رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

التقديرات الخاطئة.. هل أثرت الحرب الأوكرانية على صورة «روسيا» كقوة عسكرية؟

القوات الروسية
القوات الروسية

أشارت تقديرات أغلبية الخبراء قبل اندلاع الحرب الأوكرانية إلى أن روسيا ستحسم الحرب بسرعة، بسبب موازين القوى العسكرية لمصلحة موسكو؛ أو استنادا على التاريخ القريب حيث أثبت الجيش الروسي قوته في الحرب على جورجيا 2008، وضم شبه جزيرة القرم 2014، والتدخل في سوريا 2015.

رغم هذه التقديرات، إلا أنه بعد مرور أكثر من 100 يوم على بدء الغزو الروسي على أوكرانيا، لم يتم تحقيق الأهداف الرئيسية للغزو، وبدت الصورة مشوشة أمام المعلقين والمراقبين، وبدا أن القوة العسكرية الروسية محل تساؤل.

ورطة روسيا

في مارس 2014، بعد غزو روسيا شبه جزيرة القرم، قال الرئيس الأمريكي في حينه، باراك أوباما، إن روسيا ليست أكثر من "دولة عظمى إقليمية من الدرجة الثانية"، وإن أفعال فلادمير بوتين “تدل على الضعف وليس على القوة”، في حينه تم توجيه انتقاد لاذع لأوباما بسبب لامبالاته حيال القوة العسكرية العظمة لروسيا.

وخلال السنوات الأخيرة، كانت القوة العسكرية الروسية محل إعجاب كثيرين، خاصة ما سمي العقيدة الروسية الحديثة التي تسمى "الحرب الهجينة"، التي تجمع بين القوات العسكرية والسايبر والحرب النفسية- السياسية. 

خلال السبعة أشهر الماضية ومع عدم الحسم الواضح في أوكرانيا، أصبح الإعجاب بالعقيدة الروسية محل شك، وحتى الحديث عن"إقامة روسيا القيصرية" وأحلام حول "إعادة ترميم قوة وهيمنة الاتحاد السوفيتي"، وأحلام "تركيع الغرب"، أصبح بعيدا، وحل محله الحديث عن حرب استنزاف طويلة المدى لا أحد قادر على التنبؤ بنهايتها.

نجاحات أوكرانية

بالإضافة إلى عدم تحقيق الأهداف الروسية الرئيسية، فإن النجاحات الأوكرانية خلال الأيام الأخيرة "مست" بشكل واضح بصورة روسيا كقوة عسكرية، فحتى إذا لم يتحقق "الانتصار الشامل لأوكرانيا" ولم يتم إبعاد روسيا من كل المناطق التي احتلتها في حوض الدونباس وفي جزر القرم إلا أن التقدم الأوكراني وتحرير بعض الأراضي كان مثيرا للإعجاب، فقد انتقلت أوكرانيا من الدفاع المتشدد على الخطوط إلى إحراز انتصارات تكتيكية محلية، ثم تطور الأمر إلى إحراز إنجازات قطاعية مهمة على المستوى العملياتي. 

من الصعب اعتبار هذه الانتصارات أنها على سبيل الصدفة، بل تستند بوضوح إلى نجاح عملياتي واضح وإخفاق روسي.

تقديرات خاطئة

كشفت الحرب عن أن جملة من التقديرات الخاطئة لروسيا لعبت دورا كبيرا في عدم حسم العركة لصالح الروس حتى الآن، والتي يمكن عرضها على النحو التالي:

أولا: الافتراض الروسي أن أوكرانيا ستستسلم من دون حرب، وأن زيلينسكي وحكومته سيهربون، وهو ما لم يحدث. 

ثانيا: التفوق العسكري الروسي هو الذي سيهزم أوكرانيا بسرعة، وهو أيضا ما لم يحدث، في الوقت الذي مد فيه الغرب وأوروبا أوكرانيا بقوات عسكرية متطورة.

ثالثا: التقدير الروسي بأن الولايات المتحدة والغرب لن تلزم بحماية أوكرانيا وتقدم لها كل الموارد.

رابعا: التقدير الروسي حيال حلف شمال الأطلسي "ناتو” الذي افترض الروس أنه سيخاف من مواجهة روسيا، ولكن الحلف قرر التوسع وأعلن انضمام فنلندا والسويد إليه.

خامسا: عدم التنبؤ بتأثير العقوبات الأمريكية والأوروبية، والاعتقاد بأن اقتصاد روسيا سيصمد أمام العقوبات لفترة طويلة. 

سادسا: الافتراض الروسي بأن أوروبا ستنهار بسبب أزمة الطاقة، مما سيجبرها على التخلي عن أوكرانيا، ولكن ما حدث هو أن أوروبا بحثت عن بدائل للغاز الروسي.

سابعا: التقدير الروسي بأن موسكو لن تكون معزولة بسبب الدعم الصيني لها، ولكن ما حدث أن الصين حافظت على حيادها حتى تلك اللحظة كي لا تخسر استثماراتها الضخمة في الولايات المتحدة، كما رفضت الصين بيع السلاح لروسيا.