رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

نهاية متوقعة باغتيال زعيم القاعدة.. حقائق العملية السرية

 «العدالة تحققت.. وهذا الإرهابى تم القضاء عليه».. بهذا التصريح، أعلن الرئيس الأمريكى جو بايدن، عن مقتل زعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهرى فى غارة ، وصفتها الخارجية الأمريكية بالدقيقة، تمت عبر طائرة مسيرة دون طيار، بالعاصمة الأفغانية كابول.

* سيناريو الاغتيال..! 
.. حسمت لحظة التنفيذ، الترقب يجتاح البيت الأبيض، الكل يتبادل نظرات عن الرئيس الذى أصيب بالكورونا، قبل دقيقة من الساعة 9:48 مساء بتوقيت شرق الولايات المتحدة «01:48 بتوقيت جرينتش»، سمع صوت همهمات وطرقة واحدة على الطاولة، أجندة موبايل ما، تتوقف عند يوم 30  يوليو، واختراق صواريخ «هيلفاير»، لشرفات واسعة، انهار الهدف وتفتت. 
.. «بايدن»، فى خطاب تليفزيونى قال إن فرق المخابرات الأمريكية، حددت مكان الظواهرى، منذ دخل كابول، فى وقت سابق هذا العام وبمقتله: «العدالة تحققت».
.. فى السيناريو:
.. الظواهرى، عندما تسلم زعامة تنظيم القاعدة، متحمسًا، يتحايل عبر رسائل الفيديو، بعد مقتل أسامة بن لادن فى باكستان عام 2011،.. ولم يتغير الظواهرى، برغم تحولات وتداعيات العالم، بعد أزمة تفشى فيروس كورونا، والانسحاب الأمريكى من أفغانستان، والغزو الروسى لأوكرانيا، وتزامن ذلك مع تشتت وانهيار قوة القاعدة فى سوريا والعراق، وغير بلد. 
بمقتل أيمن الظواهرى هناك من يتذكر، أن الإدارة الأمريكية كانت خصصت مكافأة قدرها 25 مليون دولار لمن يدلى بمعلومات عن تحركات ومكان الظواهرى، الذى اختار كابول مقرا لتحركاته الإرهابية.

*.. ومع السيناريو.. هوامش تثير الحيرة.

التنسيق بين الإدارة الأمريكية، والمخابرات، والبنتاجون، تؤشر هوامش ومعلومات كثيرة تتبادلها شبكات وفضائيات التلفزة ووسائل الإعلام ومنصات التواصل الإلكترونى، أن الخطة، قبل نجاحها، حددت بدقة وبثقة عالية، من خلال مصادر متعددة، إلى حد التأكد بعد التنفيذ، أن القتيل هو أيمن الظواهري.
.. ومع السيناريو، معلومات حددت أن العملية أجهزت على الزعيم الإرهابى المطلوب، وأنه قُتل وهو فى شرفة «منزل آمن» بكابول كان يقيم فيه مع أفراد آخرين من عائلته.

«الظواهرى»، إشكالية سياسية لرجل يعمل فى خفايا الإسلام السياسى، نصب نفسه خليفة لأسامة بن لادن فى زعامة تنظيم القاعدة بعد سنوات من الحراك، كان يعد، فى الشرق العربى الإسلامى، وفى الغرب، الولايات المتحدة وأوروبا وآسيا الصغرى وشمال إفريقيا، يعد العقل المحرك لأشكال وتراتبية التنظيم ونسب الظواهرى، إنه من أسس، استراتيجيات القاعدة، سياسيا ودينيا، عدا عن مصادر وطرق التمويل. 
حتى ساعة اغتيال، كان الظواهرى، لعبة سياسية تتنقل بين سوريا والعراق وإيران وأفغانستان، ربما أوروبا وشمال إفريقيا، فالقاعدة، غبية فى التخفى، نشطة فى تزوير الوثائق والعلاقات الفاسدة، لهذا انتهت حياة الظواهرى «71 عاما»، بطريقة سرية، سريعة، فيها تكتيك أمنى وتعاون استخباراتى مع كل الفرقاء، موت محقق فى ساعات محددة، مجرد غارة أمريكية صامته، بطائرة مسيرة. عبرت سماء العاصمة كابول. 
* شيخ طريقة.. دون كاريزما

فعلا، مقتل الظواهرى، خفف سطوة القاعدة على واقع وأزمات وتنظيمات دول وبلدان المنطقة، لسنوات بقى الظواهرى، مجرد ذلك الشبح الذى يبدو لطيفًا، وهو غير ذلك تمامًا. 
لهذا، وبالرجوع إلى التسجيل المصور الأخير للظواهرى، الإرهابى «٠٠» قبل نهايته على يد القوات الأمريكية، كان فى أبريل الماضى، عندما فقدت القاعدة أدوات التواصل، واختلاق الأخبار عبر أدوات ومنصات التواصل الإعلامية والاجتماعية، وعادة ما تقوم مؤسسة السحاب، الإعلامية التابعة للتنظيم الإرهابى، بتولى تنسيق نشر فيديوهات القاعدة.

شيخ طريقة، يتقرب من الهنود، وأكد تحت شعار حرة الهند، أنه ما زال قادرا على لغو الكلام،  فمقطع الفيديو، الذى تم بثه، يشيد فيه بامرأة هندية مسلمة تحدت حظر ارتداء الحجاب.


.. القتيل الظواهرى، يرتدى وشاح الرأس الأبيض التقليدى، وإلى جانبه ملصق يحمل عبارة سيدة الهند النبيلة.. والغريب أن التسجيل، لم يمر كرسالة عالمية، بقدر ما وضع مؤشرات على الامتداد الجديد لوجود القاعدة فى آسيا الصغرى، بما فى ذلك أفغانستان، الباكستان، الهند، إيران، عدا عن نقاط الصراع فى المنطقة. 
* حقائق أخيرة 
* الحقيقة الأولى:
.. فى أنظمة عمل الأمريكان، يتم تتبع شبكات وتنظيمات الإرهاب والتطرف، وتؤكد مصادر إعلامية أوروبية وأمريكية أنه لسنوات عديدة، كانت الإدارة الأمريكية، بالتنسيق والتعاون مع حلفاء كثر، على علم بشبكة متفاعلة، كانت تدعم أنشطة الظواهرى. 
.. لعل المفارقة الأساسية هنا أن العام الماضى، أكد للمخابرات الأمريكية، حيثيات المؤشرات، التى دلت على وجود القاعدة فى أفغانستان تحديدًا.
*الحقيقة الثانية:
حددت الولايات المتحدة أن عائلة الظواهرى التى ضمت زوجته وابنته وأطفالها، انتقلوا إلى منزل فى كابول. 
إلى ساعة اغتيال الظواهرى، وقبل أن يتم تأكيد وصول الظواهرى إلى البيت الذى، كان مسرحا لاغتياله.

* الحقيقة الثالثة:
ازدادت ثقة مسئولى المخابرات الأمريكية، بالفعل حددوا هوية «الظواهرى» بشكل صحيح فى المنزل الآمن فى كابول. وفى أوائل أبريل بدأوا فى إطلاع كبار مسئولى الإدارة. وبعد ذلك أطلع جيك سوليفان، مستشار الأمن القومى، الرئيس جو بايدن.
* الحقيقة الرابعة:

حققت المخابرات الأمريكية فى عمارة وبناء المنزل الآمن وطبيعته ودققوا فى قاطنى المنزل للتأكد من أن الولايات المتحدة يمكن أن تنفذ بثقة عملية لقتل الظواهرى دون تهديد سلامة المبنى وتقليل المخاطر على المدنيين وعائلة الظواهرى، حسب المسئول.

* الحقيقة الخامسة:
عقد الرئيس بايدن اجتماعات متباينة متقطعة، مع كبار المستشارين وأعضاء الإدارة لتقييم معلومات المخابرات، وسبل أفضل مسار لتنفيذ عملية الاغتيال ، وفى أول يوليو، أطلع أعضاء الإدارة، ومن بينهم وليام بيرنز مدير وكالة المخابرات المركزية «سى.آي. إيه» بايدن على عملية مقترحة فى غرفة العمليات بالبيت الأبيض.

* الحقيقة السادسة:
أيمن الظواهرى انتهى، إذ عمدت مجموعة مختارة من كبار المحامين المشتركين بين الوكالات إلى فحص تقارير المخابرات وأكدوا أن الظواهرى هدف قانونى بناء على قيادته المستمرة للقاعدة.
بايدن، دعا فى 25 يوليو أعضاء إدارته الرئيسيين ومستشاريه لتلقى إحاطة أخيرة ومناقشة كيف سيؤثر قتل الظواهرى على علاقة أمريكا مع طالبان، من بين أمور أخرى. وبعد التماس آراء الآخرين فى الغرفة، أذن بايدن «بضربة جوية دقيقة» بشرط أن تقلل من خطر وقوع إصابات فى صفوف المدنيين.

 


* الحقيقة السابعة:
منذ أكثر من شهر، ومع أوائل يوليو عرضت مخططات العملية على الرئيس بايدن، فى قاعة «سيتويشن روم» التى تخضع لإجراءات أمنية مشددة فى البيت الأبيض، والتى تابع من خلالها الرئيس السابق باراك أوباما فى صورة باتت شهيرة جدًا، بشكل مباشر الهجوم على بن لادن العام 2011 وإلى جانبه حينها نائبه جو بايدن. 
* الحقيقة الثامنة:
على هدف خطير، مكشوف، نفذت عملية الاغتيال، الضربة فى نهاية المطاف «..» بطائرة دون طيار. أطلق صاروخان من طراز هلفاير على أيمن الظواهرى الذى قتل.. قتل على الشرفة، يراقب كابول، وربما كان يضع خطط التنسيق مع حركة طالبان الأفغانية، التى، دانت قتل زعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهرى فى العاصمة الافغانية «كابول»، واتهمت الولايات المتحدة الأمريكية بخرق الاتفاقيات والقوانين. 
.. قد تكون نهايات متوقعة، حكايات تفيض بالسرية الأمريكية التى ترصد تحولات العالم، تنفذ بشكل يزيد العنف، ويفرخ نتائج سلبية لأهداف ما زالت تنظيماتها الإرهابية، تنتج المزيد من الخراب. 
.. أسئلة المرحلة بعد أن غاب الإرهاب الذى اختار كابول عاصمة لحراكه الذى غاب، وفى هذه الحالة، ما هو الهدف النهائى لأفغانستان، وحركة طالبان، فى جوارها، ومع الإقليم وبلدان الشرق الأوسط التى عاشت مخاض التناحر الإرهابى باسم الدين السياسى، هل انتهت كابول من تمهيد الأرض لتجميع قوى وتنظيمات الإرهاب الدولى، بعد اغتيال الظواهرى، التكتيكى المختلف؟.

[email protected]
حسين دعسة، مدير تحرير فى جريدة الرأى الأردنية