رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

غياب الأفلام الرياضية المصرية

شاهدت فيلم «Chariotsof Fire»، هو فيلم بريطانى، إنتاج ١٩٨١، ومن إخراج هيو هدسون، ولقد تكلف إنتاجه ٥ ملايين ونصف المليون دولار، وحقق إيرادات تجاوزت ٥٩ مليون دولار. 

حصل الفيلم على أربع جوائز أكاديمية من أصل سبع، من بينها جائزة أفضل فيلم، وجائزة أفضل موسيقى للموسيقار اليونانى «فانجيليس»، وقد استلهمت موسيقى الفيلم فى العديد من الموسيقات التصويرية للأفلام الشعبية، وتعبير «Chariots of Fire» مستلهم من قصيدة للشاعر البريطانى «وليام بليك»، كما ورد التعبير أيضًا فى التوراة. 

يعتمدالفيلم على رواية حقيقية، حيث تدور الأحداث حول الرياضيين البريطانيين المشاركين فى الألعاب الأوليمبية الصيفية ١٩٢٤ فى باريس.

فهو واحد من الأفلام التى تصور عالم الرياضة والمنافسات الفردية، حيث روح التحدى والمحاولة والإخفاق، والمثابرة، ولحظات الضعف والهزيمة، وتلاشى الثقة، ثم النهوض والعودة للمضمار مع التوصل لنقاط الضعف والعمل على تقويتها. 

تركز الأحداث على مسيرة العدّاء البريطانى هارولد أبراهامز، وهو يهودى إنجليزى، والذى كان يركض للتغلب على التمييز العنصرى، آنذاك، ضد اليهود، مما يجعله دائمًا فى حاجة لإثبات قدرته كبطل للعدو، فبعد انضمامه لجامعة كامبريدج يقبل تحدى الركض خلال ساحة الكلية والوصول لنقطة البداية نفسها مع انتهاء دقات ساعة منتصف النهار، وهو إنجاز لم ينجح أحد فى تحقيقه عبر ٧ قرون. ورغم سرعته التى تشبه الريح لا يستطيع الفوز بسباق مائة متر، والتغلب على البطل الاسكتلندى أو الرجل الطائر «إريك ليدل» مما يجسد له أزمة أو معضلة.

تسيطر على «هارولد» حالة من الإحباط، فهو يعرف قدرات منافسه جيدًا، ويدرك أن المشكلة تكمن فى داخله «لا أستطيع الجرى أسرع من ذلك»، لكنه لا يستسلم، ويتحدى نفسه محاولًا التغلب على معوقاته الذاتية، يستعين بمدرب خاص، الذى يقول له: أستطيع أن أحسن أداءك بياردتين «الياردة تساوى ٩١ سم تقريبًا».

ويبدأ خطة التطوير بملاحظة أداء الأسرع منه على مستوى العالم، يدرس نقاط قوتهم، يطلب منه المدرب «ركز عليهم، استوعبهم، أريد لوجوههم أن تبقى فى مخيلتك، أن تراهم كلما أغمضت عينيك».

ويصف منافسه «إريك» بأنه عدّاء عظيم للمسافات الطويلة، إنه جرىء، يركض بكل قلبه، ويبحث بعيدًا فى أعماقه. 

يسأله: «أتعلم لماذا خسرت ذلك اليوم؟.. خطواتك أسرع من اللازم ببعض إنشات فقط». 

ويبدأ معه تدريبات مكثفة لتحسين أدائه، فالفرق بينه وبين من حصل على المركز الأول أجزاء من الثانية «اركض خفيفًا كالريشة، كأنك تجرى على حجر ساخن، ستلسعك قدماك إذا لمسته». 

ويظل يدفعه للتركيز والتدريب ويعطيه من خبرته «المسافات القصيرة تحتاج لأعصاب، هى مصممة للأعصاب المشدودة، يمكن أن تدفع وتتحكم بالجرأة، لكن لا تستطيع السيطرة على الأعصاب». 

بالتوازى بين المشاهد نتابع تدريبات «إريك ليدل» الذى يجرى بين الجبال، وعلى شاطئ البحر، أو يسابق سيارة يقودها أصدقاؤه. 

ورغم اختلاف منطلقات كل منهما، حيث يتسابق «هارولد» لإثبات ذاته ومقاومة التمييز العنصرى، ويتسابق «إريك» لأن الله منحه نعمة القدرة على الركض، وهو بسعيه وفوزه يشعر برضا الرب، إلا أن كلًا من البطلين يبذل قصارى جهده فى التدريب، وفى النهاية يحقق كل منهما هدفه، فيفوز هارولد بالميدالية الذهبية فى سباق ١٠٠ متر، ويفور «إريك» بالميدالية الذهبية فى سباق ٤٠٠ متر.

مشاهدة هذا الفيلم أسعدتنى على المستوى الروحى، فهو واحد من الأفلام التى تعلى من قيمة المنافسة الرياضية، وتجعل من الرياضة وسيلة لاكتشاف الذات والوصول إلى مكامن قوتها.. لكنه أوقعنى فى التساؤل: أين أفلامنا، مسلسلاتنا، برامجنا الوثائقية من مثل هذه المضامين الجادة والإنسانية؟ 

وهو ما نحتاجه فى اللحظة الراهنة، أن نزرع فى مواطنينا روح التحدى، وأن نقدم لهم نماذج ملهمة للكفاح والتحدى فى كل المجالات.

لدينا نماذج رياضية عديدة تستحق أن نسجل قصة تحديها ونجاحها: خضر التونى، عبداللطيف أبوهيف، عمر سمرة، بسنت حميدة.. وغيرهم كثيرون. 

فمن يدفع بقصصهم إلى السينما ليكونوا مصدرًا للفخر والاقتداء.