رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

العدالة الاجتماعية فى الحوار الوطنى

فى مقدمة دستورنا المصرى كلمات تحمل المبادئ التى ينطلق منها الدستور، من هذه الكلمات: "نحن نؤمن بالديمقراطية طريقا ومستقبلا وأسلوب حياة، وبالتعددية السياسية، وبالتداول السلمى للسلطة، ونؤكد على حق الشعب فى صنع مستقبله هو- وحده- مصدر السلطات، الحرية والكرامة الإنسانية والعدالة الاجتماعية حق لكل مواطن ولنا ولأجيالنا القادمة- السيادة فى وطن سيد".

وفى الباب الثانى من الدستور «المقومات الأساسية للمجتمع» الفصل الأول «المقومات الاجتماعية» مادة (8): "يقوم المجتمع على التضامن الاجتماعى. وتلتزم الدولة بتحقيق العدالة الاجتماعية، وتوفير سبل التكافل الاجتماعى، بما يضمن الحياة الكريمة لجميع المواطنين، على النحو الذى ينظمه القانون".

ينقسم الحوار الوطنى إلى ثلاثة محاور، هى: المحور السياسى، والمحور الاقتصادى، والمحور الاجتماعى، وداخل كل محور توجد لجان نوعية لمناقشة القضايا الخاصة به، وسأتناول اليوم الحديث حول لجنة العدالة الاجتماعية، وهى إحدى اللجان النوعية الثمانية داخل المحور الاقتصادى، لأن هذه اللجنة هامة من وجهة نظرى لتحقيق حياة كريمة للمصريين وتحقيق الاستقرار المجتمعى وتماسك المجتمع، وبالتالى تقدم ونهضة البلاد. ويؤكد ذلك ما جاء فى الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، وما جاء فى الدستور المصرى فى المادة «27» التى تتضمن التزام النظام الاقتصادى بضمان تكافؤ الفرص والتوزيع العادل لعوائد التنمية، وتقليل الفوارق بين الدخول، والالتزام بحد أدنى للأجور والمعاشات يضمن الحياة الكريمة وبحد أقصى فى أجهزة الدولة لكل من يعمل بأجر.

وللعدالة الاجتماعية بنود كثيرة سأتناول منها اليوم بند التأمينات الاجتماعية والمعاشات، ولقد نص دستورنا فى المادة «17» على أن الدولة تكفل خدمات التأمين الاجتماعى، وعلى أن لكل مواطن لا يتمتع بنظام التأمين الاجتماعى الحق فى الضمان الاجتماعى إذا لم يكن قادرا على إعالة نفسه وأسرته فى حالات العجز عن العمل والشيخوخة والبطالة، وتنص المادة أيضا على أن تعمل الدولة على توفير معاش مناسب لصغار الفلاحين والعمال الزراعيين والصيادين والعمالة غير المنتظمة.

وأقام الحزب الاشتراكى المصرى ورشة عمل تحت عنوان "حق المصريين فى تأمينات اجتماعية ومعاش عادل"، فى يوم الأحد 25 سبتمبر 2022، تحدث فيها عدد من الخبراء والنقابيين والنواب، الأستاذ الدكتور أحمد البرعى وزير العمل والتأمينات الأسبق، والأستاذ إلهامى الميرغنى الخبير الاقتصادى، والأستاذ سيد أبوزيد المستشار القانونى لنقابة الصحفيين، والأستاذة رحمة رفعت المستشار القانونى لدار الخدمات النقابية، والنقابى العمالى محمد عبدالسلام أمين العمال بالحزب الاشتراكى المصرى، والسيد النائب بمجلس الشيوخ محمد طه عليوة، ووكيل لجنة القوى العاملة بمجلس النواب المهندس النائب إيهاب منصور، وذلك بحضور ممثلى عدد من أحزاب الحركة المدنية «المصرى الديمقراطى الاجتماعى، والشيوعى المصرى، وحزب العدل، وحزب التحالف الشعبى الاشتراكى»، وحضور ممثلين عن النقابة المستقلة للاتصالات، والنقابة المستقلة للمعلمين، وحضور ياسر البدرى فرغلى أحد المؤسسين لاتحاد أصحاب المعاشات، وعدد من الصحفيين والأكاديميين منهم الدكتور جمال زهران أستاذ العلوم السياسية بجامعة قناة السويس، والدكتورة ثريا عبدالجواد أستاذ علم الاجتماع بجامعة المنوفية.

وأجمع المتحدثون على أهمية تعديل قانون التأمينات الاجتماعية والمعاشات رقم 148 لسنة 2019 لما به من عوار دستورى لتعارضه مع الدستور وتعارضه مع قانون الخدمة المدنية، وعوار قانونى يهدد حقوق فئات واسعة من الشعب المصرى ويضر بعشرات الملايين، خاصة العمالة غير المنتظمة التى تمثل 58% من قوة العمل المصرية، هذا بجانب مشكلة "العالقين"، وهم من خرجوا بعد تطبيق القانون فى 1 يناير 2020، ووفقا للقانون غير مستحقين للمعاش حتى بلوغ السن القانونية، وعددهم بالآلاف خاصة من خروجوا من العمل بعد تصفية وخصخصة وبيع الشركات فى الفترة الأخيرة.

وفى قضية أصحاب المعاشات، طالب المتحدثون والحاضرون السادة النواب بالعمل على إصدار قانون يتيح إنشاء نقابات لأصحاب المعاشات، وهم أكثر من 11 مليون مواطن ومواطنة تدافع عن حقوقهم وأموالهم.

 كما تطرق الحاضرون فى حديثهم إلى كيفية استرداد أموال المعاشات التى استولت عليها الحكومة دون وجه حق ووضعتها فى صندوق الاستثمار القومى فى عهد وزير المالية الأسبق يوسف بطرس غالى، وذلك بالمخالفة للاتفاقيات الدولية التى وقَّعت عليها مصر، وبالمخافة للمادة 17 من الدستور التى نصت على: "أموال التأمينات والمعاشات أموال خاصة تتمتع بجميع أوجه وأشكال الحماية المقررة للأموال العامة، وهى وعوائدها حق للمستفيدين منها، وتستثمر استثماراً آمناً وتديرها هيئة مستقلة وفقا للقانون. وتضمن الدولة أموال التأمينات".

وأجمع المتحدثون على حق هيئة المعاشات فى استرداد أموالهم واستثمارها بشكل آمن مما يدر المكاسب على أصحاب المعاشات، وطالبوا أيضا برفع الحد الأدنى للمعاش إلى 2700 جنيه مثل الحد الأدنى للأجور، وإلغاء جميع التمايزات بالمعاش وفقا للعدالة والمساواة.

وفى آخر ورشة العمل، طالب الجميع بتوقيع مصر على الاتفاقيات الدولية الصادرة من منظمة العمل الدولية، الخاصة بأصحاب المعاشات.. إننا بحاجة إلى وضع أولوية فى الفترة الحالية لإصدار تشريعات وقوانين عادلة فى العمل، والتأمينات الاجتماعية، والمعاشات، من أجل استقرار ملايين الأسر المصرية واستقرار ونهضة وتقدم بلدنا مصر.