الحرب العالمية الثانية واستبعاد ألمانيا واليابان.

الحرب العالمية الثانية.. ضربة قاضية نووية وعقوبات 

واندلعت الحرب العالمية الثانية في الأول من سبتمبر لعام 1939، بين دول الحلفاء وهم بريطانيا العظمى والولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي، وفرنسا والصين وبولندا، وعدد من الدول التابعة للملكة البريطانية والاتحاد السوفييتي آنذاك.

أما الطرف الثاني فكان تحت مسمى دول المحور، وضم: "ألمانيا النازية، وإيطاليا، وإمبراطورية اليابان، ورومانيا وبلغاريا والمجر".

واستمرت الحرب بين الطرفين 6 سنوات كاملة، دُمِر خلالها العالم وملأته رائحة القتل والدماء المسفكة، ضحايا بلا ذنب وأشلاء جنود وأطفال، نساء انتهكت أعراضهن وشيوخ سلبت منهم حياتهم، 

حرب انتهت بقنبلتين نوويتين دمرتا مدينتين ومستقبل بلد بأكملها، مازالت تعاني من آثارهما إلى الآن.

انتصر الحلفاء في الحرب واستسلمت الإمبراطورية اليابانية وألمانيا، وإيطاليا.

بعد انتهاء الحرب، انهالت العقوبات على الدول المهزومة من الأخرى المنتصرة في الحرب، وسقطت ألمانيا واليابان تحت مقصلة الاتحاد السوفييتي والولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا العظمى وحلفائهم، وفرضت عليهم قيود عسكرية وتجارية واقتصادية ومالية، بل إنها امتدت لتصبح عقوبات رياضية أيضًا.

مونديال 1950.. لأن عقوبات الحرب العالمية لم تنته بعد
ربما انتابتك الحيرة عند قراءة السطور الماضية عن الحرب العالمية الثانية، وأطرافها وتوابعها، فما علاقة ذلك بكرة القدم؟ وما دخل الحرب العالمية بكأس العالم؟ هذا مانجيب لك عليه الآن.

بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، كانت آخر نسخة من كأس العالم قد أقيمت منذ 7 سنوات، واستضافتها فرنسا في عام 1938، وفاز بها المنتخب الإيطالي، واستمر توقف البطولة حتى عام 1950 أي دام 12عامًا

◘ اقرأ أيضًا.. سياسة ومونديال «1» 1938.. حينما أرضخ موسوليني كأس العالم لخدمة الفاشية

الاتحاد الدولي لكرة القدم، فيفا، كان قد قرر تنظيم بطولة كأس العالم عام 1949، ولكن أغلب الدول الأوروبية كانت مازالت تعاني من تبعات الحرب العالمية الثانية فلم تتقدم أي منها بطلب لاستضافة البطولة.

وقدمت البرازيل عرضًا لإقامة البطولة على أرضه ولكنه اشترط على الاتحاد الدولي تأجيلها لعام 1950.

وحاول الاتحاد الدولي إقناع الدول بإرسال بمنتخباتها للمشاركة في البطولة، ومن بينها إيطاليا التي كانت بطلًا للنسخة السابقة من البطولة، ولكنها كانت إحدى الدول المنهزمة في الحرب ومازالت تعاني من تبعاتها.

واضطر الاتحاد الدولي لتحمل نفقات سفر وإقامة بعثة المنتخب الإيطالي، من أجل ضمان مشاركة بطل النسخة الماضية في البطولة.

لكن موقف إيطاليا كان مختلفًا عن ألمانيا واليابان إذ أن الأولى بعد تلقيها عدد من الهزائم العسكرية قررت الانسحاب من الحرب والاستسلام للحلفاء، بعد أن أمر الملك فيكتور إيمانويل الثالث، ملك إيطاليا آنذاك بإلقاء الحرب على بينيتو موسوليني، لتنتهي مشاركتاه في سبتمبر من عام 1943.

وقبل إقامة البطولة استبعد الاتحاد الدولي لكرة القدم المنتخب الألماني والياباني من المشاركة في التصفيات المؤهلة للبطولة.

وجاء استبعاد ألمانيا واليابان من تصفيات المونديال كجزء من العقوبات التي وقعت عليهما بعد خسارة الحرب العالمية الثانية، وبقائهما تحت احتلال دول الحلفاء.

ورفض الاتحاد السوفييتي والمجر وتشيوكوسلوفاكيا المشاركة في البطولة لأسباب سياسية، فيما لم تشارك الأرجنتين في البطولة لخلافات سياسية مع البرازيل.

وأقيمت منافسات كأس العالم الرابعة في التاريخ بمشاركة 13 منتخبًا، ورفض الاتحاد السوفييتي والمجر وتشيوكوسلوفاكيا المشاركة في البطولة لأسباب سياسية، فيما لم تشارك الأرجنتين في البطولة لخلافات سياسية مع البرازيل.

وأقيمت منافسات كأس العالم الرابعة في التاريخ بمشاركة 13 منتخبًا، وزعت على 4 مجموعات ضمت الـ3 الأوائل 4 فرق، فيما ضمت المجموعة الرابعة 3 فرق فقط.

وتأهلت منتخبات أوروجواي والبرازيل والسويد وإسبانيا للدور النهائي من البطولة والذي أقيم بطريقة المجموعات، إذ تواجهت جميع الفرق المتأهلة مع بعضها البعض، وفاز منتخب أوروجواي باللقب بعد حصده الفوز في مباراتين والتعادل في مباراة من أصل 3 مباريات، وحصد 5 نقاط.

واعتبرت مباراة أوروجواي والبرازيل في الجولة الأخيرة هي المباراة النهائية للبطولة التي أقيمت بهذا الشكل للمرة الأولى، وانتصر فيها منتخب أوروجواي بهدفين لهدف، ليتوج باللقب.

ورغم العقوبات التي أثقلت كاهل الخاسرين في الحرب العالمية الثانية، وتبعاتها الرياضية والاقتصادية ،إلا أن منتخب ألمانيا الغربية استطاع تجاوز كل تلك العقوبات في النسخة التالية من البطولة، وتحقيق لقب كأس العالم 1954.