رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

أوهام وأصنام.. خدعة الذكورة

 يروجون لفكرة فاسدة بأن المرأة ناقصة عقل ودين، كما يروجون لفكرة مضللة بأنه لا عقل للمرأة، ولكن الحقيقة كما كتبت أن «العقل لا نوع له والفكر لا نوع له»، وكذلك الشرف والكرامة والعزة لا نوع لهم، الفقه الذكورى المريض هو الذى يروج لمفاهيم الوهم عن المرأة وضدها.. كما ذكرت فى مقال الأسبوع الماضى بعنوان «قوة نون.. وفقه الرجال»، وانتهيت بأن هذا الفقه يدعى المطالبة بحرية المرأة، والحقيقة أنه يريد الوصول إليها والسيطرة عليها.
وصلتنى رسائل وتعليقات عديدة عن أفكار المقال، وبعيدًا عن تعليقات المجاملة الفيسبوكبة بالمدح والإشادة، قرأت التعليق المهم للسيدة الفاضلة سمية أبوالمجد، الذى جاء فيه أنه «ليس كل ذكر رجل.. فالذكورة نوع، أما الرجولة فهى صفة وتكليف شاق لا يقدر عليه كل الذكور»، وهو ما يعنى اتفاقها مع ما كتبته، ولكن تعليقها.. استدعى لدى الكثير من الأفكار التى تحتاج للحوار والنقاش.
هناك خدعة منتشرة.. أطلقت عليها «خدعة الذكورة»، وهى خدعة تروج لها الثقافة الذكورية الرجعية باعتبار أن الذكورة تعنى الرجولة. وهو تفسير  فاسد شكل ومضمون.. لأن الترويج لتلك الخدعة يعنى ببساطة عدم فهم الفرق من جهة، ومحاولة تشوية معنى الرجولة واختزالها فى كون المرأة ملكية شخصية للرجل، وكأنها سلعة تخضع للطلب حسب رغبات الرجل.. فى تجاهل تام لشخصيتها وكرامتها وعزة نفسها وفكرها ومواقفها من جهة أخرى.
ترتب على «خدعة الذكورة» وجود العديد من الأوهام التى تحولت لتصرفات يراها البعض طبيعية رغم أنها عكس ذلك، من أهم تلك الأوهام ارتباط «خدعة الذكورة» بالعنف ضد المرأة، وإيذائها نفسيًا وجسديًا.. لمحاولة استعراض القوة الافتراضية لإثبات رجولة حقيقية مفتقدة وهو نفس الوهم المرتبط بأن تحقيق الذكورة يتعارض مع حرية المرأة. وهى الحرية التى تسلبها العقلية الذكورية.. خوفًا من شخصية المرأة وتحقيقها لذاتها، وأيضًا افتقاد تلك العقلية لثقتها بنفسها أمام المرأة القوية وصاحبة الرأى الواضح والموقف الثابت.  
فرق كبير جدًا بين الذكورة والرجولة..
الذكورة فى ثقافتنا المصرية والعربية تعني: التحرش بالمرأة والتنمر بها، واستغلالها كملكية شخصية، والاستعلاء عليها لأنه يرى أنها ناقصة عقل ودين، والاستهانة بها بادعاء الحكمة والمعرفة أكثر منها.
أما الرجولة فى مفاهيم المساواة والجندر، تعنى: احترام المرأة لأنها إنسانة بالدرجة الأولى مثلها مثل الرجل، والثقة فى اختياراتها لكونها مثل الرجل كعقل ومشاعر مع التأكيد على الفروقات، وتقديرها لكونها تمتلك من المهارات والإمكانات التى تتساوى فيها مع الرجل.. وربما تكون أكثر مهارة وتحمل للمسئولية منه..

المرأة تعنى الأنوثة الحقيقية التى تتجسد فى الصبر والجمال والاحتواء والاحترام والتقدير والتسامح، والجمال هنا هو جمال الروح لأنه ثابت يلازم المرأة طيلة حياتها، ولأن جمال الشكل.. يخضع لعوامل الزمن وتقدم العمر.. فيتغير ويتبدل..

نقطة ومن أول الصبر..
المرأة للتأثير، وليست سلعة للاستهلاك والتوزيع..
الرجولة ليست بالاسم أو مجرد خانة فى بطاقة الرقم القومى..
خدعة الذكورة.. هى أصنام الخوف من المساوة وحرية المرأة..
الحياة ليست أنا أو أنت، بل أنا وأنت..
المرأة تريد القوة النبيلة.. وليست قوة الموروثات والعادات والعضلات الغاشمة..
مثل شعبى قديم: لما الأصول غابت.. الرجالة خابت..