رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

تاريخ عيد رقاد السيدة العذراء.. دراسة بكنيسة الروم الأرثوذكس

السيدة العذراء
السيدة العذراء

احتفلت الكنائس الغربية في مصر بعيد السيدة العذراء، الذي يحتفل به الأقباط يوم 22 من الشهر الجاري، وعلى خلفية الاحتفالات نشرت صفحة «إيماننا الأرثوذكسي القويم»، المنبثقة عن كنيسة الروم الأرثوذكس، دراسة حملت عنوان «تاريخ عيد رقاد السيدة العذراء الفائقة القداسة».

تاريخ عيد رقاد السيدة العذراء الفائقة القداسة

وقالت الدراسة: «لم يذكر الكتاب المقدس شيئاً عن انتقال العذراء بالجسد والنفس، ولا عن تقديم العبادة الدينية إلى مريم العذراء، نعم أنها دعيت من ملاك الرب «ممتلئة نعمة» و«مباركة في النساء» إذ حلّ عليها روح الله، ولكن لا تعني هذه العبارات أن نقوم بعبادتها لكن من حيث أنها والدة ربنا يسوع المسيح وقد وجدت نعمة الرب، فهي تستحق منا كل الإكرام والتمجيد لأن التكريم ليس هو العبادة، العبادة هي لله الرب يسوع المسيح، إلا أن الآباء في عظاتهم يذكرون كثيراً آيات من الكتاب المقدس تدل على انتقال العذراء، مثلا كقول داود: «قم يا رب إلى راحتك أنت وتابوت قدسك».

وأضافت: «أن تفسير الآباء يذهب إلى أن المسيح قد أدخل إلى السماء الجسم الذي منه ولد ولادة زمنية، أيضاً: «قامت الملكة من عن يمينك بألبسة مزخرفة منسوجة بخيوط مذهبة»، ونرى في هذه الآية مريم موشاة بحلة ملوكية قائمة على يمين السيد، وأيضاً هناك آية في رؤية يوحنا: «وظهرت علامة في السماء امرأة ملتحفة بالشمس وتحت قدميها القمر وعلى رأسها إكليل من اثني كوكباً».

وتابعت: «إنما تلك الآيات لا تنطبق على انتقال مريم العذراء إلى السماء إلا بالمعنى الرمزي، أما المصدر الذي استقى منه الآباء خبر صعود مريم العذراء، إلى السماء فهو الكتاب الذي كان متداولاً لدى جماعة الغنوصيين في القرن الثالث الذي يورد خبر رقادها وصعودها وهو من جملة كتب الأبوكريفا التي تحمل سيرة مريم العذراء والتي أخذت عنها الكنيسة، فهكذا بدأت الكنيسة تتداول هذه الرواية في السنين الأولى بتحفظ شديد ما بين القبول والرفض حتى القرن السادس ولكن بسبب ظهور البدعة النسطورية تقبلت الكنيسة كل ما يختص بتمجيد العذراء وكرامتها من التراث التقليدي المتوارث، لذا قام كثيراً من الآباء بتثبيت هذه الرواية في كتاباتهم وعظاتهم ومن أبرزهم القديس مودستيوس الأورشليمي وأندراوس الكريتي وفي أواخر القرن السادس كتب القديس غريغوريوس الكبير كتابه في الأسرار الذي نقرأ فيه عن رقاد مريم وصعودها».

وواصلت: «وفي أواخر القرن السادس أيضاً كتب القديس غريغوريوس أسقف تور كتاب بعنوان «مجد الشهداء» وقال فيه: «إن الرب رفع جسد البتول ونقلها بين السحب إلى السماء»، وأيضاً هناك عظات شهيرة تشهد لهذا العيد ألقاها القديس جرمانوس بطريرك القسطنطينية والقديس يوحنا الدمشقي كما تكلم عنه يوحنا التسالونيكي في نصف الأول من القرن السابع».

وأكملت: « وهكذا تكون في نهاية القرن السادس وبداية القرن السابع قد وضحت فكرة انتقال العذراء إلى السماء، أما في القرون الأربعة الأولى فليس من شهادة تتكلم على انتقال العذراء سوى فقرة من كتاب الأسماء الإلهية المنسوب إلى ديونيسيوس الاريوباجي، وقد وجدت أيضاً في تاريخ يوسابيوس القيصري آية تقول : «إنه في السنة 48 من الميلاد أخذت مريم شخصياً إلى السماء بحسب ما وجد مدوناً عن أشخاص شهدوا أن ذلك أعلن لهم شخصياً»، وهناك عظة منسوبة إلى المغبوط أوغسطين لكن البعض يقول أنها تعود إلى القديس جيروم».

وأردفت: « أما سبب قلة المعلومات والاهتمام بانتقال مريم إلى السماء وظهوره (عيد الرقاد) إلا في القرن السادس وليس قبله يعود إلى أن الكنيسة كانت تخشى من أن الافراط بتكريم العذراء قد يؤدي بالمؤمنين إلى الافراط في عبادة الأصنام شأن الوثنيين الذين عبدوا كثيراً من والدات الآلهة الكاذبة لذا لم تكثر الكنيسة من التكريم حتى لا يعبدوها المسيحيون؛ لأن العبادة لا تجب إلا لله وحده فقط وهناك سبب أخر يعود إلى الاضطهادات التي عانت منها الكنيسة إذ لم تمارس كل طقوسها وعبادتها إلا بعد انتهاء الاضطهادات العشر الكبرى».

واستطردت: «إذاً الاعتقاد بانتقال مريم العذراء إلى السماء قديم جداً يعود إلى أيام الرسل، لولا ذلك لما كانت الكنيسة جمعاء تحتفل به، و أول من حدد هذا العيد في 15 أغسطس وأمر أن يحتفل به في كل المشرق بمزيد من الحفاوة والتكريم الإمبراطور موريتيوس سنة (600)، وفي السنة نفسها أصدر البابا غريغوريوس الكبير أمراً بالاحتفال بالعيد وكان يحتفل به في الغرب قبل هذا التاريخ في (18 يناير) وأيضاً البابا ثاوذورس الأول أدخله إلى روزنامة الكنيسة في روما، وفي القرن السابع أضاف البابا سرجيوس زياحاً ليزيد من العيد رونقاً وبهاءً، وفي القرن التاسع جعله البابا لاون الرابع من الأعياد التي يحتفل بها ثمانية أيام ويكون هناك أيضاً وداع للعيد ثم أضاف «سهرانية رهبانية» وصياماً مدته أربعة عشر يوماً (1 – 15)، وكرس الإمبراطور أندونيكوس كل شهر أغسطس لتمجيد والدة الإله وإكرامها وكان ذلك في السنة (1297)، لذلك تدعو الكنيسة هذا الشهر (أغسطس) شهر مريم العذراء والدة الإله الكلية القداسة وهذا هو الدافع الرئيسي الذي جعل لشهر أغسطس طابعاً مريمياً. فالأيام الأولى (14 يوماً) ما هي إلا تقدمة لعيد الرقاد والأيام التالية حتى للوداع ما هي إلا امتداد لهذا العيد العظيم».