رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

متاحف مكتبة الإسكندرية: هنا تاريخ الحضارات ومقتنيات العظماء

مكتبة الإسكندرية
مكتبة الإسكندرية

مكتبة الإسكندرية ليست مجرد مكتبة تضم عددًا من الأرفف المرصوص عليها آلاف الكتب، بل هى منارة ومركز ثقافى شديد الأهمية.

جاءت مكتبة الإسكندرية فى شكلها الحالى، بعد الحريق الذى أصاب المكتبة القديمة التى تم تأسيسها قبل قرون بعيدة، وربما مع تأسيس المدينة نفسها على يد الإسكندر الأكبر، وكانت من أكبر مكتبات عصرها وأكثرها غزارة وعلمًا ومعرفة.

وفى الوقت الحالى، تمارس المكتبة نشاطًا ثقافيًا وتنويريًا ومعرفيًا كبيرًا، فبجانب قاعة الاطلاع التى تتيح آلاف العناوين من المجلدات والكتب شديدة الأهمية والقيمة فى مختلف المجالات المعرفية والعلمية لزوار المكتبة، هناك عدد كبير من المتاحف داخل المكتبة، تلك المتاحف التى تضم أشكالًا مختلفة من الفنون والمعارف التى هى نتاج لفكر الإنسان وإبداعه عبر العصور المختلفة، والتى تشهد على عراقة الهوية المصرية.

وأجرت «الدستور» جولة مفصلة داخل المتاحف والمعارض التى تضمها مكتبة الإسكندرية، كما تواصلت مع الدكتور حسين عبدالبصير، مدير متحف الآثار بالمكتبة، والأستاذ محمد غنيمة، المسئول عن قاعة الكاتب الصحفى الكبير محمد حسنين هيكل، ليتحدثا عن دور هذه المتاحف وسياسة المكتبة فى الوقت الحالى، وكواليس ضم المكتب الخاص والمتعلقات الشخصية لـ«هيكل» إلى المكتبة.

متحف الآثار

قبل بناء المكتبة فى شكلها الحالى، كانت هناك أعمال حفر تتم على نفس الأرض التى أُقيمت المكتبة عليها، وكانت نتيجة الحفر اكتشاف عدد من القطع الأثرية الرائعة التى تعود للعصر الهلنستى والرومانى والبيزنطى، وبعد بناء المكتبة، تم وضع هذه القطع المكتشفة داخل متحف الآثار، ويعد متحف الآثار من المتاحف القليلة فى العالم التى تعرض قطعًا فنية تم اكتشافها فى نفس مكان عرضها.

وإضافة لهذه القطع الفنية، يضم المتحف مقتنيات أخرى تعود لعصور مختلفة من تاريخ مصر الطويل، ففى المتحف نستطيع أن نرى آثارًا فرعونية ويونانية ورومانية وقبطية وإسلامية. 

يحتوى المتحف على ١١٣٣ قطعة معروضة أبرزها بجانب القطع المكتشفة أثناء الحفر فى موقع المكتبة، آثار رُفعت من قاع البحر المتوسط بالقرب من الميناء الشرقى وفى منطقة خليج أبى قير.

ويقول الدكتور حسين عبدالبصير، مدير متحف الآثار بالمكتبة، إن المكتبة تستقبل مختلف الزوار بمختلف ثقافتهم، فهناك أجانب وعرب، وهناك مصريون يأتون من المدن والريف للمكتبة، فالمكتبة بالنسبة للجميع قبلة متميزة، ومعلم ثقافى وسياحى بارز، ولذلك من الطبيعى أن تجتمع فيها كل هذه الثقافات المختلفة.

وأضاف قائلًا: «طبعًا التعامل مع كل فئة بيكون مختلف على حسب اللغة والثقافة، فيه مرشدين بلغات متعددة داخل المكتبة، فيه مرشدين بيجيدوا اللغة الإنجليزية والفرنسية واليونانية والإسبانية والإيطالية وبالطبع العربية».

وأكمل متحدثًا عن الأنشطة التى تقيمها المكتبة: «هناك ما يسمى زيارات العائلة وهى تتم بالتعاون مع مختلف الإدارات داخل المكتبة، وبالنسبة لمتحف الآثار كل نص ساعة بيكون فيه جولة بيقوم بيها المرشدين السياحيين والمتطوعين بالمجان للجمهور من أجل التثقيف والوعى».

وعن الطريقة التى تمكن المكتبة من الوصول لأكبر عدد من الجمهور، واصل الدكتور حسين: «إحنا عندنا صفحات على مواقع التواصل الاجتماعى بجانب وجود موقع خاص بالمكتبة ومواقع للمتاحف المختلفة، ويتم التسويق لهذه الأماكن من خلال وسائل الإعلام المختلفة، وهناك إدارة تابعة للمكتبة خاصة بالتكنولوجيا».

وتابع: «فى فترة كورونا، امتد نشاط المكتبة لخارج مصر فى دول أوروبا والدول العربية لأننا قمنا بعمل جولات افتراضية ومتحف افتراضى فى متحف الآثار، من أجل تعريف الناس بمقتنيات المتحف وأنشطة المكتبة، وساهمت هذه الجولات بزيادة نسبة الزائرين للمكتبة وللمتاحف. وتم فتح الكتب الإلكترونية للقراء».

وأنهى الدكتور حسين حواره متحدثًا عن بعض من سياسة المكتبة فى الوقت الحالى: «هناك كتب وسلاسل مطبوعة تنال إعجاب كثير من الناس، هناك سلسلة تبسيط العلوم. وهى مبادرة قام بها الدكتور أحمد زايد وتقوم على تبسيط العلوم للشباب ودفع الشباب للقراءة والعودة للقراءة مرة أخرى، بدلًا من القراءة على الإنترنت والسوشيال ميديا التى قد تحمل معلومات تاريخية غير دقيقة».

وهذا دور المكتبة، وهى محاولة توفير كتب مطبوعة بأسعار فى متناول الجميع، وهناك سلسلة «تراث الإنسانية»، وأحيانًا نخرج من المكتبة لإجراء جولات إلى المدارس المختلفة، لنشر هذه الثقافة وهناك محاضرات تتم بالتعاون مع وزارة السياحة والآثار ووزارة الثقافة فى القاهرة ورشيد وفوة ومختلف المحافظات، من أجل تزويد الأجيال الجديدة بالمعرفة والعمق المعرفى بتاريخ مصر وحضارتها.

متحف المخطوطات

يهدف المتحف إلى التعريف بالذخائر التراثية، ونوادر المخطوطات، والكتب وحفظها، ويضم المتحف عددًا كبيرًا من الكتب والوثائق والمخطوطات النادرة، ليس فقط التى تخص التاريخ المصرى، بل أيضًا تاريخ الفكر العربى، والإنسانى بوجه عام، فمثلًا بجوار نسخة من بردية «آنى» المتعلقة بكتاب الموتى، وهو كتاب عبارة عن مجموعة من الوثائق الدينية والنصوص الجنائزية التى كانت تستخدم فى مصر القديمة، لتكون دليلًا للميت فى رحلته للعالم الآخر، سنجد كتاب «المنصورى فى الطب» للرازى وهو أعظم أطباء الإنسانية على الإطلاق على حد تعبير المستشرقة الألمانية سيغريد هونكه، فللرازى عدد كبير من المؤلفات التى تعد من أهم ما كتب فى الطب.

أهم هذه المؤلفات كتاب «الحاوى فى الطب»، وهو الكتاب الذى يضم كل المعارف الطبية التى استخدمت منذ العصر الإغريقى وحتى عام ٩٢٥م، وظل هذا الكتاب من المراجع الرئيسية فى أوروبا لمدة ٤٠٠ سنة.

ويعتبر كتاب «المنصورى» واحدًا من هذه الكتب شديدة الأهمية للرازى، بجانب كتاب الرازى، سنجد الطبعة الأولى من مسرحيات شكسبير، وشكسبير واحد من أهم من كتبوا المسرح إن لم يكن أهمهم فى التاريخ الإنسانى، وهو صاحب رائعة «هاملت» التى تعد من الأعمال الخالدة أدبيًا وإبداعيًا.

يضم المتحف أيضًا طبعة نادرة من الكتاب المقدس العهد القديم والجديد، وهى طبعة «جوتنبرج».

متحف تاريخ العلوم

هو متحف يضم فى أرجائه سيرة الأشخاص الذين أثروا فى تاريخ الإنسانية عن طريق تقديم ما هو جديد فى كل مجال علمى، وتطوير ما ينفع الإنسان بشكل عام. 

ويرصد المتحف جهود هؤلاء الأشخاص العلمية، ويركز على ثلاث حقب تاريخية هى مصر الفرعونية، والإسكندرية الهلنستية، والحضارة العربية الإسلامية فى العصور الوسطى.

ونتعرف داخل المتحف على سيرة عالم الجغرافيا التاريخى أبوعبدالله الإدريسى الذى استخدمت مصوراته وخرائطه فى سائر كشوف عصر النهضة الأوروبية، حيث لجأ إلى تحديد اتجاهات الأنهار والبحيرات والمرتفعات، وضمنها أيضًا معلومات عن المدن الرئيسية، بالإضافة إلى حدود الدول. وهو من أوائل العلماء الذين أضافوا وأثروا علم الجغرافيا تاريخيًا.

كما نتعرف على أول من شرّح العين تشريحًا كاملًا ووضح وظائف أعضائها، وأول من درس التأثيرات والعوامل النفسية للإبصار، وهو العالم الجليل ابن الهيثم، الذى يعد كتابه «المناظر» واحدًا من الكتب التى تعد مرجعًا ضروريًا لكل باحث وأكاديمى متخصص فى فحص الظواهر التى تقع عين الإنسان عليها، والتى تحدث فى الكون مثل ظاهرة قوس قزح، وكل مهتم بعلم المؤثرات البصرية والرؤية.

ثم نتعرف على سيرة عالم الفلك المصرى ابن يونس، الذى رصد كسوف الشمس وخسوف القمر عام ٩٧٨م فى القاهرة، والذى قدم العديد من الاكتشافات العلمية شديدة الأهمية قبل إدخال واختراع الآلات الفلكية الحديثة.

متحف الرئيس السادات

الرئيس السادات رئيس الجمهورية الثالث فى تاريخ مصر، والذى حكم مصر فى فترة حساسة استطاع خلالها استكمال استعدادات الجيش واتخذ قرار حرب ٦ أكتوبر ١٩٧٣، التى تعد أكبر انتصار عسكرى عربى فى تاريخ الحروب التى دارت بين العرب وإسرائيل.

ويضم متحفه العديد من مقتنياته الشخصية بداية من مكتبه والكتب التى كان يقرأها وصولًا للبدلة العسكرية التى كان يرتديها لحظة اغتياله فى ٦ أكتوبر ١٩٨١، تلك المغطاة بدمائه، كما يضم المتحف عددًا من الأوسمة والنياشين التى حصل عليها الرئيس الراحل خلال مراحل حياته المختلفة، سواء داخل مصر أو إهداء من دول أخرى، وذلك بالإضافة إلى عدد من الأطباق الذهبية والفضية والبرونزية والنحاسية المهداة له وللسيدة جيهان قرينته.

وبالمتحف مجموعة من السيوف العربية، والدروع التذكارية، و«البايب» الخاص به، والجلباب الفلاحى والعباءة التى كان يرتديها خلال زيارته إلى مسقط رأسه بقرية ميت أبوالكوم بالمنوفية.

كما أهدت السيدة الراحلة جيهان السادات إلى المتحف صندوقًا يضم ثلاث مسارج إسلامية ومسيحية ويهودية كانت أُهديت للرئيس الراحل خلال زيارته إلى القدس، وتضم المقتنيات المهداة أيضًا تسجيل القرآن الكريم بصوت الرئيس السادات، وأوراقًا شخصية تتضمن قصة قصيرة كتبها بخط يده وأملى جزءًا منها على زوجته، إلى جانب مجموعة نادرة من التسجيلات المرئية.

معرض محمد حسنين هيكل

وهو الأستاذ الكبير أحد أهم الصحفيين العرب، وأحد أهم الصحفيين فى تاريخ الإنسانية كلها، فقد أصبح فى منتصف السبعينيات واحدًا من أهم ١٠ صحفيين فى العالم.

ويمكن لزائر القاعة أن يرى ويتعرف على تفاصيل حياة هذا الأستاذ الكبير، والتعرف على الكتب التى كان يقرأها، ومكتبه ونظامه وتفاصيل حياته الدقيقة، والشخصيات التى تعرف عليهم طوال مشواره.

ويضم المعرض حوالى ٤٠٠٠ كتاب من الكتب التى كان يقرأها الأستاذ، تتنوع الكتب ما بين حقول الأدب والتراث والسياسة والاقتصاد والفنون، بما يليق بمكتبة مثقف كبير.

وتوجد مجموعة من أهم أوراق هيكل الشخصية ومنها شهادة ميلاده، وبطاقته العائلية، وشهادة إتمامه لمرحلة التعليم الابتدائى، ونسخة ضوئية من وصيته مكتوبة بخط يده، ومجموعة من جوازات سفره الدبلوماسية والشخصية.

ومجموعة من متعلقات الصحفى الكبير الشخصية مثل ساعة يده، وخاتمه، ومجموعة من أقلامه ونياشينه، إضافة إلى عدد من البورتريهات الخاصة به، ومجموعة من الكاريكاتيريات الصحفية التى رسمها أبرز فنانى الكاريكاتير له.

 

ويحتوى المعرض أيضًا على مجموعة مميزة من مقتنيات الراحل لعدد من الخرائط التاريخية النادرة لمصر، وبعض الوثائق التاريخية المكتوبة بخط يد الرئيس الراحل جمال عبدالناصر. وعدد من مسودات كتب هيكل، ومسودات عموده الشهير بالأهرام «بصراحة» بخط يده، إضافة إلى عدد من الخناجر التاريخية، ومجموعة من أندر صوره؛ حيث تم نقل جدار الذكريات الخاصة بلقاءات الصحفى الكبير مع مجموعة من أبرز الشخصيات العالمية، مثل: «جيفارا، وتيتو، والخومينى، وخروتشوف، وسارتر، سيمون دى بوفوار، وأنديرا غاندى، وياسر عرفات»، وغيرهم من الشخصيات العالمية بجانب مجموعة من صوره مع الرئيسين جمال عبدالناصر وأنور السادات، ومن لقاءاته مع شخصيات سياسية وفكرية وفنية مثل: «نجيب محفوظ، وأم كلثوم، ومحمود فوزى، وتوفيق الحكيم، وعبدالحليم حافظ»، وغيرهم.

ويتحدث محمد غنيمة، المسئول عن معرض «هيكل»، عن مسيرته المهنية والإنسانية قائلًا: «رحل الكاتب الصحفى الشهير محمد حسنين هيكل عام ٢٠١٦ عن عمر يناهز ٩٣ عامًا. كان معلقًا سياسيًا مخضرمًا، وحكيمًا، وصحفيًا متميزًا، لأكثر من سبعين عامًا بسبب قربه من الرئيس الراحل جمال عبدالناصر كحامل أسرار جمال عبدالناصر وكان يُنظر إليه على أنه مطلع كبير على أسرار مطابخ السياسة فى الشرق الأوسط. ووصف بـ(أيقونة الصحافة العربية) و(صحفى القرن) و(ذاكرة مصر والعرب فى مائة عام)». 

وتابع: «تولى رئاسة تحرير صحيفة الأهرام المصرية شبه الرسمية (من ١٩٥٧ حتى ١٩٧٤)، حيث ذاعت سمعة الصحيفة فأصبحت تعرف بنيويورك تايمز العالم العربى، بسبب مقالته الأسبوعية التحليلية (بصراحة) التى كان يكتبها وكانت تغطى أحيانًا صفحة كاملة».

وأردف: «أدخل هيكل تحسينات كبيرة على أسلوب الصحيفة من حيث الدقة والموضوعية، وكان يصر على حسن الجودة فى إنتاجها أيضًا».

وعن كواليس نقل مكتبة هيكل ومتعلقاته الشخصية، قال غنيمة: «بعد الاتفاق الذى وقعته السيدة هدايت تيمور حرم الراحل الكبير محمد حسنين هيكل مع مكتبة الإسكندرية لحفظ مكتبة هيكل ومقتنياته، قام فريق عمل من المكتبة بإجراء محاكاة لمكتبه بشقته بالدقى، حيث تم نقل مكتبه بالكامل من أثاث وكتب إلى المعرض بمكتبة الإسكندرية».

ويضم المعرض نحو ٤٠٠٠ كتاب من كتبه، من ضمنها إصداراته وأعماله التى كتبها فى طبعاتها المختلفة، التى تعكس مدى حضوره فى دائرة اتخاذ القرار فى حكم جمال عبدالناصر وعلاقاته المتشعبة بدوائر القرار، وكتب أخرى تتنوع ما بين الأدب والتراث والسياسة والاقتصاد والفنون، وعدد من الخرائط التاريخية النادرة لمصر، وعدد من مسودات كتب هيكل ومسودات عموده الشهير بالأهرام «بصراحة» بخط يده. وعدد من الخناجر التاريخية. 

وعن الجدار الذى يحمل صورة مختلفة لهيكل مع مشاهير عصره ومع بعض عظماء العالم، قال غنيمة: «تم نقل جدار الذكريات الخاص بلقاءات الصحفى الكبير مع مجموعة من أبرز الشخصيات العالمية، مثل: جيفارا، وتيتو، والخمينى، وخروتشوف، وسارتر، سيمون دى بوفوار، وأنديرا غاندى، وياسر عرفات، وغيرهم من الشخصيات العالمية، بجانب مجموعة من صوره مع الرؤساء جمال عبدالناصر وأنور السادات، ومن لقاءاته مع شخصيات مثل أم كلثوم، ومحمود فوزى، وتوفيق الحكيم، وعبدالحليم حافظ».

قاعة المخرج شادى عبدالسلام

بينما أنا أتجول بين متاحف وقاعات المكتبة، وأرى انبهار السياح الأجانب بهذه المتاحف وإعجابهم بها، وأستمتع بكل التفاصيل التى أراها وأكتشفها من خلال التجول بين حقول المعرفة والتجارب الإنسانية والثقافية، وصلت فى نهاية زيارتى إلى ركن يجاور معرض الأستاذ هيكل مكتوب عليه «قاعة شادى عبدالسلام».

وأثناء دخولى قاعة المخرج ورجل السينما الكبير شادى عبدالسلام، رأيت انبهارًا خاصًا يصيب كل الأجانب الذين دخلوا إلى القاعة، فقد وقف شاب أجنبى يبدو أنه فى العقد الرابع من عمره، أمام الركن الخاص بفيلم «المومياء» وأخذ يتطلع إلى كل شىء بانبهار، حتى إلى الصور التى تحمل كادرات ومشاهد مختلفة من الفيلم، وتحديدًا لقطة مميزة للفنانة نادية لطفى داخل الفيلم. وأخذ ينظر بذهول وإعجاب شديد.

أما شادى عبدالسلام «١٩٣٠- ١٩٨٦» فقد كان فنانًا متميزًا متعدد المواهب، كان رسامًا ومصورًا وكاتب سيناريو ومصمم ملابس وديكورات لعدد من أهم الأفلام السينمائية المصرية، وكان مخرجًا سينمائيًا عكست أعماله رؤيتَه الفريدة للثقافة المصرية القديمة وكذلك التراث الإسلامى والقبطى.

وقد وضع فيلمه الروائى الطويل الوحيد «المومياء» السينما المصرية على خريطة السينما العالمية؛ فقد نال عدة جوائز منها جائزة «جورج سادول» فى باريس فى عام إنتاجه سنة ١٩٧٠. وفى سنة ٢٠٠٩ اختارته المؤسسة العالمية للسينما كواحد من أهم الأفلام فى تاريخ السينما العالمية، وقامت بترميم النسخة الأصلية، وتم الاحتفاء به فى مهرجان كان السينمائى فى نفس العام.

يحتوى معرض شادى عبدالسلام على العديد من لوحات و«اسكتشات» الفنان، وعدد من اللقطات السينمائية المأخوذة من الأفلام التى شارك فيها أو أخرجها، بالإضافة إلى بعض مقتنياته الشخصية؛ مثل قطع أثاث لمكتبه ومكتبته الخاصة.

وملحق بالمعرض قاعة «آفاق»، وهى قاعة تعرض بها يوميًا الأفلام التى أخرجها شادى عبدالسلام وأغلبها أفلام تسجيلية وتعليمية، وبعض الأفلام التى شارك فيها كمصمم للملابس والديكور وأغلبها أفلام تاريخية، يعتبر أشهرها فيلم «الناصر صلاح الدين» إخراج يوسف شاهين، كما تعرض بعض الأحاديث التليفزيونية التى أجراها الفنان، وبعض الأفلام والبرامج التى تتناول سيرته وحياته.