رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«الأقباط الكاثوليك» يحتفلون بالأب أنطوان شفرييه مؤسس جمعية كهنة البرادو

الكنيسة
الكنيسة

تحتفل كنيسة الأقباط الكاثوليك اليوم بذكرى الطوباوي، الأب أنطوان شفرييه مؤسس جمعية كهنة البرادو، وقال عنه الأب وليم عبد المسيح سعيد الفرنسيسكاني، في دراسة على خلفية الاحتفالات إنه ولد أنطوان شفرييه في 16 ابريل 1826م بمدينة ليون في فرنسا ،من عائلة مسيحية ومتوسِّطة الحال. سيم كاهناً  في 15 مايو 1850م بوضع يد الكاردنال بونالد، رئيس اساقفة ليون حينها، وبدأ حياته الكهنوتية في رعية القديس أندراوس، في حيّ شعبي من ضواحي المدينة ، إسمه الغيوتيير.

في هذه الضاحية العمّالية، تكدّست، حول المعامل والمصانع، جماعات عمّالية، كانت تعيش حالة فقر وبؤس؛ فكان الأب شفرييه يتألّم لهذا الأمر ويتألّم بالأخص من التباعد بين الكنيسة و"جمهور الفقراء والجهلة والخاطئين"، كما كان يسمّيهم. بعدما خدم، لمدة 7 سنين، رعية القديس أندراوس كمعاون، حصل معه أمرٌ فريد غيّر له مسيرة حياته وجعله يفهم دعوته. في ليلة ميلاد سنة 1856، عندما كان يصلّي أمام مذود الطفل يسوع ويتأمّل في فقر ربّنا وتنازله بين البشر، أحسّ بدعوة ليتبع يسوع ويسلك الطريق ذاتها التي سلكها إبن الله عندما تجسّد. " إنّ سرّ التجسّد هو الذي هداني... كنت أقول في نفسي: إنّ إبن الله نزل إلى الأرض ليخلّص البشر ويهدي الخطأة ومع ذلك ماذا نرى؟ كم من خطأة في العالم! والناس يتابعون سيرهم نحو الهلاك.

 حينئذ قرّرت أن أتبع ربّنا يسوع المسيح عن كثب، لأصبح أكثر كفاءة للقيام بعملٍ مًجدٍ لخلاص النفوس، ورغبتي هي أن تتبعوا أنتم أيضاً ربّنا عن كثب". إنّ سرّ تجسّد إبن الله وسكنه بيننا، جعل الأب شفرييه يطلب من ربنا نعمة الفقر والتواضع؛ وبعدما قرّر أن يمشي على "درب الحبّ الحقيقي"، ترك الخدمة الرعوية ليمارس الفقر المقدّس الذي مارسه يسوع. " الكلمة صار بشراً فسكن بيننا. يا لعمق هذا السر! الله معنا، الله أتى ليكلّمَنا، ليسكنَ معنا، أتى ليتحدّث إلينا ويعلّمَنا". 

بعد مشاورات عديدة منها مع خوري آرس، ترك الأب شفرييه الخدمة الرعوية وأصبح المرشد الروحي في” مدينة الطفل يسوع“التي أسّسها كميل رامبو للفقراء ومنكوبي فيضانات نهر الرون التي كانت قد اجتاحت بعض أحياء المدينة حينها (كميل رامبو هو بورجوازي إختار الفقر ليعيش مع الفقراء وقد قال فيه الأب شفرييه: "رأيت يوحنا المعمدان في الصحراء". 

في هذه المدينة، سوف يحيا الأب شفرييه حياة فقر قاسية ويرغب جديّاً في أن يقف ذاته خصوصاً على التعليم المسيحي. في هذه الأثناء، دخلت إلى المدينة الآنسة ماري بواسون، وهي شابة لها 22 سنة من العمر، كانت عاملة نسيج وأصبحت فيما بعد الرئيسة الأولى لراهبات البرادو تحت اسم "الأخت ماري". 

شعر الأب شفرييه سريعاً أنَّ اتجاهه مختلف عن اتجاه السيد رامبو. هو يريد أن ينصرف إلى التعليم المسيحي للأولاد الفقراء الذين يجمعهم في الدار بينما رامبو مهتمٌّ أكثر ببناء المشاريع لهم. فغادر الأب شفرييه مدينة الطفل يسوع لكنه بقي يتردَّد إليها إلى أن اقتبل السيد رامبو الدرجات الشموسية وصار بإمكانه أن يواصل فيها الخدمة الروحية. في 10 ديسمبر 1860 ، إستأجر الأب شفرييه ملهىً سيّىء السمعة إسمه البرادو(ثمّ اشتراه)، وحوّله إلى مكان صلاة وعبادة، وصار يستقبل فيه أولاداً فقراء لفترة ستة أشهر، يعلّمهم القراءة والكتابة والتعليم المسيحي ويحضّرهم للمناولة الأولى.

ورفض الأب شفرييه تشغيل الأولاد كما كانت تفعل سائر البيوت الخيرية وكانت ثقته بالعناية الإلهية ثابتة فكان يردِّد ويقول أنَّ البرادو هو مشروع الربّ والربّ سوف يعتني به، في السنوات الآتية، إنضمَّ لمشروع الأب شفرييه إخوة مساعدين وراهبات وكهنة ولكنه لم يبقَ منهم سوى الأخت ماري، الوحيدة التي فهمت تماماً فكرة المؤٍسِّسِ. وفي إحدى رياضاته الروحية الشخصية، دوَّن الأب شفرييه: "إنِّي أعد يسوع المسيح بأن أفتِّش عن زملاء تدفعهم الإرادة الطيبة فأتضامن معهم على عيش حياة فقر وتضحية، وعلى العمل بفعالية أكبر من أجل خلاصنا وخلاص إخوتنا، إذا كانت تلك إرادته". 

وفي 1864، كتب إلى البابا بيوس التاسع:"أنا الأب أنطوان فرنسيس ماري شفرييه من رهبانية القديس فرنسيس الثالثة، أجثو بتواضع عند قدمي قداستكم وأعرض عليكم رغبة عدة كهنة من مدينة ليون ومن أبرشيات أخرى في أن يحيوا معاً بمقدار ما تسمح لهم السلطة الأسقفية في أبرشيتهم حياة منتظمة ويمارسوا رسالتهم المقدسة دون أي مقابل إلا ما يجود به عليهم المؤمنون تلقائياً. وإني أطلب من قداستكم لي ولهؤلاء الكهنة البركة". وفي سنة 1865، أسّس مدرسة إكليريكية في ليمونست، على تلَّة فوق مدينة ليون، كي يهيّىء كهنة فقراء لتبشير الفقراء. 

في سنة 1867، قبل رعية طاحونة الهواء في جوار مدينة ليون ولكن فيما بعد عُيِّن مساعده كاهناً للرعية دون علمه. في سنة 1876، ارسل إلى روما أربعة شمامسة، هم تلاميذه الأولون الذين تخرَّجوا من المدرسة الإكليريكية، من بينهم الأب دوريه وبروش اللذان سوف يخلفان الأب شفرييه في إدارة البرادو، كتب كتاب ”التلميذ الحقيقي لسيدنا يسوع المسيح أو الكاهن بحسب الإنجيل“ وشرحه لتلاميذه الإكليريكيين. وقد قصد الأب شفرييه من خلال هذا الكتاب أن يشرك تلاميذه بالنعمة التي نالها ليلة ميلاد 1856. وقالت فيما بعد الأخت ماري أنَّ الأب شفرييه رسم نفسه في "التلميذ الحقيقي".

في يناير 1878، يزور رئيس أساقفة ليون البرادو للمرة الأولى. في الربيع، يذهب الأب جاريكو إلى دير التراب بينما تتنازع اثنين آخرين رغبة في الرحيل. إنه الإمتحان الأكبر بالنسبة للأب شفرييه والصدمة العظمى، غير أنَّ الأب جاربكو سرعان ما عاد إلى البرادو. . توفّاه الله في 2 اكتوبر 1879، عن 53 سنة. ومن أقواله: "خيرٌ لك أن تعيش عشر سنواتٍ أقلّ، وأنت تعمل في سبيل الله من أن تعيش عشر سنوات أكثر ولا تقوم بأي عمل وفى 4 أكتوبر 1986، أعلنه قداسة البابا يوحنا بولس الثاني طوباوياً.