رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

حجاج أدول: هناك أفلام أدهشتني وساهمت في تكوين طفولتي.. وأمريكا غزت العالم بهوليوود (حوار)

صورة للكاتب حجاج
صورة للكاتب حجاج آدول وقت استلامه احدى الجوائز الأ دبية

 

غلاف الكتاب

بعدما شرع الكاتب الروائي والقاص حجاج أدول في نشر الطبعة الثانية من كتابه " بهجة السينما من خلال دار نشر بدائل، والذي نفذت طبعته الأولى الصادرة في العام 2019 عن دار نشر إنسان وبعد الكثير من  التعليقات التي وصلت المؤلف من قبل آلاف القراء والمتابعين لكتاباته عبر النشر الورقي ووسائل السوشيال ميديا والتواصل الإجتماعي عن ضرورة استكمال تلك الحكايا والرؤى، الدستور التقت حجاج أدول وكان هذا الحوار..

ماذا عن كتابك بهجة السينما؟

 أن تناول التيارات النقدية بل والأهم متابعة القراء لكتاباتي عن السينما والتي كانت مفاجأة لرصيدي الأدبي والفني من قبل قرائي و في هذا المجال الجمالي تحديدا، الفارق في تناوله عن ماهيتي السرد الروائي والقصصي كان بهجة السينما هو أول كتاباتي في عالم الفن السابع، شغف السينما خطفني منذ طفولتي، واستمر هذا الشغف بالشاشة الفضية البلاتينية.

ماذا عن بدايات رحلتك مع عالم السينما؟

 بالطبع كانت الأفلام الهوليودية هي التي أدهشتني، فكنت مدمنا في دخول دور العرض الشعبية. كانت العوالم الموازية الخلابة، العوالم التي أهرب إليها واعيشها وأحلم بها فتخفف عني واقعنا الفقري في عزبة توماس، صحيح أن العزبة كانت ذات شوارع مستقيمة عريضة لكنها عزبة فقيرة، ونحن نلعب في شوارعها حفاة حتى وصلنا لعمرالسادسة، عند دخولنا المدارس الابتدائية ارتدينا الأحذية في المدرسة والقباقيب في العزبة، وملبسنا جلابيب ثم تطورنا وارتدينا البيجامات الكستور، كانت أفلام هوليوود هي المتنفس لي ولأمثالي.

بورتريه للكاتب حجاج آدول

ما الذي تمثله السينما لك؟

فن السينما كان بالنسبة لي سماء واسعة شاسعة، سماء فنية تداعب مخيلتي الأدبية الفنية التي لم أكن أدري بها، عشقت الأفلام عشقًا وعشت فيها وبها ووضح تأثري بالأفلام في طريقة سردي لرواياتي وقصصي الطويلة فيما بعد، وقت مشاهدتي خلال فترات الطفولة وما بعدها بسنوات لم أكن أعير الأفلام المصرية أي انتباه، بل كنت أشاهدها غصبًا حين تعرض في سينما الحضرة والحلمية كما سأشرح لاحقًا.

_ وماذا تقول عن هذا الفن "السينما" فيما يخص شكل المطروح في العالم الآني فنيا جمالي وسياسي ؟

أقول ما قاله غيري: السينما صارت هي ديوان البشرية، فهي الأكثر تأثيرًا في نفوس وعقول الناس، سواء أكانت تأثيرات إيجابية أم سلبية. السينما منذ بداياتها صارت سحرًا يؤثر في الجميع صغارًا وكبارًا، أغنياء وفقراء، عقلاء ومعتوهينن السينما انتزعت مكانها لتكون من أهم، وربما أهم القوى الناعمة التي ترفع وتحلي من سمعة شعوب، وتحقر وتقبح من سمعة شعوب أخرى. ولنبين أهميتها آتي بما قاله نهرو عن السينما الأمريكية.

_ إذا ليتك تحدثنا عن رؤيتك ونظرتك للفن بشكل عام وأنت الروائي المتحقق و المتعدد المسارات في السرد والبنية الغرائبية؟

إن كان الفن بما فيه السينما، تخابث قاصدًا تحييد المتلقي وإبعاده عن العدل والحق؛ فإن هذا المنتج يؤتي غرضه إن كان عقل المتلقي ضحلًا، أو إنه عقل طفل أو فتى مازال غريرًا، لكن العقل الواعي سيكشف خباثة هذا المنتج ويرفضه، عن نفسي في طفولتي صدقت أفلام الكاوبوي التي تبين وحشية الهنود الحمر، وقلبي الأخضر مال لقوافل عربات الخيول بشجعانهاالبيض الشقر الطيبين الشجعان الحلوين الذين يقصدون الصحراء والوديان لإقامة معيشة راضية، وكرهت هؤلاء الهنود الأوباش الهمج سفاكي الدماء الذين يصرون على قتل البيض الحلوين، وأفرح وأصفق حين يُقْتل هندي يصرخ صرخات بشعة، عاري أعلاه ريش طيور وذو وجه ملوث بالشخبطات وملامحه كارهة بغيضة، يمسك بقوس وسهام أو حربة أو بلطة، وأحزن حين يصاب أبيض يرتدي ملابسه وعلى رأسه طاقية جميلة ومعه بندقية أو مسدس حديث.

في طفولتك ذكر الكثير عن الطفل حجاج المولع بالسينما والصورة والخدع البصرية كيف كان ذلك؟

 كنت طفلًا.. وحين شببت عن الطوق، فهمت أن الأمور عكسية تمامًا، فالمتوحش هو هذا الأبيض الكاوبوي، والذي يدافع عن وطنه هو الهندي. ثم وصلت لسن بدايات التجاعيد، فعرفت أن اللوم على الجانبين، فالهندي الأحمر في أمريكا الشمالية بقي قبائل متناحرة، ولم يتقدم حضاريًا مع الزمن ليكون أمة موحدة، وبالتالي لم يحسن استغلال البيئة التي يعيش فيها.

_ قلت في كتاباتك عبر متون مؤلفك بهجة السينما وكذلك عبر نشر لفصول منه عبر وسائل التواصل الاجتماعي أن أمريكا تسيطر على العالم بالسينما.ليتك تشرح لنا ماذا قصدت بهذا التصريح؟

قال نهرو: "إن الولايات المتحدة الأمريكية تسيطر على العالم ببندين.. سي آي إيه، وهوليوود"!! وهذا القول ربما أكرر ذكره في هذا الكتاب فهو ليس قولًا ساذجًا، فلم يكن نهرو ساذجًا، بل هو عقل ماسي مرتبط بضمير يقظ، نهرو الذي كان الساعد الأيمن لغاندي. وأنا أتفهم عبارة نهرو على أنها بقصد الإشارة لخطورة جهاز المخابرات الأمريكية، وخطورة سينما هوليوود. فمن منا لم يتأثر بهذا السحر.

حدثنا عن ذكرياتك الأولية كطفل يشاهدة السينما .كيف كان التوحد مع هذا العالم؟

في طفولتي أفلاما أبهرتني، وأتذكرها بقدر ما احتفظت به ذاكرتي وقد مر على مشاهدتي سنوات تزيد عن الستين، وأكيد مخيلتي تدخلت في المشهد وزوَّرت فيه بنسبة ما،هذا بخلاف عطب وأكثر اعترى تلك الذاكرة القديمة.وهكذا بقية الأفلام التي مر على مشاهدتها أكثر من عقود من الزمن! أما الأفلام التي مر عليها أقل من ذلك، فتأثيرات النسيان وتزويرات المخيلة الخاصة فتكون أقل وقعًا. فأنا أكتب عن الأفلام التي أدهشتني وأنا طفل.. الطفل الذي كان، كان في الماضي.. لكن بعضه مستمر معه مضارعًا مصارعًا للنسيان، وستستمر دهشة الطفولة لنهاية حقبة الحياة الدنيوية على الأقل؛ فعندما شاهدت سلسلة أفلام (قراصنة الكاريبي) في جزئها الأول خاصة، وهي روعة في جميع معطياتها، فإنها لم تستطع أن تزحزح جمال الفيلم القديم من ذاكرتي، فبقي لي مشهد القراصنة القديم، ودفن القرصان ذي اللحية السوداء في الرمال، مشاهد ذات فتنة مستمرة، هذا ورغم تأكدي إن (قراصنة الكاريبي) أروع، فطعم الجمال الطفولي المدهش الذي يبقى معنا لا يذوب، لا يتبدد.. مثلًا: هل ينسى الناس مذاق أول قبلة؟ أول حضن شهواني؟ ...إلخ؛ كذلك ما نتذكره من مشاهد السينما ونحن أطفال، لا يمحوه التقدم المذهل في سينما اليوم.

وماذا يبقى من ذكرياتك تلك مع السينما؟

المستمر حتى الآن هو شغفي بالشاشة الفضية البلاتينية، وأقول ما قاله غيري:السينما صارت هي ديوان البشرية، فهي الأكثر تأثيرًا في نفوس وعقول الناس، سواء أكانت تأثيرات إيجابية أم سلبية. السينما منذ بداياتها صارت سحرًا يؤثر في الجميع صغارًا وكبارًا، أغنياء وفقراء، عقلاء ومعتوهين، السينما انتزعت مكانها لتكون من أهم، وربما أهم القوى الناعمة التي ترفع وتحلي من سمعة شعوب، وتحقر وتقبح من سمعة شعوب أخرى.