رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

حبوب أوكرانيا.. الجوع يفتك بالدول الفقيرة والسفن تتجه للأثرياء

السفن الأوكرانية
السفن الأوكرانية

قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، اليوم الأربعاء، إن كل صادرات الحبوب التي خرجت من موانئ أوكرانيا تم تصديرها إلى أوروبا وليس إلى الدول الفقيرة، مشيرًا إلى أنّ الدول الغربية تسعى إلى الإبقاء على نظام عالمي يبقى على هيمنتها ويحقق مصالحها دون الآخرين.

وأضاف بوتين في كلمة في الجلسة العامة لمنتدى الشرق الاقتصادي المنعقد في نسخته السابعة في مدينة فلاديفوستوك الروسية أن الدول الغربية خالفت كل مبادئ الاقتصاد العالمي، وأحد أبرز أسباب التراجع الاقتصادي في أوروبا هو قرارهم قطع العلاقة مع روسيا، مؤكدًا أن الغرب يتصرف بمنطق الدول الاستعمارية. 

وذكر أن سفينتين فقط من أصل 87 سفينة توجهتا إلى دول فقيرة حاملتين 60 ألف طن من الحبوب، واتهم الغرب بانتهاج خط استعماري.
 

** إلى أين اتجهت سفن الحبوب الأوكرانية؟
 

كشفت صحيفة التايمز البريطانية في تقرير لها في التاسع من أغسطس الماضي، عن أن شحنات الحبوب التي غادرت من الموانئ الأوكرانية بعد توقيع اتفاق الحبوب في الأول من أغسطس بين أوكرانيا وروسيا بوساطة أممية، لم تتجه لأي من الدول الفقيرة.

ووفقًا للتايمز اتجهت إحدى السفن إلى أيرلندا وتركيا وإيطاليا والصين وبريطانيا. 

وتابعت التايمز أن شحنات الحبوب لم تتجه إلى اليمن أو الصومال أو أي دولة أخرى من تلك التي تواجه "مستويات كارثية من الجوع" حتى وقت صدور التقرير.

 وكانت أول سفينة تغادر أوكرانيا بموجب "صفقة الحبوب"، على متنها 26 ألف طن متري من علف الدجاج، كانت متوجهة إلى لبنان، إلا أنها عادت من بيروت، بعد أن رفض المشتري اللبناني قبول الشحنة، بسبب أنها تأخرت عدة أشهر.

 

ميناء أوديسا

باستخدام موقع "مارين ترافيك" المتخصص في تتبع السفن والموانئ، اتضح لنا أن ميناء أوديسا يوجد به حاليًا 25 سفينة، ومن المتوقع قدوم 8 آخرين خلال الأيام القادمة، وفقًا لآخر الإحداثيات.

ومن بين السفن المستقرة حاليًا داخل الميناء، تحمل 9 سفن علم أوكرانيا، والأخريات من دول أجنبية مختلفة.


الحبوب لا تصل إلى محطتها!

تتبعنا أيضًا إحدى السفن التي غادرت أوكرانيا في 5 أغسطس الماضي، وتحمل اسم (نافي ستار)، وكانت تسير في طريقها إلى تركيا حتى توقفت تمامًا في أيرلندا في الفترة بين 24 و29 أغسطس، لتغادر مرة أخرى متجهة إلى الولايات المتحدة الأمريكية، ومن المتوقع وصولها هناك يوم 26 سبتمبر، حسب استخدامنا لموقع "فيزل فايندر".

وغادرت آخر سفينة من ميناء أوديسا بأوكرانيا، والتي تحمل اسم "سانتانا"، يوم 7 سبتمبر الحالي، متجهة إلى تركيا، ومن المتوقع أن تصل يوم 9 سبتمبر، مبحرة بسرعة 6.0 عقدة، وتحمل علم ليبيريا.

في 30 أغسطس الماضي، كان من المفترض أن تتجه سفينة كارتريا من يوزهنو بأوكرانيا إلى اليمن منطلقة من أوكرانيا، والتي يستأجرها برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة لمساعدة سكان اليمن.

ومن خلال تتبع هذه السفينة عبر موقع "مارين ترافيك"، اتضح أن السفينة المذكورة لم تصل إلى وجهتها، بينما مكثت في تركيا على مدار الأيام الماضية، مبحرة تحت علم مالطا، وتبلغ تبلغ قدرتها الاستيعابية 50320 طنًا من الوزن الساكن.

 

ماذا يحدث الآن؟
 

أرسلت أوكرانيا حتى الآن أكبر قافلة من سفن الحبوب بموجب اتفاق توسطت فيه الأمم المتحدة، بعد أن أبحرت 13 سفينة من موانئها يوم الأحد الماضي، محملة 282500 طن من المنتجات الزراعية إلى الأسواق الخارجية.

وكانت قد أبحرت 86 سفينة أبحرت منذ ذلك الحين من الموانئ الأوكرانية بموجب الاتفاق، حاملة مليوني طن من المنتجات الزراعية إلى 19 دولة.
 

في الأسبوعين الماضيين، تم تفتيش 35 سفينة من أوكرانيا في إسطنبول، مقارنة بـ25 من الأسبوعين السابقين، وفقًا لتتبع الشحنات التابع للأمم المتحدة.


** الفقراء يحصلون على سفينتين فقط من حبوب أوكرانيا

 

وفي الأول من سبتمبر وصلت سفينة مستأجرة للأمم المتحدة تحمل القمح من أوكرانيا إلى منطقة القرن الإفريقي المنكوبة بالجفاف، إلى جيبوتي، حسبما أفاد برنامج الأغذية العالمي، حيث رست ناقلة البضائع السائبة MV Brave Commander ، المحملة بـ23300 طن متري من الحبوب الأوكرانية، في مدينة جيبوتي الساحلية بعد أسبوعين من مغادرتها ميناء على البحر الأسود في أوكرانيا.

 وقال ديفيد بيسلي المدير التنفيذي لبرنامج الأغذية العالمي على تويتر: إن أول سفينة تابعة لبرنامج الأغذية العالمي تحمل الحبوب الأوكرانية منذ فبراير وصلت لتوها إلى جيبوتي.

 وتابع: "الآن، دعونا نفرغ هذا القمح ونقلها إلى إثيوبيا حيث سيتم توزيع المساعدات الغذائية داخل إثيوبيا على ملايين الأشخاص المعرضين لخطر المجاعة".

 كما أعلن برنامج الأغذية العالمي عن التخطيط لإرسال سفينة ثانية، وهي MV Karteria، محملة وجاهزة لنقل 37500 طن من القمح إلى اليمن، حيث تشتد الحاجة إليها. 

كما وصلت السفينة نافى ستار إلى فوين على الساحل الغربي لأيرلندا محملة بـ33000 طن من الذرة اتفاق الحبوب.

 

**هل فشلت الأمم المتحدة في تنفيذ الاتفاق؟

وقت توقيع اتفاق الحبوب، رحب الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو جوتيريش، بهذه الخطورة، مشيرًا إلى أن اتفاق الحبوب الروسي الأوكراني سيفتح طريقًا للصادرات الغذائية التجارية من أوكرانيا عبر البحر الأسود.

 وأضاف جوتيريش أن الاتفاق بين موسكو وكييف سيساعد على تجنب كارثة نقص الغذاء للملايين في جميع أنحاء العالم، مؤكدًا أنه منارة للأمل والفرص والإغاثة، بحسب الموقع الرسمي لمنظمة الأمم المتحدة. 

وأكد الأمين العام للأمم المتحدة أنه يجب أن يتم تنفيذ الاتفاق بالكامل، لأن العالم في أمس الحاجة إليه لمواجهة أزمة الغذاء العالمية. 

ورغم توقيع الاتفاق إلا أنه لم ينص على تحديد وجهات السفن التي تخرج من اوكرانيا، ليذهب معظمها إلى الدول الغنية بالأساس وهي الدول الأوروبية.

وبسبب هذا الأمر هد الروسي فلاديمير بوتين، اليوم الأربعاء، أنه سيناقش تعديل اتفاق تصدير الحبوب مع أوكرانيا للحد من الدول التي يمكنها استقبال الشحنات، مشيرًا إلى أن أزمة غذاء عالمية تلوح في الأفق.

وقال بوتين في منتدى اقتصادي في مدينة فلاديفوستوك، إن موسكو بذلت كل ما في وسعها لضمان قدرة أوكرانيا على تصدير حبوبها، ومع ذلك من المرجح أن تتفاقم المشاكل في سوق الغذاء العالمي مما يهدد بكارثة إنسانية وشيكة، لأن الدول الغربية الثرية هي المستفيدة من الاتفاق وتجاهلت الدول الفقيرة.