رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الرئيس الصينى يتعهد ويتوعد

بخطاب طويل، تجاوز المائة دقيقة، افتتح الرئيس الصينى شى جين بينج، صباح أمس الأحد، المؤتمر العشرين للحزب الشيوعى الحاكم، الذى من المقرر أن يتم خلاله انتخاب أعضاء «اللجنة المركزية للحزب»، التى ستختار أعضاء المكتب السياسى ولجنته الدائمة، التى تعد أعلى هيئة قيادية فى البلاد، وصولًا إلى التصويت على استمرار «شى» أمينًا عامًا للحزب، لخمس سنوات جديدة.

فى بداية خطابه، الذى تكررت فيه كلمتا «الأمان» أو «الأمن» أكثر من ٧٠ مرة، رحّب الرئيس الصينى بانتقال هونج كونج من «الفوضى إلى الحكم». وأكد أن «حل قضية تايوان أمر يخص الشعب الصينى، ويقرره الشعب الصينى». وشدّد على أن بلاده ستواصل «الكفاح من أجل إعادة التوحيد السلمى»، لكنها «لن تعد أبدًا بالتخلى عن استخدام القوة، وتحتفظ بخيار اتخاذ كل الإجراءات اللازمة»، مؤكدًا أن دعوات الانفصال تدعمها قوى خارجية وترفضها الغالبية العظمى من الشعب التايوانى.

رئيس الدولة، صاحبة ثانى أكبر اقتصاد وأكبر ميزانية دفاعية فى العالم، الذى سيحتفل منتصف يونيو المقبل بعيد ميلاده السبعين، دعا إلى ضرورة تسريع التطور العسكرى من أجل «تجديد شباب الأمة الصينية»، وقال إن الهدف الأساسى لـ«جيش التحرير الشعبى» هو «حماية كرامة الصين ومصالحها الأساسية». وهنا، قد تكون الإشارة مهمة إلى أن هذا الجيش كان يوصف بأنه «أكبر متحف عسكرى فى العالم»، قبل أن يتمكن «شى» من إعادة هيكلته وبناء قواته البحرية وتطوير ترسانته النووية. ومع تعهده بتسريع التطور العسكرى، قال إنه سيعزز تطوير التكنولوجيا و«يضمن تأمين» مصادره الغذائية وسلاسل التوريد الصناعية، بـ«الاعتماد على الذات» وبإطلاق «مشروعات وطنية كبرى» طويلة الأجل. 

فور توليه السلطة، سنة ٢٠١٢، أعلن الرئيس الصينى عن إطلاق حملة للقضاء على الفساد، وتعهّد بإسقاط من وصفهم بـ«النمور والذباب»، قاصدًا كبار الفاسدين وصغارهم. وفى خطاب الأحد، أشار إلى نجاح تلك الحملة، مؤكدًا أنها حققت «انتصارًا ساحقًا» وقضت على «مخاطر جدية كامنة» كانت تهدّد الحزب والجيش والدولة. كما تطرق، أيضًا، إلى سياسة «تصفير كوفيد»، وأكد أن الجهود المتواصلة للقضاء على «كورونا المستجد» تعد إنجازًا مهمًا، ووفّرت أعلى درجات الحماية لسلامة وصحة المواطنين.

اللافت أن كل كبار قادة الحزب استبقوا المؤتمر، الذى ينعقد كل خمس سنوات، ببيان أعلنوا فيه تأييدهم لـ«شى». ومع ذلك، لم تتوقف وسائل الإعلام الغربية عن الترويج لمزاعم وجود خلافات وصراعات أجنحة. واستنادًا إلى مقطع فيديو يتصاعد فيه الدخان من فوق أحد كبارى بكين، قالت قناة «فرانس ٢٤» إن هناك «احتجاجات عارمة فى الصين». كما تحدثت هيئة الإذاعة البريطانية «بى بى سى»، فى تقرير نشرته أمس، عن «احتجاجات عامة نادرة ودرامية»، مع أن الشبكة نفسها كانت قد نشرت تقريرًا عنوانه «البحث عن متظاهر غامض فى الصين.....»، زعمت فيه أن كثيرين أشادوا بأفعال «المحتج الوحيد»!.

المهم، هو أن الرئيس الصينى ركّز فى معظم خطابه على القضايا الداخلية، ولم يتناول بشكل صريح علاقات بلاده مع الولايات المتحدة، لكنه أشار إلى أن «الصين تعارض بحزم جميع أشكال الهيمنة والسياسات القائمة على القوة، وتعارض عقلية الحرب الباردة والتدخل فى الشئون الداخلية للدول الأخرى وازدواجية المعايير»، وأكد أن بكين «لن تسعى إطلاقًا إلى الهيمنة ولن تنخرط فى أنشطة توسعية». وبعد تأكيده، وتفاخره بأن نفوذ بلاده الدولى تزايد بشكل كبير، قال إنها «ستشارك بشكل فاعل فى الجهود الدولية المتعلقة بتغير المناخ»، ما يجعلنا ننتظر مشاركة صينية قوية فى الدورة السابعة والعشرين لمؤتمر الدول الأطراف فى اتفاقية الأمم المتحدة، «كوب ٢٧»، التى تترأسها مصر وتستضيفها مدينة شرم الشيخ فى نوفمبر المقبل.

.. أخيرًا، وبعد تجديد زعامته للحزب لخمس سنوات أخرى، كما هو متوقع، أو شبه مؤكد، سيتم بالتالى انتخاب شى جين بينج رئيسًا، لولاية ثالثة، فى مارس المقبل، خلال الاجتماع السنوى للجمعية الوطنية، أو مجلس الشعب الصينى، ما سيجعله ثانى أكثر الرؤساء استمرارًا فى الحكم بعد ماو تسى تونج، مؤسس جمهورية الصين الشعبية، وصاحب الدور الأبرز فى تحريرها وبنائها.