رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

سامى نصار: لماذا حاصر المثقفون على سالم دون أنيس منصور وزويل؟

الكاتب المسرحي علي
الكاتب المسرحي علي سالم

علي سالم، الكاتب المسرحي، والذي رحل عن عالمنا في مثل هذا اليوم الموافق 22 سبتمبر ولكن من عام 2015، بعد رحلة إبداع ومسيرة أدبية حافلة، قدم خلالها العشرات من الأعمال المسرحية، من أبرزها: مدرسة المشاغبين، ولا العفاريت الزرق، حدث في عزبة الورد، الرجل اللي ضحك علي الملائكة، أنت اللي قتلت الوحش، عفاريت مصر الجديدة وغيرها.

وفي شهادة حية عن الكاتب المسرحي الراحل علي سالم، كشف الدكتور سامي نصار، عميد كلية الإنسانيات والعلوم الاجتماعية بجامعة بدر فى القاهرة، في منشور له عبر صفحته الشخصية بموقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك” العديد من كواليس حياة الكاتب الراحل.

ــ في ذكرى رحيل علي سالم.. كلمة في حق رجل مات

واستهل “نصار” شهادته، قائلا: في يوم من أيام عام 1970 في كلية الآداب جامعة القاهرة، كان أستاذنا المرحوم الدكتور عبد العزيز حمودة أستاذ الأدب الإنجليزي، يشرح لنا صور استخدام التهكم الدرامي Dramatic Irony في مسرحية ماكبث لشكسبير، وأراد أن يقرب المعنى من أذهاننا، فضرب لنا مثلا من مسلسل لفؤاد المهندس تقول فيه شويكار عبارة ”أنت اللي قتلت بابايا".. وفجأة توقف عن الشرح ثم قال هناك مسرحية لعلي سالم تعرض على مسرح الحكيم اسمها "أنت اللي قتلت الوحش" يا ليتكم تشاهدونها.

وتابع “نصار”: لأنني كنت من الدارسين والمولعين بالمسرح فقد سارعت إلى الاستجابة لنصيحة أستاذي وذهبت لمشاهدة المسرحية، والمسرحية استلهمت أسطورة أوديب وحولتها من مأساة تدور حول اللعنات المتوارثة إلى كوميديا سوداء تدور حول كيفية صناعة الطاغية، وكانت المسرحية مليئة بالإسقاطات السياسية على الزعيم الراحل جمال عبدالناصر في أعقاب نكسة 1967.

 

ــ شجاعة علي سالم

وأضاف: كانت هذه المسرحية في ذلك الوقت تعبيرا عن شجاعة مثقف ومؤلف مسرحي هو علي سالم لم يتردد في أن يعلن - في وجود عبد الناصر - أن عبادة الفرد كانت السبب في النكسة، على نحو ما حدث في المسرحية من غناء الشعب ورقصه في الشوارع على أنغام أغنية "أنت اللي قتلت الوحش" فحولت البطل إلى ديكتاتور فحلت على يديه الكارثة.

Screen Shot 2022-09-22 at 2.18.39 AM

ــ موقف علي سالم في الصلح مع إسرائيل

وأوضح الدكتور سامي نصار، خلال شهادته عن الكاتب المسرحي علي سالم: “موقف آخر لعلي سالم امتلك فيه الشجاعة لكي يسبح عكس التيار، وهو موقفه المؤيد للصلح مع إسرائيل وتطبيع العلاقات معها، ولا يعني هذا أنني أتفق معه في موقفه هذا، بل أرفض موقفه ومواقف كل المطبعين وتبريراتهم، ولكن ما أريد أن أقوله إن الرجل - كمبدع - قال رأيه في وجه الجميع منذ السبعينيات ووقف إلى جوار كلمته يدافع عنها، ولم يكن الوحيد الذي دعا إلى ذلك ودافع عنه، ولم يكن الوحيد الذي زار إسرائيل، ولكنه الوحيد الذي انهالت عليه سكاكين المثقفين وألسنتهم، وهو الوحيد الذي نجحوا في مقاطعته وحصاره ثقافيا وإعلاميا وإقصائه عن كل المؤسات الثقافية حكومية كانت أم غير حكومية حتى وفاته.. وهنا أتساءل لماذا لم يقاطع المثقفون أنيس منصور وهو فيلسوف الصلح والتطبيع، أو الدكتور أحمد زويل الذي عمل في أحد معاهد إسرائيل ونال جوائز مالية منها؟”.

وأردف “نصار”: “ليت الأمر توقف عند هذا الحد، بل اتهم علي سالم أنه مسئول عن انهيار التعليم وفساده في مصر بسبب مسرحيته مدرسة المشاغبين، التي يبدو أن أحدا لم يقرأها بينما شاهدها الجميع وضحكوا على ما ارتجله نجوم العرض المسرحي من أقوال وأفعال لم ترد في نص المسرحية”.

وتابع: “المسرحية في نصها الذي كتبه علي سالم صرخة مبكرة تحذر من الفساد الذي كان قد بدأ يضرب بجذوره في التعليم بفعل قوى السوق والانفتاح الاقتصادي الذي أنتج سوقا موازية للتعليم يتعلم فيها أبناء الأثرياء بفلوسهم، كما أنها كانت دعوة لنا كي نحترم اهتمامات أبنائنا ورغباتهم فيما يريدون أن يتعلموه ورسم مستقبلهم كما يتصورنه”.

Screen Shot 2022-09-22 at 2.19.02 AM

ــ علي سالم.. رجل امتلك شجاعة أن يقول ما يعتقد

واستكمل الدكتور سامي نصار: “لست هنا في معرض تقييم مسيرة علي سالم الفنية، وإنما أريد - من منظور شخصي – أن أقول كلمة حق في رجل امتلك شجاعة أن يقول ما يعتقد حتى لو كان مخالفا لما استقر عليه وجدان الناس أو تواضعت عليه آراؤهم أو اتفقت مصالحهم”.

واختتم “نصار”: “إن ما تعرض له علي سالم من حصار وإقصاء، بسبب موقف لم ينفرد به وحده وشاركه فيه كثيرون سرا وجهرا، قد حرمنا على مدى ثلاثين عاما، من إبداع كاتب مسرحي مسيطر على كل أدوات الإبداع، مثقف وصاحب رؤية ساخرة عند الاشتباك مع قضايا المجتمع.. والآن رحل علي سالم، صمت مكرها، ومات كمدا، دفع ضريبة جهره بما اعتقد أنه صواب.. ألا يستحق هذا الرجل - مع اختلافنا معه - كلمة إنصاف بعد الرحيل؟”.