رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

خير بلدنا هو الحل

تربينا منذ الصغر على التسلية بنوع واحد من اللب، وهو لب العباد، فكان رخيص الثمن وسهلًا في تقشيره، وبديله هو اللب الأسمر الصغير.. مع الوقت، اختفي لب العباد، واستبدل بما يسمى اللب السورى الأكبر منه في الحجم ويختلف في الطعم، واختفي اللب الأسمر واستبدل باللب السوبر الأكبر حجما ويتشابه مع اللب المصري صغير الحجم ولكنه لذيذ الطعم.

وصدق قول كبارنا: إن كل شيء أصبح بلا طعم، وكما يقول جيلنا: إن كل شيء أصبح بلا قيمة حقيقية وبلا فائدة أيضا.

ففي مثل هذه الأيام كانت بيوتنا تعمر بخيرات إنتاج بلدنا من القطن المصري وعباد الشمس والذرة، فكانت بيوتنا تفخر بإنتاج الخبز البيتي بيد أمهاتنا، ومن أجل إنتاجه أو خبزه كنا نقوم بتخزين كميات كبيرة من حطب القطن وبوص العباد لاستخدامه في خبز العيش في الفرن البلدى الموجود أعلى سطح كل بيت مصري.

كانت رحلاتنا المدرسية لمصانع حلج الأقطان وإنتاج الصابون والبصل المجفف، وكلها من خيرات بلدنا التي اختفت بالتدريج، ففي كل مرحلة عمرية عشناها كانت تختفي من مصر زراعة محصول، حتى اختفت محاصيل كثيرة جميعها مرتبطة بأكلنا وعيشتنا.

لم ندرك وقتها حجم الكارثة، ولم ندرك أنها مؤامرة تحاك ببلدنا من قرارات وقف زراعات مهمة كالقطن وعباد الشمس والفول السوداني، لتختفي صناعات الزيوت والصابون وغيرهما من الصناعات المرتبطة بهذه المنتجات.

في مصر لدينا 4 شركات تعمل في إنتاج زيوت الطعام، وهى شركات تابعة للشركة القابضة للصناعات الغذائية المملوكة للدولة، وهي: الإسكندرية للزيوت والصابون، وتضم الشركة خمسة مصانع، ثلاثة منها بالإسكندرية ومصنع بكفرالزيات ومصنع بكفرالشيخ، وطنطا للزيوت والصابون والمياه الطبيعية، وأبوالهول للزيوت والمنظفات «الملح والصودا سابقاً»، والنيل للزيوت والمنظفات.

وكلها تأسست في الستينيات لتلبي احتياجات السوق المحلية، ولكن ينقصها الإنتاج الزراعي الذي يجعلها تقوم بعملية الإنتاج الكاملة من العصر والتكرير والتعبئة. 
وكشفت دراسة أجرتها الدكتورة سمر منير، رئيس قسم بحوث المحاصيل الزيتية بمعهد المحاصيل الحقلية، عن أن مصر تستورد 5.7 مليون طن سنوياً من الزيوت والبذور الزيتية، منها 2 مليون طن زيوت، و3.7 مليون طن بذور زيتية يتم عصرها في مصر بتكلفة تبلغ أكثر من 25 مليار جنيه سنوياً.

ويزداد احتياج السوق المحلية للزيوت سنوياً مع زيادة عدد السكان السريع، وكشف تقرير حديث عن استهلاك الزيوت في مصر عن أن نسبة 26% من الاستهلاك هي المسلي النباتي الذي يعتمد في إنتاجه على «زيت النخيل» المستورد بالكامل بكمية 700 آلاف طن سنويًا، وتشكل زيوت الطعام نسبة 65% من الاستهلاك، 73% منها زيت بذرة القطن وفول الصويا، و13% زيت الذرة، و14% زيت دوار الشمس، ويتبقى 7.7% من استهلاك مصر من الزيوت يذهب لصناعة الشوكولاتة والبسكويت. 
كل تلك الإحصاءات لا تعني شيئًا إلا ضرورة العودة للإنتاج المحلي من الزراعات التي توفر المواد الخام من البذور والمحاصيل المنتجة للزيوت، خاصة بعد ارتفاع الأسعار العالمية خاصة في زيوت الطعام. 

الدولة، ومع توجيهات الرئيس عبدالفتاح السيسي، شكّلت لجنة قومية من عدة وزارات لبحث سبل إعادة إنتاج الزيوت التى نستوردها كاملة بنسبة تقترب من 100%، وتدرس أيضا زراعة محصول "الكانولا"، وهو محصول كندي يتم استخراج زيوت منه بشكل وافر. 

وفي زراعة النخيل حصلت مصر هذا العام على المركز الأول من حيث إنتاج النخيل بين جميع دول العالم، وارتفعت المساحات المزروعة بالقطن لمحصول عام 2022 في مصر، لتسجل 326.5 ألف فدان.
ولم يتبقَ إلا تشجيع المزارع المصري على الإنتاج والعودة بالفلاح لحياته الطبيعية، وهو ما يبشر بالخير إن شاء الله.