رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مجلس الأمن: عيد استقلال سعيد «ماما أوكرانيا»

"بالنسبة لروسيا، تحوّلت أوكرانيا إلى كيان معادٍ لروسيا، وهي اليوم تعاني من إفلاس أخلاقي وسياسي كامل".
.. ربما لا ننسى، خلال الأشهر، السنوات المقبلة، أن مندوب روسيا الدائم لدى الأمم المتحدة، كان يتحدث بثقة سفاح في القرن الأول من الألفية الثالثة!

*حدث في مجلس الأمن! 
قد يكون الحدث من أغرب تلك القضايا التي تصنع الحالة التي تستدعي أن يحتفي بها مجلس الأمن (...) لكن: حدث فعلا.. وفعلا باتت أوكرانيا، تحظى بعيد استقلال برعاية مجلس الأمن!

على منصة الأمم المتحدة، يقول الخبر: عقد مجلس الأمن الدولي جلسة اليوم الأربعاء لبحث صون سلام وأمن أوكرانيا، في اجتماع يتزامن مع مرور ستة أشهر على اندلاع الحرب، ومع يوم الاستقلال الأوكراني. وأشارت الأمم المتحدة إلى أن الخسائر البشرية والمادية للحرب مأساوية وهائلة وواضحة خاصة لأوكرانيا وشعبها، كما أن العواقب الاقتصادية على بقية العالم تُنذر بالسوء وتتزايد.

.. بالطبع، لا يفوت الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، "كلمة" في بداية أي  جلسة، هنا، واحتفالات بما يباد في أوكرانيا.
.. وبما يدمر في أوكرانيا. 
.. والحرب التي تجري داخل أرض أوكرانيا. 
.. الأمين العام، يرى يو استقلال أوكرانيا:
إن هذا اليوم "يمثل معلما حزينا ومأساويا- ستة أشهر منذ الغزو الروسي لأوكرانيا في 24 شباط/ فبراير.

.. أيضا، يلفت الأمين العام  إلى أنه: خلال هذه الفترة المدمرة، قُتل وأصيب آلاف المدنيين بجراح، من بينهم مئات الأطفال؛ وفقد عدد لا يُحصى من الآخرين أفراد أسرهم وأصدقائهم وأحبّائهم.
الأمم المتحدة: على الرغم من التقدم على الجبهة الإنسانية، لا بوادر على انتهاء القتال في أوكرانيا.

*انتهاكات جسيمة للقانون الدولي لحقوق الإنسان.

بمناسبة أوكرانيا وجد مجلس الأمن، من خلال أمينه العام أن عالمنا:
* أولا:
شهد العالم انتهاكات جسيمة للقانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي تُرتكب دون مساءلة تذكر، على حدّ تعبيره.

* ثانيا:
 الشتاء، سيكون قاسيا، تستمر الاحتياجات الإنسانية في التزايد بسرعة حيث يحتاج ملايين الأشخاص إلى المساعدة والحماية.

* ثالثا:
من الضروري أن تتمتع الجهات الفاعلة الإنسانية في أوكرانيا بوصول آمن ودون وعوائق إلى جميع الأشخاص الذين يحتاجون إلى المساعدة، بصرف النظر عن المكان الذي يعيشون فيه".

* رابعًا:
عواقب هذه "الحرب العبثية" محسوسة خارج أوكرانيا، موضحا أننا نشهد ظهور نقاط ضعف جديدة في بيئة عالمية منهكة بالفعل بسبب النزاعات وعدم المساواة والأزمات الاقتصادية والصحية الناجمة عن الأوبئة وتغيّر المناخ- مع تأثير غير متناسب على البلدان النامية.
* خامسًا:
أن مبادرة حبوب البحر الأسود، الموقعة في إسطنبول في تموز/ يوليو، تتقدم بشكل جيد، حيث تبحر عشرات السفن من الموانئ الأوكرانية وإليها، محمّلة حتى الآن بأكثر من 720 ألف طن متري من الحبوب والمنتجات الغذائية الأخرى".
الصفقة- بحسب مصادر الأمم المتحدة-لم تكن ممكنة لولا النهج البنّاء لكل من أوكرانيا وروسيا وجهود الحكومة التركية. 
* سادسا:
جيوسياسية، أمنيا، واقتصاديًا، يشير الأمين العام للأمم المتحدة": يُعدّ الحصول على المزيد من المواد الغذائية والأسمدة من أوكرانيا وروسيا بتكاليف معقولة أمرا حيويا لزيادة تهدئة أسواق السلع الأساسية وخفض الأسعار للمستهلكين.

* وفي الشهر السابع؟

عسكريا دخلت الحرب الروسية الأوكرانية، شهرها السابع، وهي أتمت نصف عام، ستة أشهر على مأساة  أوكرانيا، أكثر من 5 آلاف قتيل من المدنيين و473 هجمة على مراكز ومستشفيات الرعاية الصحية. 
ولا بوادر دبلوماسية محلية أو أوروبية أو أمريكية  على انتهاء القتال. 
.. وفي الشهر السابع، يقف غوتيريش، ينظر كالمعتاد في خطابه المعد سلفا، ينظر في وسط القاعة التي ملت تراكم الخطابات والبيانات والقرارات منتهية الصلاحية، يقول:
"على الرغم من التقدم على الجبهة الإنسانية، لا يُظهر القتال في أوكرانيا أي بوادر على الانتهاء، مع ظهور مناطق جديدة محتملة لتصعيد خطير". 
.. وبعاطفة مؤلمة، فيها طابع سياسي تحريضي، قال: "هناك مكانان حاضران دائما في ذهني- وفي مناقشاتي في أوكرانيا- وهما أولينيفكا وزابوروجيا"، ذلك عن شعوره بقلق بالغ (...) إزاء الوضع في أكبر محطة للطاقة النووية في أوروبا- زابوروجيا- وفي محيطها.
.. بالطبع القلق البالغ، لم يمنع حفل عيد الميلاد، للمولد أوكرانيا، تحت الحرب الروسية التي تضرب في العمق الأوكراني.

*عيد استقلال سعيد ماما أوكرانيا.

حرفيا، منصة الأمم المتحدة، نقلت مراسم الاحتفاء بدمار أوكرانيا صراع حلف الناتو والولايات المتحدة والدب الروسي، غوتيريش :هنّأ الشعب الأوكراني في الذكرى الحادية والثلاثين لاستقلال بلدهم. وقال: "يحتاج شعب أوكرانيا- وخارجها- إلى السلام، هم بحاجة إلى السلام الآن. سلام بما يتماشى مع ميثاق الأمم المتحدة، سلام بما يتماشى مع القانون الدولي".
.. وفي عمق الجيوسياسية الدولية تحذيرات قد تصنع الانفلات الأمني الدولى، الانهيار النووي، فالأمم المتحدة تدق ناقوس الخطر مجددا مع ورود تقارير شبه يومية عن "حوادث مقلقة" تتعلق بمحطة زابوروجيا في أوكرانيا.

*الحقائق وراء الأبواب٠
*الحقيقة الأولى:
اليوم، وبعد ستة أشهر بالضبط، لا تلوح في الأفق نهاية للصراع الذي أشعله غزو الاتحاد الروسي.

* الحقيقة الثانية:
تتركز أعنف المعارك في منطقة دونباس الشرقية؛ في الجنوب بالقرب من خيرسون وزابوروجيا؛ وفي الشمال الشرقي بالقرب من خاركيف وتأثرت جميع أنحاء أوكرانيا، وليس هناك من بعيد عن متناول الضربات الصاروخية".
* الحقيقة الثالثة:
أن المدنيين يدفعون الثمن الباهظ لهذه الحرب، قامت بعثة مراقبة حقوق الإنسان في أوكرانيا  بتوثيق  عدد الضحايا المدنيين والذي بلغ 13,560 منذ اندلاع الحرب، كما وثقت تعرّض 249 من المنشآت الصحية و350 من المرافق التعليمية للأضرار أو الدمار أو استُخدمت لأغراض عسكرية.
* الحقيقة الرابعة:
الاحتياجات الإنسانية التي تستمر في التزايد. 17.7 مليون شخص على الأقل، أو 40 في المائة من السكان، يحتاجون إلى المساعدة الإنسانية والحماية، من بينهم 3.3 مليون طفل، وصول المساعدات الإنسانية هو مصدر قلق كبير. الطرق ملوثة بشدة بالذخائر المتفجرة، مما يعرّض المدنيين للخطر، ويمنع القوافل الإنسانية من الوصول إليهم".

* الحقيقة  الخامسة:
تم تسجيل أكثر من 6.6 مليون نازح داخليا، وغادر 6.7 مليون شخص آخر أوكرانيا إلى بلدان أخرى في أوروبا، معظمهم من النساء والأطفال.
ويُقدّر عدد الأشخاص الذين يحتاجون بالفعل إلى المساعدة العاجلة للتدفئة بنحو 1.7 مليون شخص، بالإضافة إلى إصلاح المأوى والاستعدادات الأخرى لفصل الشتاء، حيث من المتوقع أن تنخفض درجات الحرارة في أجزاء من البلاد إلى 20 درجة مئوية تحت الصفر.


* الحقيقة السادسة:
أثّرت الحرب بشكل كبير على القطاع الزراعي في أوكرانيا، وتركت آلاف المزارعين بدون دخل ودمّرت مرافق تخزين الحبوب وضاعفت من انعدام الأمن الغذائي بين أكثر الشرائح ضعفا، وبحسب برنامج الأغذية العالمي، 20 في المائة من سكان أوكرانيا لا يملكون ما يكفي من الغذاء.
ووفقا لتقديرات برنامج الأغذية العالمي، سيعاني 345 مليون شخص من انعدام الأمن الغذائي الحاد أو أنهم معرّضون بشدة لانعدام الأمن الغذائي في 82 دولة توجد فيها عمليات تشغيلية للبرنامج. ويمثل هذا زيادة قدرها 47 مليون شخص يعانون من الجوع الحاد بسبب التداعيات المتتالية للحرب في أوكرانيا.

* الحقيقة السابعة:
قدّر برنامج الأمم المتحدة الإنمائي أن ما يصل إلى 71 مليون شخص ربما دُفعوا بالفعل إلى براثن الفقر في الأشهر الثلاثة التي أعقبت اندلاع الحرب. تشمل المناطق المتضررة الرئيسية البلقان ومنطقة بحر قزوين وأفريقيا جنوب الصحراء الكبرى ولاسيّما منطقة الساحل.
*.. بأي حال؟ 
رئيس أوكرانيا فولوديمير زيلينسكي، تحدث لمجلس في إحاطته الثالثة، منذ اندلاع الحرب: "روسيا وضعت العالم على حافة كارثة إشعاعية. الواقع هو أن الجيش الروسي حوّل أراضي أكبر محطة نووية في أوروبا- محطة زابوروجيا للطاقة النووية- إلى ساحة حرب، وأن الغزاة الروس قتلوا آلاف الأوكرانيين ودمروا العشرات من المدن بالمدفعية".


.. وبأي حال، روسيا تحمّل كييف المسئولية؟

بكل هدوء الدب الروسي في سباته الشتوي،  قال مندوب روسيا الدائم لدى الأمم المتحدة إنه بعد الاستماع إلى التقارير بشأن الضحايا المدنيين خلال الأشهر الستة الماضية، فإن المسؤولية تقع على "نظام كييف، الذي جاء إلى السلطة من خلال انقلاب يسّرته الدول الغربية.
وأضاف أن عددا كبيرا من الذخائر يُخزن في المنشآت الطبية والتعليمية، ومنظمات مثل منظمة العفو الدولية قد أقرّت بذلك على حدّ تعبيره. ودعا إلى إجبار كييف على احترام القانون الدولي الإنساني.
ونفى أن تكون روسيا تهدد استقلال أوكرانيا، "من الواضح أن التهديد الوحيد لاستقلال أوكرانيا هو حكومة كييف، بالنسبة لروسيا، تحوّلت أوكرانيا إلى كيان معادٍ لروسيا، وهي اليوم تعاني من إفلاس أخلاقي وسياسي كامل".
.. ما نطق به الروس في مجلس الأمن، لا يمكن إدانته بنفس الطرق السابقة، وهنا حقيقة دولية، أنه تم تقييد قدرة الأمم المتحدة على تنفيذ مهمتها بشدة في السنوات الأخيرة من قبل إرادة كبار الدول الأعضاء فيها.

.. ما يحدث من روسيا، يحدث بأبشع الطرق الاستعمارية الصهيونية من حكومة وجيش الاحتلال الإسرائيلي، وقد شردت قرارات الأمم المتحدة وساعدت على عدم حل القضية الفلسطينية، ومعظم قضايا المنطقة والشرق الأوسط وشمال أفريقيا وآسيا الوسطى. 
هناك من يقول (...) ربما تكون الأمم المتحدة أبرز مظاهر النظام الدولي المبني على التوازن بين المساواة في السيادة وسياسات القوى العظمى في محاولة للحفاظ على السلام الدولي. 
في جيوسياسية المنظمات الدولية، الخفاء الأمني، بات أحد الأسرار لديمومة أي كيان سياسي،.. ومع ذلك، أقول:
تكمن القوة الحقيقية في الأمم المتحدة في الأعضاء الخمسة الذين يتمتعون بحق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن- الولايات المتحدة، وروسيا، والصين، وبريطانيا العظمى، وفرنسا. وقد استخدموا مواقعهم للحد من مشاركة المؤسسة في النزاعات الكبرى الأخيرة، بما في ذلك الحروب الأهلية في سوريا واليمن. ولكن ربما لم تبرز أي أزمة عالمية قيود مجلس الأمن أكثر من الغزو الروسي لأوكرانيا. بسبب حق النقض (الفيتو)، تمكنت موسكو من عرقلة كل الجهود في المجلس لإدانة أو التدخل في حرب عدوانية تنتهك بوضوح ميثاق الأمم المتحدة.
.. الانتهاكات تتراكم في أروقة منظمة هرمت.


*.. كيف نلبس القناع؟

.. مع الاحتفاء بعيد بلد تحت الحرب، لماذا لا يحتفل مجلس الأمن بكل بلد تحت الاحتلال او الغزو او القمع السياسي الاستعمارية، أو.. ولهذا، ما زلت لا أفهم كيف يمكنني لبس قناع ما، وأغني عيد ميلاد سعيد ماما أوكرانيا، ولا أحد في هذه البلد يمكنه إنارة.. ولو شمعة؟. 
.. لكل إنسان يؤمن بالحب والجمال:
أنر.. ولو شمعة!