رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

كيف تؤثر الأزمة السياسية فى إسرائيل على ميزانية الأمن؟

الجيش الإسرائيلي
الجيش الإسرائيلي

أحد التداعيات المهمة لتفكيك الحكومة الإسرائيلية السابقة «بينيت- لابيد» وإجراء انتخابات مبكرة، مقررة فى أول نوفمبر المقبل، هو عدم القدرة على تمرير ميزانية عام ٢٠٢٣، ما يؤثر بدوره على ميزانية الأمن الإسرائيلية.

وبالتزامن مع تلك الأزمة، تكثر مطالبات الجيش الإسرائيلى بزيادة الميزانية، بسبب التهديدات التى تواجهها إسرائيل، وتزايد التحديات الأمنية، المتمثلة فى الخطر الإيرانى، والأجنحة الموالية لطهران فى المنطقة، الأمر الذى يضع صانعى القرار فى تل أبيب فى مواجهة تحديات ضخمة، وهو ما نناقشه فى السطور التالية.

مطالب مستمرة بزيادة المخصصات الأمنية لمواجهة المنشآت النووية الإيرانية

وافق رئيس الوزراء السابق نفتالى بينيت، ووزير الجيش بينى جانتس، ووزير المالية أفيجدور ليبرمان، على زيادة ميزانية مؤسسة الدفاع فى يوليو ٢٠٢١، بمقدار ٧ مليارات شيكل، لتكون ٥٧.٨ مليار شيكل فى ٢٠٢١، و٥٨.٤ مليار شيكل فى عام ٢٠٢٢.

وفى سبتمبر ٢٠٢١، قال رئيس أركان الجيش الإسرائيلى أفيف كوخافى لموقع «واللا» العبرى، إن إسرائيل «سرعت استعداداتها لاستهداف المنشآت النووية الإيرانية»، وإن «جزءًا كبيرًا من زيادة ميزانية الدفاع مخصص لهذا الغرض».

وفى أكتوبر من نفس العام، أقرت الحكومة الإسرائيلية ميزانية إضافية لبناء قدرة عسكرية تستطيع «مهاجمة المنشآت النووية الإيرانية»، وذلك حسب ما أوردته صحيفة «تايمز أوف إسرائيل»، نقلًا عن تقرير للقناة «١٢» العبرية.

وتضمنت تلك الميزانية تمويل أنواع مختلفة من الأسلحة، على غرار المقاتلات الجوية، والطائرات المسيرة، وسبل جمع المعلومات، بالإضافة إلى «أسلحة خاصة لاستهداف مواقع نووية إيرانية تحت الأرض وشديدة التحصين». 

وفى الأسبوع الأخير من ديسمبر ٢٠٢١، صادقت اللجنة المالية على زيادة أخرى بقيمة ١.٥ مليار شيكل فى ميزانية وزارة الدفاع لعام ٢٠٢١، كما صادقت على مبلغ ٧.٤ مليار شيكل أخرى لصالح المنظومة، أى أنه تمت زيادة ميزانية الدفاع بمقدار ٩ مليارات شيكل خلال أسبوع واحد، بما فيها ٣ مليارات لتعويض عملية «حارس الأسوار»، التى شنتها إسرائيل على قطاع غزة فى ذلك العام.

تجدر الإشارة إلى أن ميزانية الجيش الإسرائيلى المذكورة أعلاه لا تشمل تمويل الأجهزة الأمنية السرية، التى تقدر ميزانيتها بـ٤.٥ مليار شيكل أخرى فى السنة، وبالطبع لا تشمل ميزانية المساعدة الأمريكية المقدرة بحوالى ١٣ مليار شيكل. 

قلق من تحول التمويل إلى قضية سياسية وعدم جاهزية الجيش

فى نوفمبر من العام الماضى، تمكن الائتلاف الحاكم من إقرار ميزانية ٢٠٢٢، لتكون أول ميزانية تجرى الموافقة عليها خلال ثلاثة أعوام ونصف العام، بسبب الجمود السياسى الذى شهدته إسرائيل فى عهد بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء الأسبق، وزعيم المعارضة الحالى.

بعد أشهر قليلة، أدت الفوضى السياسية فى إسرائيل إلى تفكيك حكومة «بينيت- لابيد»، وتم الاتفاق على إجراء انتخابات مبكرة فى نوفمبر المقبل، ما أدى لتأجيل التصويت على ميزانية عام ٢٠٢٣، وبعدها تحولت أزمة الميزانية إلى جزء من حرب الانتخابات المقررة فى نوفمبر المقبل.

وحول ذلك، صرح الجنرال احتياط يتسحاق بريك، أكثر من مرة، بأن الجيش الإسرائيلى غير جاهز لحرب برية، كما أن سلاح الجو أيضًا غير جاهز للحرب المقبلة، وأضاف أنه فى حال نشوب حرب فإنه يمكن أن تصاب القواعد الجوية الإسرائيلية بالشلل.

وقال «بريك»، لصحيفة «هآرتس»: «قواعد سلاح الجو هذه ستشكل فى الحرب المتعددة الجبهات القادمة هدفًا استراتيجيًا للعدو، وستتعرض لقصف صواريخ دقيقة تحمل رءوسًا حربية بزنة مئات الكيلوجرامات، وكذلك لطائرات مسيرة تطلق يوميًا على هذه القواعد من مسافة مئات الكيلومترات، وسلاح الجو لم يستعد لهجمات كهذه، وبالتالى فإنه لا يملك ردًا عليها».

كان «بريك» قد شغل منصب مفوض شكاوى الجنود، وقاد فى الماضى فيلقًا عسكريًا، وترأس كلية التدريب العسكرية، وفى السنوات الأخيرة أكثر من انتقاده لاستعدادات الجيش الإسرائيلى.

وخلال السباق الانتخابى، تبنى معسكر اليمين، بقيادة بنيامين نتنياهو، خطاب «بريك»، وفتح له منابره ليوجه انتقاداته اللاذعة، ما اعتبره البعض تسييسًا للأزمة، بما يساعد «نتنياهو» على العودة إلى الحكم من خلال تقديم نفسه باعتباره الشخص الوحيد القادر على حل مشكلات الجيش الإسرائيلى.

تفاهم حول التحديات وضخ مخصصات إضافية حسب الحاجة

شهدت الأسابيع الماضية تحذيرات من القادة العسكريين الإسرائيليين حول تزايد احتمالات العمل العسكرى ضد إيران، والإعلان عن خطط طوارئ يجب تنفيذها حال فشل الجهود الدبلوماسية فى تقليص برنامج طهران النووى.

كما حذر العسكريون من احتمال مواجهة إسرائيل حربًا متعددة الجبهات، يشترك فيها بعض الميليشيات الموالية لإيران فى سوريا واليمن والعراق وقطاع غزة، ما يعنى التعرض اليومى لآلاف الصواريخ والطائرات المسيّرة، مع ارتفاع معدلات العنف فى المناطق العربية، ما يحتاج لميزانية أمنية عالية.

وحسب القانون الإسرائيلى، ففى حال وجود حكومات مؤقتة لتصريف أعمال فإنه يجرى العمل بميزانية العام السابق، مع السماح بتغييرات طفيفة، حسب الاحتياجات والأولويات، وإضافات مالية تحافظ على القيمة الحقيقية للمخصصات.

وفيما يخص قطاع الأمن، فإن رئيس الأركان يحق له أن يطلب من مجلس الوزراء ملاحق للميزانية تتضمن مخصصات إضافية، وفقًا للاحتياجات الأمنية فى حينها، بحيث يعرض التهديدات الأمنية وقدرات الجيش على الاستجابة لها، والتكاليف التى يحتاجها ذلك. 

وفى تلك الحالة، يكون على مجلس الوزراء أن يحدد الأولويات ويناقش التهديدات، وله حق الموافقة أو الرفض للمقترحات التى يقدمها الجيش.

ووفقًا للمحللين فى إسرائيل، فإن الثلاثى المختص، أى وزير الدفاع ورئيس الأركان ورئيس الوزراء، يبدون متفقين على التحديات التى تواجهها إسرائيل، والردود المناسبة عليها، الأمر الذى يرفع احتمالات أن تجرى الموافقة على المخصصات الإضافية المطلوبة حال عدم إقرار الميزانية الجديدة، ويساعد فى توفير التمويل المطلوب لحين انتهاء الأزمة السياسية الحالية، خاصة أن الميزانية الحالية تنتهى فى مارس المقبل.

ومع تزايد احتمالات تشكيل حكومة جديدة قبل انتهاء الميزانية الحالية فى مارس المقبل، وانتهاء ولاية رئيس الأركان أفيف كوخافى فى يناير، يحذر المراقبون من أن إدارة خطة عسكرية متعددة السنوات تعد مهمة صعبة، لأنها ستكون غير مدعومة بميزانية دفاع جديدة، أو اتفاقية لميزانية متعددة السنوات، الأمر الذى يؤثر بشكل سلبى على قدرة الجيش الإسرائيلى على تنفيذ خطط المشتريات، أو تنفيذ إصلاحات لتعزيز الكفاءة القتالية على مدار السنوات المقبلة.