رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

البنك الدولى يضع خطة للتصدى للارتفاع القياسى فى أسعار الأسمدة

البنك الدولي
البنك الدولي

قال تقرير صادر عن البنك الدولي إن ارتفاع أسعار الأسمدة، يشكل خطرًا داهمًا على الأمن الغذائي، لا سيما أن موسم الزراعة هذا الصيف قد بدأ، وحتى الآن، أثرت الحرب الدائرة في أوكرانيا في البلدان المستوردة للقمح والذرة بدرجة أكبر، غير أن الكثير من البلدان، ومن بينها بعض كبار مُصدِّري المواد الغذائية، تندرج ضمن المستوردين الصافين للأسمدة، وتمتد أسعار الأسمدة الآخذة في الارتفاع إلى مجموعة أوسع نطاقاً من المحاصيل، من بينها الأرز الذي يُعد أحد المحاصيل الأساسية، والذي لم يشهد حتى الآن ارتفاعات الأسعار الحادة المرتبطة بالحرب.

وارتفع مؤشر البنك الدولي لأسعار الأسمدة بنحو 15% عما كان عليه في وقت سابق من العام الجاري - فقد تضاعفت الأسعار لأكثر من ثلاث مرات مقارنة بالأوضاع قبل عامين، ويؤدي كل من ارتفاع تكاليف مستلزمات الإنتاج والاضطرابات التي أصابت سلاسل الإمداد والقيود المفروضة على التجارة إلى دفع الارتفاع الحاد في الأسعار في الآونة الأخيرة. 

وبدأت أسعار الغاز الطبيعي في الارتفاع الخريف الماضي تزامناً مع تصاعد حدة التوترات بين روسيا وأوكرانيا مما أدى إلى تخفيضات كبيرة في إنتاج الأمونيا، التي تمثل عنصراً مهماً في إنتاج الأسمدة المعتمدة على النيتروجين. 

وعلى المنوال نفسه، أجبر ارتفاع أسعار الفحم في الصين، الذي يمثل المادة الأولية الرئيسية لإنتاج الأمونيا هناك، مصانع الأسمدة على تخفيض إنتاجها.

وينبغي على البلدان رفع القيود المفروضة على التجارة أو قيود الحظر على صادرات الأسمدة؛ ففرض قيودٍ على الصادرات يزيد الأمر سوءاً، إذ يُصعب حصول البلدان النامية الأفقر على الأسمدة، وهي التي تواجه أعلى مستويات انعدام الأمن الغذائي والجوع. وكان هناك في أوائل شهر يونيو310 تدابير تجارية فعالة في 86 بلداً، مما أثر في الغذاء والأسمدة، وما يقرب من 40% من هذه التدابير هي تدابير تقييدية. ويقترب هذا الرقم في الوقت الحالي من مستويات لم نشهدها من قبل منذ أزمة أسعار الغذاء العالمية في الفترة من 2008-2012. وفي سبيل تيسير التجارة، يمكن للبلدان الحد من التأخيرات وخفض تكاليف الالتزام من خلال التخلص من الإجراءات البيروقراطية غير الضرورية لاستيراد السلع المستهدفة.

ويتمثل أحد العوائق المحلية التي تواجه تجارة الأسمدة العالمية في الاحتياجات التمويلية للمصنّعين والتجار والمستوردين. ففي بعض الحالات، تضاعفت الاحتياجات التمويلية لمشتري الأسمدة ثلاثة أضعاف، مما يفاقم مشكلة الندرة العامة للتمويل المتاح من البنوك التجارية المحلية في الكثير من هذه الأسواق. وقد تكون التسهيلات الائتمانية والضمانات قصيرة الأجل، التي يتم تجهيزها بفضل الدعم المقدم من الجهات الفاعلة الدولية في مجال التنمية، ضرورية في بعض الحالات.

ويجب استخدام الأسمدة بمزيد من الكفاءة، وهو ما يمكن تنفيذه من خلال تزويد المزارعين بحوافز مناسبة لتشجيعهم على عدم الاستخدام المفرط للأسمدة. وتتراوح الكفاءة في استخدام النيتروجين، على سبيل المثال، بين 30% و50% بوجه عام. 

وفي الوقت نفسه، توصي هيئة خبراء النيتروجين بالاتحاد الأوروبي بمعدل كفاءة استخدام النيتروجين يصل إلى نحو 90%. 

وتشجع إعانات الدعم -التي تشجع الاستخدام المفرط للأسمدة- الهدر أيضاً، والأسوأ من ذلك أن لهذا الأمر تداعيات بيئية مدمرة وعواقب خطيرة على صعيد تغير المناخ.

وهناك فرص لإعادة صياغة السياسات العامة وتوجيه النفقات العامة القليلة توجيهًا أفضل نحو وضع حوافز لاستخدام الأسمدة بدرجة أكبر من الإنتاجية والاستدامة. 

ومن أمثلة هذا النوع من التحول الممكن الإصلاحات التي نفذها قطاع الممارسات الزراعية المعتادة لعام 1992 التابع للاتحاد الأوروبي. فقبل تنفيذ هذه الإصلاحات، ساهم الدعم المقدم إلى القطاع الزراعي بالاتحاد الأوربي - مثل الحد الأدنى من الأسعار، وتعريفات الاستيراد، والمشتريات الحكومية - في إبقاء مستويات أسعار المزارع بالاتحاد الأوروبي فوق المعدلات العالمية، وهو ما شجّع الاستخدام المفرط للأسمدة. أما بعد تنفيذ الإصلاحات، فقد تحول الدعم المقدم إلى قطاع الممارسات الزراعية المعتادة بالاتحاد الأوروبي إلى مدفوعات مباشرة، وأصبحت أسعار المزارع أقرب إلى الأسعار العالمية. 

وأدت هذه التغييرات إلى زيادة الحوافز التي تشجع استخدام الأسمدة بكفاءة أكبر، ويجب علينا أن نستثمر في الابتكار لتطوير أفضل الممارسات وأحدث التكنولوجيات التي من شأنها أن تساعد في زيادة الإنتاجية لكل كيلوغرام من الأسمدة المستخدمة. ويتضمن ذلك الاستثمار في المعرفة لضمان استخدام الأسمدة الأنسب بالكميات الصحيحة المطلوبة لمحاصيل معينة.

كما يجب علينا الاستثمار في صحة التربة لتعظيم فاعلية الأسمدة وفائدتها. وتُعد الزراعة الدقيقة أحد أمثلة هذه التكنولوجيات المحسنة المتاحة بالفعل. ويُعد الري المسمد مثالاً آخر، وهو يجمع التسميد مع الري، حيث تستخدم الأسمدة بكميات مقاسة تحددها المستشعرات. ولكن يمكن، بل ويتعين، تنفيذ المزيد من خلال الاستثمار في توسيع حدود المعرفة للتأكد من الحد من الهدر، والحرص على ألا يُستخدم سوى الكمية الصحيحة المطلوبة لكل نبات في مرحلة معينة من النمو. ومن الخيارات الأخرى المطروحة تكملة الأسمدة التقليدية بأسمدة بيولوجية فعالة وممارسات قابلة للتطبيق. ولن يساعد ذلك في التصدي لتحديات الإمدادات الحالية فحسب، بل إنه سيقلل أيضاً من أثر الأسمدة على المناخ، وعلى التربة والموارد المائية.