رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

رواية «عنبر السرطان» ولماذا امتنع ألكسندر سولجنتسين عن نشرها لمدة 3 سنوات

ألكسندر سولجنتسين
ألكسندر سولجنتسين

غادر عالمنا في مثل هذا اليوم من العام 2008 ألكسندر سولجنتسين، الحاصل على جائزة نوبل في الآداب للعام 1970، وتعد روايته الأشهر “أرخبيل الجولاج” واحدة من أبرز روايات أدب الانشقاق، وهو الأدب الرافض للديكتاتورية السوفيتية بوجه عام، وديكتاتورية جوزيف ستالين بوجه خاص، بحسب الناقد الكبير دكتور رمسيس عوض.

وكان ألكسندر سولجنتسين قد جرد من جنسيته الروسية في العام 1974، تم نفيه خارج الاتحاد السوفيتي، وقد اختار النفي إلى الولايات المتحدة الأمريكية، إلا أنه لم ينبهر بالنموذج الغربي الأمريكي. 

يشير المؤرخ الأدبي “جهاد الترك”، في دراسته المنشورة بمجلة “الكلمة” الفصلية، إلى أن ألكسندر سولجنتسين، كان قد وصف المجتمع الأمريكي بأنه: “يعاني التدهور الروحي المريع، وإفراطه في التشبث بالنزعة المادية المبتذلة.

والأمريكيون يتميزون بالإحساس بالجبن، فقليل منهم مستعد للموت من أجل مبادئه ”وذلك خلال المحاضرة التي كان قد ألقاها في جامعة هارفرد عام 1978.  

تجربة ألكسندر سولجنتسين في السجون السوفيتة

في ربيع عام 1964 قام ألكسندر سولجنتسين بمراجعة روايته “عنبر السرطان” بهدف التخفيف من حدة انتقادها للنظام السوفيتي حتى لا تتعرض للخطر. 

ويضيف دكتور رمسيس عوض في كتابه “أدب الانشقاق”: وكانت الرواية في الأصل تتضمن تصويرا في غاية الأمانة والدقة لما رآه وعاشه ألكسندر سولجنتسين في السجون السوفيتية، جاعلة منه صورة مصغرة للحياة السوفيتية بوجه عام. 

ويتلخص جوهر رواية “عنبر السرطان”، للكاتب الروسي ألكسندر سولجنتسين، في الحكمة التي تقول: “ليس الذي سمع كالذي شاهد”، مشيرا بطبيعة الحال إلى فظاعات السجون ومعسكرات الاعتقال السوفيتية، وبعد إجراء الكثير من التغييرات على روايته “عنبر السرطان”، عرضها على الأديب “كوميليف” لتقييمها، فوجه إليها كوميليف كثيرا من الانتقادات. 

واحتفظ ألكسندر سولجنتسين بروايته “عنبر السرطان” حبيسة الأدراج لمدة ثلاثة أعوام يطالعها سرا عدد ضئيل من الأصدقاء والمعارف. وأصبحت الرواية بعد الاختصار والاستبعاد تتكون في سبعة وثمانين فصلا بدلا من ستة وتسعين فصلا.

هكذا خرجت رواية “عنبر السرطان” إلى النور

ويوضح “عوض”: وكان من الطبيعي أن يطلب ألكسندر سولجنتسين من ناشره “تفاردوفسكي” قراءة مخطوطته فهو الذي تحمس لنشر روايته “يوم في حياة إيفان دينيسوفتش”، وعرض نفسه للمخاطر، وسعيا للأمان والحفاظ على السرية طلب من  “تفاردوفسكي” الحضور إلى ريازان لقراءتها، فوافق على هذه الدعوة وسافر بالقطار إلى ريازان في 3 مايو 1964، حيث نزل ضيفا على ألكسندر سولجنتسين وزوجته. 

اقتنع “تفاردوفسكي” بعظمة رواية “عنبر السرطان” وتطلع إلى نشرها ولكنه اقترح على مؤلفها ألكسندر سولجنتسين إجراء بعض التغييرات فيها مثل استبعاد الفصل المتصل بحياة “ستالين” الخاصة باعتبارها أمرا يخفي على الجميع. ثم أعطى تفاردوفسكي هذه الرواية لزملائه في مجلة “العالم الجديد” كي يقرءوها تمهيدا لنشرها، لكن عددا منهم أبدى شيئا من التحفظ على نشرها، فقد أبرز كوندرانوفيتش قوة الرواية من الناحية الفنية، ولكنه وصفها بأنها مثيرة للجدل العنيف. قال إنه يستحيل نشر الرواية، ولكنه في نفس الوقت يستحيل من الناحية الأخلاقية الامتناع عن نشرها.

وأيضا اعترض “سانش” على نشرها فورا وطالب المجتمعين بإعادة قراءتها ووجد “كوبليف” أن الفصول التي تعالج حياة السجون تعاني من الضعف واقترح استبعادها. 

وعبر “ديمنتيف” عن تشككه في الرواية معترفا بأنها تتسم بالقوة ولكنه قال: إنها تتجاوز انتقاد الديكتاتورية الستالينية لتلقي الشكوك حول شرعية الثورة البلشفية نفسها، فضلا عن أنه اشتكي من عجز الرواية عن تقديم الحلول فالحل الذي تقترحه لا يزيد عن ضرورة التزام الإنسان بالسلوك المهذب. على نحو ما اقترح “تشارلز ديكنز” من قبل. وانتهز تفاردوفسكي فرصة تحمس لاكشين وماريا موف الشديد لنشر الرواية وعدم رفض الآخرين لها بصراحة، فأعلن أن الاتجاه العام في مجلس تحرير المجلة يميل إلى نشرها.