رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

ريم بسيوني: كتابة تاريخ مصر المستقلة في العصر الإسلامي هي مشروعي الخاص «حوار»

ريم بسيوني
ريم بسيوني

أصدرت العديد من الروايات التاريخية، منها رواية “أولاد الناس” ومن ثم جاءت"  القطائع..  ثلاثية  ابن طولون"  الأولى حازت عنها جائزة نجيب محفوظ والتي تمنح عبر المجلس الأعلى للثقافة، ومؤخرا حازت على جائزة التفوق التي تعد أحد أبرز جوائز الدولة، وجاءت عن مجمل أعمالها الإبداعية. ولم تقف بسيوني عند هذا  فقد سعت إلى ان تذهب بقراء أعمالها إلى أماكن شخصياتها التاريخية.

 تكشف ريم بسيوني عن سعادتها  بتحصلها على تلك الجوائز، وتؤكد على أن التاريخ قديم ومبكر جدا مع الكتابة اللإبداعية وتشير إلى أنها كتبت ما يقرب من 40 رواية لم تدفع بهم للنشر، كل هذا أوضحته في حوارها مع الدستور:

 

بداية.. هل تصنع الجوائز في عالمنا العربي مبدع وهل تستعيد أو ترسم الجوائز خرائط جديدة لأحلام قديمة في الكتابة في اتجاه ما لدى ريم بسيوني؟

سعيدة بهذه الجائزة لانها من الدولة المصرية ، وبالنسبة لي تبقى جائزة التفوق  بجوار جائزة نجيب محفوظ  أهم الجوائز التي حصلت عليها إلى الآن الأولى لكونها جاءت  عن مجمل أعمالي ، وجائزة نجيب محفوظ لكونها تحت أسمه،  وكلاهما شرف لأي كاتب مصري  الحصول عليهما الى جانب انهما يؤكدان على ان صو ت الكاتب مسموع وهناك من يقرأ.

الجائزة دوما تعطيني مسئولية كبيرة  يصاحبها خوف أكبر، لدرجة أن تحصلي على الجائزة أمتلكني كل هذه الاحساس الذي صار مضاعفا  فاننا أمام  مسؤولية كبيرة، وهي الحفاظ على نفس المستوى في الكتابة.

هل في احترافك للكتابة  الأدبية  تمرير لبعض ما تشتغل عليه في مجال البحث الأكاديمي؟

بدأت الكتابة في وقت مبكر جدا من حياتيي في عمر ال12 عاما كنت بدات أأن اكتب الرواية وكتبت مايقرب من 40 رواية ، كل هذه الأعمال الروائية  لم تننشر ،  وهناك أعمال منها أعدت كتابتها مرة أخرى ولم انشرها بعد ،  والبداية مع النشر كانت مع رواية "رائحة البحر" عام 2005.

بالنسبة إلى اهتمامي لكتابة الرواية التاريخية يرجع إلى سبب رئيس وهو أن في الأساس باحثة علمية ، وشغوفه بالبحث العلمي في الأدب والتاريخ ، ولهذا كانت الرواية التاريخية ليس فقط مجرد تسريب اشواقي للبحث العليمي والأكاديمية عبر السرد بلأ  طرح رؤى مختلفة حول الشخصيات التاريخية ومن جوانب مختلفة ،  فمثلا في كتابتي لرواية أحمد بن طولون حكاية الثانية من القطائع "حلم أحمد"   قدمت ثلاث رؤى مختلفة عن أحمد ابن طولولون رؤية زوجته المصرية ، ووجهة نظر الحاجب ، ونظر احد الكارهين له،  لذا ستجد ان الموضوعية هى جزء اساس في الكتابة التاريخية التي اقدمها . 

جاءت جائزة نجيب محفوظ كصك اعتراف  لنموذج ما  انجزتيه في كتابة الرواية التاريخية  هل  هذا كان الحافز لكتابة   ثلاثية القطائع ؟

أكرر أن جا ئزة نجيب محفوظ شرف كبير لي . كتبت جزء كبير من القطائع قبل التحصل على جائزة نجب محفوظ،

تبدو ريم بسيوني عبر أعمالها الروائية الاخيرة  انها تسير في خط واضح وهو احتراف كتابة الرواية التاريخية ، واستعادة تاريخ مصر روائيا ؟

كان الذهاب إلى كتابة ثلاثية القطائع الغرض منه  هو  المضى في مشروعي  المتعلق بكتابة تاريخ مصر المستقلة فيما يسمى بالعصر الإسلامي  روائيا، ورواية القطائع توضح ما ذهب إليه ابن طولون من إنشاء جيش مصري وغيره من الإنجازات.

وأنا أكتب القطائع لم أكن في اعتقادي انها ستكون ثلاثية، مع رواية أحمد بن طولون كتبت الحكاية الأخيرة والتي تحدث عن هدم الدولة الطولنية، ومن ثم عدت لأكتب عن حياة أحمد ابن طولون ، ومن ثم عدت مرة أخرى  لأكتب عن حياة المصريين قبل أن يأتي أحمد بن طولون.

أفضل أن أكتب تحت مظلة ما هو إنساني ولا أمل أكون نسوية .. هل  الكتابة بهذا المعني فقدت  قيمتها  أو بمعنى أدق اصبحت كلمة فضفاضة و لاتخدم القضايا النسوية؟

بحب أكتب  عن المرأة القوية من التحدي ان اعبر عن شخصية الرجل  وبصدق ، واذا لم يستطيع ان يعبر عن كلاهما ، يبقى ان هناك شيء ما ناقص ، ولذلك في رواية أولا د الناس ستجد في الحكاية الثانية :قاض قوص " القاضي  عمر"  ، عبرت عنه تماما ،وعندما أقول هذا  فهو نتاج ردورد فعل وانطباعات القراء  حول الشخصية . ومازلت أؤكد أن اكتب  تحت مظلة ما هو إنساني ، وهذا ما يشغلني في الكتابة .

  ترجمت أعمالك الروائية إلى لغات أخرى  كيف ترى ريم بسيوني جواز مرور الكاتب العربي  إلى العالم الأوروبي ؟

الحقيقة اان لدينا العديد من المشكلات في الترجمة منها ان الأعمال التي يتم  أختيارها للترجمة كثير منها لا تعبر عن المجتمع العربي بصدق، وهذا لاينفي أن هناك أعمال رائعة وعظيمة ، أرى اننا في حاجة إلى أنا بشوف إن احنا ترجمة أعمال روائية تاريخية ، اجتماعية، سياسية.

فيه أعمال كتيرة جدا بتعبر عن الإنسان العربي والإنسان العربي لا يختلف كثيرا عن الإنسان في كل مكان في العالم، احنا محتاجين حاجات تدعم فكرة الإنسانية عند كل البشر، ومحتاجين إن حركة الترجمة تبقى أقوى من كده بكتير جدا، وحركة بيع الكتب للعالم الأوروبي أو الأمريكي أو الغربي عامة تكون أكبر من كده ، حظي كان حلو في الترجمة ، اشتغلت مع مترجمين كويسين جدا ، وأنا أقول إن ممكن أعمالي ماتكونش بتبين أي صورة سوداوية مع إنها بتبين وبتشرّح المجتمع وبتتكلم عن الظلم وعن الفساد، لكن هي دائما فيها بعض التفاؤل.

  سؤال الهوية واضح ومباشر في كل ما تذهبي إليه.. هل هذا نتاج شغف بقراءة التاريخ والبحث عن تعريف للهوية ؟

يمكن أنا عندي مشروع الهوية ده مهم اوي، يعني مين المصري ومين اللي يتقال عليه مصري، مين اللي بيحب البلد ، ايه اللي يميز المصري عن البلاد الأخرى ، يمكن ده مشروع موجود في كل الروايات حتى الروايات غير التاريخية.

الأعمال الروائية  الضخمة من حيث عدد صفحاتها  أصبحت شبه رهان خاسر مع القاريء  في العموم خاصة في  راهنا ، هل ترى ان ريم بسيونى ربحت الرهان  في استقطاب واستعادة  هذا النوع من الأعمال ليكون في الصدارة ؟

فعلا الروايات الطويلة كان فيه منها خوف في الأول، الناس كلها متخوفة حتى مثلا عندنا دار النشر كانت مقتنعة لكن المبيعات ماكنتش مقتنعة مثلا أو شايفين إنه مين هيشتري رواية طويلة جدا كده  لكن  هذا فعلا شجع كُتاب تانيين إنهم يبتدوا يكتبوا رواية طويلة ولايرى فيها  أي مشكلة؛ الرواية لو ممتعة كلما كانت طويلة  كلما استمتع القارئ بها أكثر.

هل سنشهد استكمال  رواية طارق ابن زياد  التي بدات كباكورة لأعمالك الإبداعية في مجال الرواية التاريخية ؟

عندك حق في حكاية طارق بن زياد دي، أتمنى إن أنا أكملها لأنها كانت فعلا رواية تعتبر مكتملة، كان فيها بس جزء أخير هو اللي فاضل ، لكن المشكلة بس اللي حصلت إن أنا كنت كتباها في حوالي 5 كراسات فيه منهم كراسة مهمة جدا ضاعت مني، فأنا ببحث عنها في كل الأماكن عشان ألاقيها، ولو لقيتها هكمل لأن أنا كنت عملت بحث علمي لمدة 3 سنين برضو ، هو كان بحث علمي مفصل وأنا في المدرسة وبعدين وأنا في الجامعة ، مش عايزة البحث ده كله يضيع ، نفسي جدا إن أنا ألاقي باقية الرواية إن شاء الله.

مناقشات الأعمال الروائية في اماكن متعلقة بها يبدو انه تقليد جديد  ويخص ريم بسيوني تحديدا كيف جاءت الفكرة ؟

تقليد مناقشة الرواية في الأماكن الخاصة بها ، يرجع بداية إلى رواية" أولاد الناس" وما تلبسني من احساس ظل يلازمني  حول  الأماكن التى ولدت فيها تلك الشخصيات ، لذا  بدأت أن اقوم بعمل  مناقشة للرواية في  الأماكن المرتبطة  بشخصياتها ، وهي اماكن بطبيعة الحال  اثرية وطرح مناقشة اعمال روائية فيها يستعيد فيها كل ما يشغل القراء من تساؤلات ، فيها استعادة للماضي وفيه  تكملة لصورة المكان الحقيقية التي لم يشهدها الناس  الا عبر الرواية .

 وأنا بكتب رواية ثلاثية  القطائع كنت ذهبت لزيارة مسجد "أحمد بن طولون " لأكثر من مرة ، لكن بعدما انتهيت من كتابة الرواية وبعد كل المعلومات التي عرفتها عن المسجد ومن  الذي بناه ، وعرائس أحمد بن طولون ، وذهبت إلى المكان مرة ثانية رأيته بوجه مختلف تماما، وهذا نفس الإحساس الذي يشغل للقارئ "كتير جدا من القراء يراسلوني ويشيرون أنا ما اقدمه جديد عليهم  يقولون :"جعلتينا  نرى الأماكن بطريقة مختلفة "، القارئ بيستمتع إن أنت تكون معاه في المكان ، إنه يعرف وجهة نظرك ، إنه يسمعك خصوصا إن أنت اللي كاتب الرواية ، ده شيء أنا سعيدة به جدا ، فيه التحام بيت الكاتب والقارئ، فيه تفاعل شديد .