رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

دراسة توضح.. العراق بين مطرقة الاضطرابات السياسية وسندان الفوضى الأمنية

العراق
العراق

نشر المرصد المصري، التابع للمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، دراسة بعنوان، "العراق بين مطرقة الاضطرابات السياسية وسندان الفوضى الأمنية" للباحث محمد فوزي، والتى تضمنت تطور الأوضاع فى الساحة العراقية والتى شهدت التطورات المتسارعة التي ارتبطت بشكل رئيس بترشيح الإطار التنسيقي الشيعي محمد شياع السوداني لمنصب رئيس الوزراء، واعتراض مقتدى الصدر على هذا الترشيح، وقام بتحريض أنصاره على اقتحام المنطقة الخضراء ومبنى البرلمان في 27 يوليو 2022، وهي الاحتجاجات التي تكررت اليوم 30 يوليو، وهي تطورات دفعت باتجاه زيادة حالة الاستقطاب السياسي في البلاد، وزادت من حالة الغموض التي تخيم على المشهد.

وتضمنت الدراسة، أنه جاء ترشيح السوداني لرئاسة وزراء العراق بعد خلافات عديدة داخل الإطار التنسيقي على شخص رئيس الوزراء القادم، وهي الخلافات التي جاءت إثر سعي بعض دوائر الإطار إلى عمل تراجع تكتيكي استجابةً للغضب الشعبي على قيادات الصف الأول في الإطار وتحميلهم مسؤولية الفشل الذي تعيشه البلاد منذ سنوات، واستشراء الفساد، مشيرا إلى أنه جاء ترشيح السوداني بعد انسحاب منافسه قاسم الأعرجي المستشار الحالي للأمن الوطني، والتى عزز من هذه الفرضية دعم المالكي ترشيحه في مفاوضات اللحظة الأخيرة داخل الإطار قبل الإعلان عنه مرشحًا وحيدًا وبالإجماع عن الإطار التنسيقي.

وأوضحت الدراسة، أنه عقب اتفاق الإطار التنسيقي الشيعي على ترشيح محمد شياع السوداني كرئيس جديد للوزراء، اقتحم المئات من أنصار "مقتدى الصدر" مبنى البرلمان في المنطقة الخضراء التي تضم مؤسسات حكومية وسفارات أجنبية، للتنديد بترشيح السوداني للمنصب، وبعد نحو ساعتين من الاحتجاجات دعا زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر في تغريدة على تويتر أنصاره إلى الانسحاب قائلًا: ثورة إصلاح ورفض للضيم والفساد، وصلت رسالتكم أيها الأحبة، فقد أرعبتم الفاسدين.. عودوا إلى منازلكم سالمين، ما دفع المتظاهرين إلى البدء في الانسحاب تدريجيًا. لكن هذه الاحتجاجات تجددت اليوم 30 يوليو، حيث اقتحم أنصار التيار الصدري المنطقة الخضراء، ودخلوا إلى مقر البرلمان، ورفعوا شعارات تندد بسياسات وممارسات الإطار التنسيقي الشيعي.

ونوهت، إلى أن الاحتجاجات المتجددة تؤكد أن تحركات التيار الصدري ستكون محددًا رئيسيًا في رسم المعادلة السياسية في العراق خلال المرحلة المقبلة، خصوصًا مع اختيار التيار الصدري لخيار التصعيد الجماهيري والاحتجاجي، بعد التحرر من شروط ومقتضيات العمل السياسي ومحاذيره، عقب استقالة الكتلة الصدرية من البرلمان، الأمر الذي فاقم أزمة الشرعية التي يعاني منها البرلمان الحالي، وأنعش النزعة الاحتجاجية في الشارع، وأكسب الصدر المزيد من المصداقية في الشارع، وذلك في إطار مساعيه لإعادة بناء قاعدته المجتمعية، وإعادة رسم معالم المشهد السياسي اعتمادًا على الأداة الاحتجاجية، استغلالًا لكونه الأكثر قدرةً على تجييش الجماهير، في ضوء قاعدته الشعبية الواسعة داخل الأوساط الشيعية وكذا السنية. لكن ومع ذلك يظل الرهان على الاحتجاجات فقط يمثل مخاطرة كبيرة من قبل الصدر، خصوصًا مع عدم الثقة في نتائج الرهان على هذا الخيار.

واستطردت، إلى أنه يواجه بعض التحديات التي قد تعوق مساعي تشكيله حكومة جديدة، ومن هذه التحديات:

أزمة الشرعية التي يعاني منها البرلمان العراقي الحالي، فقد كانت هناك تشكيكات في مشروعية هذا البرلمان، بسبب معدلات المشاركة المتدنية، وقد تصاعدت هذه التشكيكات بعد انسحاب التيار الصدري من البرلمان في يونيو الماضي، خصوصًا أن الكتلة الصدرية المنسحبة كانت هي الفائزة في انتخابات أكتوبر 2021، فضلًا عن أن السوداني لا يملك كتلة برلمانية كبيرة تدعمه، وهو الأمر الذي سيزيد من تبعيته للإطار التنسيقي الشيعي.

و تصاعد الخلاف الشيعي – الشيعي في العراق، وذلك مع تبني الصدر الواضح لخيار المواجهة مع قوى الإطار التنسيقي الشيعي، خصوصًا مع رغبة تيار الفتح الذي يقوده هادي العامري وتيار "قوى الدولة" الذي يتصدره عمار الحكيم وحيدر العبادي، لاحتواء التيار الصدري عبر ترشيح رئيس وزراء مقبول له لا يستفزه. وحتى إذا افترضنا قدرة الإطار التنسيقي على استغلال حالة الفراغ السياسي التي خلفها انسحاب الصدر من البرلمان، فإن هناك إشكالية تتعلق بالتوافق مع الكرد والسنة، خصوصًا مع إمكانية استغلال هذين التيارين لحضورهم في البرلمان من أجل عرقلة تكليف السوداني.

كما  أحد أهم التحديات التي تواجه السوداني في المرحلة الحالية ترتبط بشكل رئيس بالتصعيد الجماهيري والاحتجاجي الذي يقوم به التيار الصدري، وسعيه إلى تكوين قاعدة شعبية تجمع بين أنصاره، وبين القوى الاجتماعية والشعبية المتضررة من منظومات الحكم المتعاقبة، لعرقلة عملية تكليف السوداني على اعتبار أنه مرشح نور المالكي.

وختامًا، يمكن القول إن هناك العديد من التحديات التي تواجه عملية تكليف “السوداني” كرئيس وزراء جديد للعراق، لكن ومع ذلك يظل هناك احتمال قائم بإمكانية قدرة الإطار التنسيقي الشيعي على تجاوز هذه التحديات وتكليف السوداني، خصوصًا حال توظيف الميليشيات الشيعية من أجل مواجهة هذا التصعيد الشعبي والاحتجاجي، وكذا قدرة الإطار على عقد صفقة مع الأكراد والسنة من أجل دعم هذا المسعى، لكن التيار الصدري سيستمر في التصعيد حال تحقق هذا السيناريو، بما يدفع باتجاه البلاد نحو حالة من الفوضى الأمنية والسياسية.