رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

ياسر منجى: ثقافة الحوار لا تزال بحاجة ماسة لوجوب تنشيطها وتشجيعها

دكتور ياسر منجي
دكتور ياسر منجي

يرقد الكاتب الروائي البريطاني من أصل هندي كشميري سلمان رشدي، في أحد مستشفيات مدينة نيويورك، وقد تلف كبده وفقد إحدي عينيه إثر الطعناتــ 15 ــ التي سددها إليه شاب أمريكي من أصل لبناني يدعي هادي مطر. وبحسب وكيل أعماله فإن سلمان رشدي وضع علي جهاز التنفس الصناعي.

حول واقعة الهجوم علي الكاتب سلمان رشدي، التي أعادت إلي الذاكرة مشهدًا مماثلًا تعرض إليه أديب نوبل نجيب محفوظ، خلال تسعينيات القرن الماضي، وهل تواري الفن والأدب مقابل توغل وتغول الأفكار المتشددة ودعاتها المتطرفين. 

وفي هذا الصدد قال الناقد التشكيلي دكتور ياسر منجي، في تصريحات خاصة لــ«الدستور»:  في رأيي أن الموضوع أكثر تشابكًا من مجرد حصره في إطار قضية التشدد في مقابل الإبداع.

ففي البداية، يجب ألا يدعنا هذا المشهد - برغم قسوته الصادمة - ننجرف لتصور أن عقول الناس بصفة عامة صارت أسيرة التشدد؛ وإلا كان ذلك من باب التعميم غير العلمي، كما أنه سيكون من باب المصادرة على الأمل في استمرار خطاب التسامح والحوار.

كذلك لا يمكننا القول بتواري الأدب والفن؛ بدليل وجود كثرة يصعب إحصاؤها من المبدعين النشطين والبارزين الذين يمثلون كل الأطياف الفكرية والاعتقادية بنشاط، شرقًا وغربًا، وهم يعملون بدأب، برغم كل الظروف.

وأردف «منجي»: من ناحية أخرى، أرى أهمية محاولة فهم الأمر من زاوية النظر إلى السياق المعقد لمسألة المهاجرين الشرقيين النازحين إلى الغرب، والمستوطنين فيه، بما يتصل بذلك من قضايا وإشكاليات متعددة؛ إذ يجب ألا ننسى أن كلًا من المعتدى عليه، "سلمان رشدي"، وكذلك المعتدي (وفقًا للمتواتر عنه في المصادر الإعلامية الناقلة للحدث)، مهاجران نازحان للغرب، ذو جذور مشرقية، تنطوي تركيبة كل منهما على بقايا أزمات انتقلت مع كل منهما إلى المهجر، وهي أزمات ليس أولها التناقض بين أديب ليبرالي صاحب رؤية صادمة لقناعات الكثيرين، وبين شاب يجرفه دافع عدائي للانخرط في فعل عنيف، بدلًا من تفنيد الفكر المضاد أو مقابلته بفكر مكافئ.

واستدرك «منجي»: غير أن الموقف، برغم تشابكه، يجب ألا ينسينا أن ثقافة الحوار لا تزال بحاجة ماسة لوجوب تنشيطها وتشجيعها، ولاسيما في هذه الفترة التي تجتاح العالم فيها موجة من موجات خطابات الجدل العقيم، والسخرية من الآخر، والعنف اللفظي، والجهر بالكراهية، التي بتنا نلمسها في كثرة من المواد التي تغص بها الميديا، ووسائل التواصل الاجتماعي، والإنترنت، وهي موجة تشجع - ولو بشكل غير مباشر - على التمهيد لأشكال من الممارسات العنيفة على المستوى الواقعي المعيش.

وختاما، أرى أن مسئولية المثقفين، بجميع أطيافهم، باتت ضخمة للغاية، فيما يتعلق بضرورة الحفاظ على قيمة الأمل في غد أفضل، وعدم الانجراف إلى رؤية سوداوية للجاري، مهما كان حجم وقائعه الصادمة.