رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

كتاب للقاعدة ينصف مصر للطيران!

سماء نيويورك، أضاءها مساء السبت شعاعان، باللون الأزرق، يرمزان إلى برجى «مركز التجارة العالمى»، اللذين تم تفجيرهما فى ١١ سبتمبر ٢٠٠١. وصباح الأحد، أصدر تنظيم «القاعدة» الإرهابى، كتابًا عنوانه «عمليات ١١ سبتمبر بين الحقيقة والتشكيك»، يتضمن جدولًا زمنيًا لولادة وتنفيذ الهجمات الأكثر دموية فى تاريخ الولايات المتحدة، التى راح ضحيتها حوالى ثلاثة آلاف شخص.

الكتاب، الذى أصدرته مؤسسة «السحاب»، الذراع الإعلامية للتنظيم الإرهابى، بمناسبة الذكرى الحادية والعشرين للهجمات، يحمل توقيع المدعو أبومحمد المصرى، أو عبدالله أحمد عبدالله، الذى رصد مكتب التحقيقات الفيدرالى الأمريكى مكافأة قدرها ١٠ ملايين دولار لمن يُدلى بمعلومات عن موقعه، ثم عرفنا من تقرير نشرته جريدة «نيويورك تايمز»، فى ١٣ نوفمبر ٢٠٢٠، أن عناصر تابعة للمخابرات الإسرائيلية قامت فى أغسطس ٢٠٢٠، بتصفيته مع ابنته مريم، أرملة حمزة بن لادن، فى العاصمة الإيرانية طهران.

التنظيم الإرهابى، بحسب الكتاب، كان يستعد لهجوم يستهدف المصالح الأمريكية، منذ أن وطأت قدماه أرض أفغانستان، بهدف جر الولايات المتحدة إلى حرب استنزاف طويلة. وظهرت فكرة استخدام طائرات مدنية فى الهجوم، بعد جلسة عقدها زعيم القاعدة، فى ثمانينيات القرن الماضى، مع «جهادى مصرى»، شارك فى الحرب ضد الاتحاد السوفيتى. ولأنه كان يعمل طيارًا، اقترح الهجوم على «مبنى أمريكى مهم ورمزى»، بطائرة مدنية تحمل آلاف الجالونات من المواد القابلة للاشتعال. 

الفكرة تطورت فى السودان، الذى عاش فيه أسامة بن لادن بين عامى ١٩٩١ و١٩٩٦، بناء على مقترحين تلقاهما الأخير من مختار البلوشى وخالد شيخ محمد. غير أن التنظيم، طبقًا لما ذكره الكتاب، واجه أزمة كبيرة فى اختيار الأفراد المناسبين لتنفيذ الهجوم، إلى أن جرى تنفيذ هجمات السفارات الأمريكية سنة ١٩٩٨، وبدأ الشباب يتوافدون على التنظيم، فجرى تكليف مسئولى معسكرات التدريب باختيار المناسبين منهم، لإلحاقهم بمدارس طيران فى دول مختلفة، قبل أن يتم تدريبهم فى معسكر «عيناك» الأفغانى على اختطاف الطائرات.

الكلام يتوافق، نسبيًا، مع التقرير الذى أصدرته اللجنة، التى حققت فى أحداث ١١ سبتمبر، «اللجنة الوطنية للتحقيق فى الهجمات الإرهابية على الولايات المتحدة»، والذى نسب فكرة استخدام الطائرات المدنية إلى خالد شيخ محمد، ووصفته بأنه «مهندس الهجمات». لكن ما يعنينا هو أن ما ذكره «كتاب القاعدة» ينفى بشكل قاطع، علاقة الفكرة بحادث طائرة مصر للطيران، التى سقطت بعد سنوات من ولادتها، ولادة الفكرة، وبعد سنة على الأقل من بداية تنفيذها. 

كانت نيللى لحود، قد زعمت فى كتابها «أوراق بن لادن»، أن «ولادة فكرة ١١ سبتمبر»، خرجت من حادثة مصر للطيران، التى سقطت فى ٣١ أكتوبر ١٩٩٩، وروّجت لرواية أن «قائد الرحلة رقم ٩٩٠ أسقطها عمدًا، قبالة ساحل نيو إنجلاند»، وأضافت أن الفكرة أعجبت زعيم القاعدة، و«توصل بعدها إلى خطة لتوجيه الطائرات نحو رموز القوة الأمريكية، بينها المركز المالى فى نيويورك، ومبنى البنتاجون، ومبنى الكابيتول فى واشنطن العاصمة». والإشارة هنا قد تكون مهمة إلى أن ما زعمته «لحود»، التى توصف بأنها متخصصة فى الحركات المتطرفة، سبقتها إليه قناة «فوكس نيوز» التى نسبت هذه الرواية، فى فبراير ٢٠١٦، إلى ناصر الوحيشى، الذى كان زعيمًا لفرع تنظيم القاعدة فى اليمن، وقامت طائرة دون طيار، سنة ٢٠١٥، بتصفيته.

.. وتبقى الإشارة إلى أن الولايات المتحدة أقرت رسميًا، بعد ٢١ سنة من سقوط الطائرة، بوجود عيب فنى فى مجموعة الذيل، بعد أن تعمّد التقرير، الذى أعدته «هيئة سلامة الطيران الأمريكية» إخفاء الحقائق المتعلقة بالحادث، بتواطؤ من إدارة الطيران الاتحادية ومكتب التحقيقات الفيدرالى الأمريكى، لاتهام مساعد الطيار جميل البطوطى، بأنه تعمد الانتحار وإسقاط الطائرة، حفاظًا على سمعة شركة «بوينج»، ولإخلاء مسئولية أجهزة الأمن والمخابرات الأمريكية، عن احتمال وجود عملية تخريبية.