رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

حياة المصريين فى الثورة والحرب.. من الرواية للسينما المصرية

الثورة
الثورة

ارتبطت الرواية المصرية ارتباطًا وثيقًا بالسينما، وظهرت تجليات صعودها عبر  نقل الأخيرة للعديد مما رصدته أقلام المبدعين المصريين، وذلك  قبل وبعد ثورة يوليو، وجاء نتاج هذا رصيد يوثق لحياة المصريين والثورة والحرب عبر اشتباك وترابط تلك الصيغ الفنية المختلفة، في التقرير التالي نرصد الأعمال الإبداعية التي تناولت الثورة والحرب وتحولت لأفلام سينمائية .

يأتي كتاب "سينما ثورة يوليو" والصادر عن مكتبة أوزوريس  للكاتب القاص والطبيب عمرو منير، كواحد من أبرز الكتب التي تناولت ثورة يوليو، والذي يشير عبر صفحاته عن عدد من الأعمال الروائية التي تحولت لأعمال سينمائية، والتي منها رواية "زينب" لمحمد حسين هيكل، و"يوميات نائب في الأرياف" لتوفيق الحكيم، ورواية "الأرض" لعبد الرحمن الشرقاوي، و"القاهرة 30" لنجيب محفوظ، و"في بيتنا رجل" لإحسان عبد القدوس، و"الباب المفتوح" للطيفة الزيات، "قنديل أم هاشم"  ليحيي حقي وغيرها.

يقول الكاتب عمرو منير إن ثورة يوليو مازالت مثار استقطاب فكري حاد بين أوساط المثقفين والسياسيين المصريين والعرب، فهناك الكثيرون منهم يتهمونها بأنها سببب توقف تطور الحياة السياسية المصرية، والقضاء على الأشكال  المختلفة للتعددية للسياسية، بينما آخرون يؤمنون بأن ثورة يوليو كانت حتمية تاريخية في الأساس، حيث كان يستحيل بقاء النظام الملكي بحالته المهترئة تلك، نظرا لعدم قدرته على فرض الاستقرار السياسي، بالإضافة إلى نظامه الإقطاعي والذي لم تكن الديمقراطية قادرة على تفكيكه بأي حال من الأحوال.

في ظل هذا الجدل الفكري، لم نجد إلا لسينما المصرية كوسيلة لتوثيث حال المجتمع المصري بعد ثورة يوليو 1952، وكيف عبرت السينما المصرية في ذلك الوقت عن التغيرات السياسية والاقتصادية والاجتماعية العميقة التي طرأت.

 يوميات نائب في الأرياف 

 أخذت السينما المصرية رواية “يوميات نائب في الأرياف” للكاتب والمفكر توفيق الحكيم، وقدمت بنفس اسم الرواية.

وأشار عمر منير إلى أن الفيلم تدور أحداثه عن وكيل النائب العام، والذي يحقق في قضية مقتل أحد الفلاحين "قمر الدولة" في إحدى قرى الريف المصري، ليبدأ "الحكيم: تشريح الريف المصري في العهد الملكي وعلاقة الفلاح بالحكومة والقضاء وكيف كان الواقع المأساوي للفلاح المصري في هذا العهد.

 حاول البطل تحقيق العدالة وسيادة القانون، ولكنه لم يتمكن من ذلك؛ لمقاومة السلطات التنفيذية له؛ متمثله في المأمور، والذي كان كل همه إرضاء الحكومة المعينة من قبل الملك، لينتهي الفيلم بغلق التحقيق في قضية القتل، متزامنا ذلك مع الانتخابات النيابية، والتي كان المأمور يديرها لصالح الحكومة المعينة.

 

الرصاصة لا تزال في جيبي 

قال"إحسان عبد القدوس" عن رواية الرصاصة لاتزال في جيبي، والتي تناولت حرب أكتوبر، وتحولت إلى فيلم سينما  بنفس الاسم "كل ما في هذه القصة من حوادث وشخصيات هو مجرد صور أطلقها خيالي.. وكاتب القصة غير المؤرخ وغير المحقق الصحفي، إنه حتى وهو يتعرض بقصته للأحداث الوطنية العامة يعتمد على خياله متحرراً من الارتباط بالواقع، وكل القصص العالمية التي انطلقت من سنوات الحرب، أو من الثورات الوطنية الكبيرة، لم تكن ترسم واقعاً ولكنها كانت خيالاً من وحي واقع، وقصص الحرب والسلام لتولستوي، وقصص باردليان والفرسان الثلاثة، وقصص جيمس بوند، ليست سرداً لوقائع تاريخية، ولكنها من وحي واقع تاريخي.

وتابع عبد القدوس: "أقول هذه الكلمة حتى لا يحاسبني أحد بميزان الواقع، ولكن فقط يحاسب خيالي، وهذه القصة كتبتها على مرحلتين، كتبتها أولاً قبل حرب 6 أكتوبر، وتوقفت بها عند مرحلة معارك حرب الاستنزاف، ونشرت هذه المرحلة تحت عنوان رصاصة واحدة في جيبي وبعد 6 أكتوبر كتبت المرحلة الثانية من القصة تحت عنوان الرصاصة لا تزال في جيبي، وأسجل هذه الكلمة حتى يستطيع القارئ أن يعيش في كل أحاسيس بطل القصة.

واختتم عبد القدوس: “ستبقى الرصاصة في جيبي ما دام هناك يهودي على أرضي.. إن أرضي تبدأ من سينا”.

الأيدي الناعمة  

يلفت دكتور عمر دوارة  إلى أن “صاحب ثورة يوليو وما بعدها إنتاج الكثير من الأعمال السينمائية التي تعبر عن فكر دولة يوليو وأهدافها، وكانت تلك الأعمال الفنية بمثابة رسائل موجهة بشكل غير مباشر للشعب المصري والعربي بشكل عام”.

وياتي فيلم الأيدي الناعمة واحد من أبرز تلك الأعمال التي تناولت قضايا يوليو، والذي جاء عن قصة الكاتب الكبير توفيق الحكيم، ومن إخراج محمود ذو الفقار، حيث تدور أحداثه حول أبناء العائلة المالكة المصرية، والذي تم تأميمم املاكه لصالح الدولة، ولم يترك له إلا قصرة لكي يعيش فيه دون أي أموال تذكر، ليبدأ هذا البرنس السابق في التعرف على الحياة الحقيقية ليتكسب رزقه عن طريق تأجير قصره المهيب لمجموعة من عامة الشعب، من أمثال تاجر المواشي وزوجته، والأرملة الحسناء ووالدها.

يرتبط البرنس العاطل عاطفيا بالأرملة، ويصدم عندما يعرف أنها أخت المهندس الذي تزوج ابنته الكبرى ضد رغبته لأنه من عامة الشعب، عندما يكتشف الحقيقة، يقوم البرنس بطرد الأرملة ووالدها وابنته ليندم فيما بعد على فعلته، ويبدأ رحلة البحث عن العمل حتى يعيد نفسه وفقا لإمكانياته، ليعمل أخيرا مرشدا سياحيا وتزوج الأرملة ويتصالح مع واقعه الجديد.