رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

أزمة جديدة بين أمريكا والصين.. تسليح بايدن لتايوان بمليار دولار يفتح سيناريوهات التصعيد

بايدن
بايدن

أكدت مجلة بوليتيكو الأمريكية، أن إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن تعتزم مطالبة الكونجرس بالموافقة على بيع أسلحة بقيمة 1.1 مليار دولار إلى تايوان، تشمل 60 صاروخا مضادا للسفن و100 صاروخ جو-جو في ظل التصعيد بين الصين و أمريكا.

من جانبه، أعلن المتحدث الرسمي باسم السفارة الصينية في واشنطن، لو بينيوي، اليوم الثلاثاء، أن الصين تطالب الولايات المتحدة بالامتناع عن بيع أسلحة لتايوان، ووقف الاتصالات معها عبر الخط العسكري لتفادي زيادة التوتر في المنطقة.

سيناريوهات التصعيد بين أمريكا والصين

اعتبر عماد الأزرق رئيس مركز التحرير للدراسات والبحوث ورئيس وحدة الدراسات الصينية، إن الأزمة الصينية التايوانية ستستمر على المدى القصير والمتوسط، مستبعدا حسمها في القريب العاجل لسببين أساسيين الأول التدخل الأمريكي المستمر في الأزمة لتأجيجها بما يخدم المصالح الأمريكية ومساعيها لعرقلة الحلم الصيني العظيم والذي تستهدف بكين تحقيقه بحلول عام 2049 في الذكرى المئوية لتأسيس جمهورية الصين الشعبية والمتمثل في انجاز دولة قوية حديثة متحضرة ومتناغمة، بمعنى أن تقود النظام الدولي.

أما السبب الثاني بجسب الأزرق هو أن الصين لا ترغب ولا تسعى ولا تتمنى أن تحسم هذه الأزمة بإستخدام الأداة العسكرية، حيث أن الصين ترى تايوان جزء من أراضيها وشعبها هو جزء من الشعب الصيني، واقتصادها القوي يصب في صالح الاقتصاد الصيني ككل، وبالتالي فأي استخدام للألة العسكرية هو تدمير لأراض صينية يحدث خسائر في شعب صيني، وهو ما ترفضه الصين، وبين هذا وذاك فإن نسبة كبيرة من الشعب في تايوان تتجاوز 48 % تؤيد العودة إلى الصين والاندماج معها فيما يعرف بدولة واحدة ونظامين، وبالتالي فإن الحكومة الصين تراهن كعادتها على عامل الزمن وتغير الرغبات والمفاهيم وزيادة رغبة التايوانيين في العودة إلى حضن الصين الأم.

وقوع مواجهة عسكرية بين الصين والولايات المتحدة أمر مستبعد

وأضاف الأزرق فى تصريحات خاصة لـ"الدستور"، أنه في الوقت ذاته وقوع مواجهة عسكرية مباشرة بين الصين والولايات المتحدة على المدى القصير أو المتوسط، أمر مستبعد تماما، لعدة أسباب منها التداخل الكبير بين الاقتصادين الأمريكي والصيني، والاستثمارات المتبادلة الضخمة بين البلدين والتي تجاوزت نحو 20 مليار دولار، فضلا عن التبادل التجاري والذي بلغ خلال الفترة ما بين يناير وأبريل من العام الجاري نحو 245,73 مليار دولار، والذي بلغ خلال العام 2021 نحو 755.64 مليار دولار، كما أن الصين تملك أكبر احتياطي نقدي بالدولار في العالم بلغت 3.1197 تريليون دولار حتى نهاية أبريل، وهي أيضا أكبر دائن للولايات المتحدة الأمريكية والتي تتجاوز تريليون دولار.

وأوضح الأزرق أن الصين من الدول النووية وتمتلك مئات الرؤوس النووية، ولديها قدرات صاروخية هائلة تمكنها من الوصول إلى الأراضي الأمريكية، فضلا عن القدرات التقليدية حيث يعتبر الجيش الصيني أكبر جيش بالعالم من حيث العدد، وأصبح لديه قدرات تسليحية هائلة، وبالتالي فالصين ليست العراق أو أفغانستان أو ليبيا أو حتى صربيا، بالإضافة إلى قرب الصين جغرافيا بشدة من الحلفاء الاستراتيجيين للولايات المتحدة مثل اليابان وكوريا الجنوبية وأستراليا والفلبين وغيرها، وهو ما يهدد مصالح الدول بشدة سياسيا واقتصاديا وتجاريا وعسكريا ، ما يجعل هذه الدول تعارض بشدة أي عمل عسكري تجاه الصين، باعتبارها المتضرر الأكبر من ذلك.

وتابع الأزرق "البعد الديمغرافي والعدد الضخم لسكان الصين والبالغ 1.4 مليار نسمة يجعل من الخطر وقوع مواجهة عسكرية معها خاصة إذا ما كانت هذه القوة الديمغرافية مدعوة بقوة اقتصادية هائلة وقوة عسكرية ضخمة".

والصين من جانبها أيضا، بحسب الأزرق لا يمكن أن تقدم على الدخول في مواجهة عسكرية من أي نوع إلا إذا أجبرت على ذلك وتعرض أمنها القومي لتهديد مباشر، حيث أن الصين تمتلك استراتيجية طويلة المدى تسعى لتحقيقها بحلول عام 2049 بمناسبة ذكرى مئوية تأسيس جمهورية الصين الشعبية، بأن تصبح القوة الأولى في العالم، وهي حريصة على تحقيق هذا الهدف.

بيع واشنطن أسلحة لتايوان يأتى لإستنزاف الصين ومحاولة لإشعال المنطقة

وحول طلب الرئيس الأمريكي جون بايدن موافقة الكونجرس على بيع أسلحة لتايوان بمليار دولار، قال الأزرق إن ذلك يأتي في إطار مساعي واشنطن لاستنزاف الصين وجرها إلى فخ المواجهة العسكرية ومحاولة اشعال المنطقة، كما أنه يأتي في اطار جهود الإدارة الأمريكية التي تستهدف تصدير بنحو 10 مليارات دولار أسلحة إلى تايوان في سياق تعاملها مع الأزمة الحادة التي يتعرض لها الاقتصاد الأمريكي، والضغط على دول المنطقة وخاصة تايوان لتقل العديد من الاستثمارات إلى الولايات المتحدة وخاصة ما يتعلق بصناعة الرقائق الالكترونية وأشباه الموصلات التي تستحوذ تايوان على أكثر من 90 بالمائة من الاحتياجات العالمية، ما يجعلها تسيطر على كل الصناعات الالكترونية والتكنولوجية في العالم، مما يعني أن اندلاع حرب أمريكية – صينية حول تايوان.

وأكد الخبير السياسي أن العالم كله سيخسر كثيرا  بسبب توقف إنتاج الرقائق الالكترونية وأشباه الموصلات وهي بالغة الحيوية للصناعات الالكترونية والتكنولوجية بداية من الطائرات بمختلف أنواعها والصواريخ والسيارات والأجهزة الالكترونية ومرورا بالموبايلات حتى لعب الأطفال وغيرها من الصناعات وبالتالي فإن سيصيب الصناعة ومن خلفها الاقتصاد العالمي بالشلل التام، كما أنه سيصيب سلاسل التوريد والامداد في مقتل، ويجعلها تعاني أكثر مما تعاني بفعل كورونا والأزمة الروسية – الأوكرانية.

وتابع الأزرق "أضف إلى ذلك فإن مضيق تايوان الذي يفصل بين الصين وتايوان، والذي لاشك سيكون مسرح لأي عمليات عسكرية بين الجانبين يمر به سنويا نحو 5.6 تريليون دولار من التجارة العالمية فضلا عن 40% من التجارة اليابانية، بالإضافة إلى 60 % من سفن الشحن وناقلات النفط في العالم".

وأكد الأزرق أن الصين ستتضرر نظرا لأن الحرب وتجبرها على وقف خططها التنموية الطموحة وعرقلة استراتيجيتها لتحقيق الهدف المئوي الثاني عام 2049 والذي يأتي في الذي المئوية لتأسيس جمهورية الصين الشعبية ويتمثل هذا الهدف في إقامة دولة قوية متقدمة متحضرة متناغمة، بما يعني قيادتها للعالم، وهذا هو ما تسعى إليه واشنطن من محاولة جر الصين لهذا الفخ.